الدواء الأردني زهيد..ولا إقبال عليه!
يقال أنك إذا زرت الأردن فاكسب وقتا وقم بشراء أدويتها المحلية، فهي رخيصة الثمن بالمقارنة مع الدواء الأجنبي.
ويفاخر القطاع الطبي الأردني بجودة صناعاته الدوائية وفاعليتها. فيما يصدر الأردن الدواء إلى65 دولة، متجاوزا الدول العربية مجتمعة بثلاثة أضعاف لينفرد عن غيره من البلدان بالتصدير بالمقارنة مع الاستيراد. ويميل الميزان التجاري لصالح الأردن، من حيث إجازة الدواء الأردني في أوروبا وأميركا ومعظم الدول العربية.
المؤسسة العامة للغذاء والدواء، الجهة الحكومية المسؤولة عن سلامة الغذاء ومأمونية الدواء، أعلنت أن حجم إنفاق الحكومة على مشتريات الدواء بلغت 35% كما تصل نسبة الأدوية المستوردة لصالح القطاعين العام والخاص إلى 75% نسبة الدواء الأردني فيها وصلت إلى 25%.
الدكتورة حنان السبول، الأمين العام للاتحاد الأردني لمنتجي الأدوية تتحدث عن وصول الدواء الأردني إلى ما نسبته 48% بين الأردنيين. "كل مواطنين اثنين يدخلون الصيدلية يشتري أحدهما دواءً أردنياً، فالدواء الأردني رخيص الثمن بالمقارنة مع الدواء الأجنبي".
17 مصنع دواء أردني، كفيلة بإنتاج صنوف الدواء المختلفة، لكنها وحتى الآن لم تصنع أدوية السرطان أو عدة أدوية لسبب أن تكلفة إنتاجها مرتفعة جدا؛ ما يرفع النسبة المرتجعة للميزان في صالح الأدوية الأجنبية من حيث حجم الإنفاق.
يوضح الدكتور طاهر الشخشير، نقيب الصيادلة، والناطق الإعلامي لجمعية مالكي مستودعات الأدوية، أن ما يساهم في زيادة حصة الدواء الأجنبي عن الأردني هو عدم تصنيع الأردن أدوية السرطان كونها مكلفة حيث تصل قيمة العلبة الواحدة إلى 5 آلاف دينار هناك صعوبة في تكلفة الإنتاج، إضافة إلى أدوية الخاصة بمشتقات الدم والإيدز.
لكن رئيس جمعية مستوردي الأدوية الجنيسة، الدكتور عبد الرحيم معايعة، ، لا يرى في عدد مصانع الدواء بالكثرة العددية، "هي تتشابه غالبيتها في صنوف الدواء المنتج". على اعتبار أن الطلب على المنتج لا على من مكان الصنع.
"لا يمكن أن يزداد حجم السوق الأردني أكثر من ما هو متوفر حاليا في السوق المحلية"، يقول معايعة.
يشير الدكتور معايعة إلى أن هناك منتجات دوائية لا يمكن تصنيعها في الأردن إلا بعد مرور سنوات لأنها تتعلق بشروط وتعليمات المصانع الأجنبية التي تنتج أدوية تشترط تقليد الدواء بعد كم من السنوات وضمن اتفاقية التجارة الحرة كذلك.
ويبدو أن أعداد مصانع الأدوية في الأردن لا تتناسب كماً من حيث صنوف الأدوية المنتجة، فهي كما يقول الدكتور معايعة "تقلد بعضها في إنتاج الدواء" في ظل عدم وجود موانع من قيام المصانع بإنتاج أدوية جنيسة (مثيلة) لكن ذلك يحتاج إلى أموال أكثر وكوادر أكبر.
ويرى الدكتور معايعة أن ثمة حاجة إلى "عقليات جديدة" تفهم السوق العالمي والمحلي من حيث الاحتياجات، لكن النتيجة باعتقاده يتكون حتمية من حيث "الاصطدام" بقانون الدواء والصيدلة لسنة 2001 المؤقت. (اطلع على القانون)
يعيب العاملون في قطاع الأدوية على هذا القانون "العرفي" الذي يساهم بتأخر عجلة تطور الساحة الدوائية في الأردن، ويعتقدون أن فيه من "الثغرات الكثير" وخاصة بما يتعلق بالصناعات المحلية والأدوية الجنيسة المنتجة.
يقول الدكتور معايعة إن القانون "عفا عنه الزمن ومضى"، وما يزال القطاع الدوائي أسيرا لقانون الصيدلة الموضوع منذ العام 1971 "بالمختصر نريد تشريعات جيدة تلاءم العصر الذي نعيشه".
يعارض الشخشير وجهة نظر معايعة حول القانون ويقول إن ثمة تعديل طرأ على القانون وهذه خطوة إيجابية، فعند تسجيل الدواء كان يحتاج إلى ثلاث سنوات ومع التعديل أصبح تسجيله وتسعيره يحتاج إلى 180 يوما في حد أقصى.
"المستشفيات الخاصة تدعم الصناعات الوطنية"..ذلك الموقف المعلن لجمعية أصحاب المستشفيات الخاصة الأردنية، غير أنها تبقى رهينة "لمن يريد الدواء للمريض"، فالقرار لا يعود لإدارة المستشفى إنما للطبيب المشرف على حالة المريض، يقول رئيس الجمعية الدكتور فوزي الحموري.
يضيف أن "المسؤولية تقع على نقابتي الأطباء والصيادلة وأيضا على الإدارات الصحية في القطاعين العام والخاص في أن تعطي الأفضلية للدواء الأردني..علينا جميعا الاشتغال عليها".
بالتالي فالمسؤولية تقع على عاتق الأطباء، والسؤال التلقائي يكمن في دور نقابة الأطباء الأردنيين، في تعزيز ثقة الأطباء بالدواء الأردني ونشر الوعي بالدواء الأردني بينهم، يقول نقيب الأطباء الأردنيين، الدكتور زهير أبو فارس، أن الطبيب الأردني "لديه ثقة بالمنتج المحلي، لكن مصلحة المريض هي الأساس ولا يمكن الحديث عن سعر الدواء مهما كان ثمنه أمام المريض لكن إذا كان هناك دواء محلي فالأولوية له عن الأجنبي".
ويدافع نقيب الأطباء عن الطبيب الأردني ويقول "هم يعون ذلك جيدا المنتج المحلي ونحن النقابة نتحدث دوما عن أهمية صناعة الدواء المحلي وتتواصل مع الجميع في التوعية والمتابعة لكن من حيث المبدأ فإن فاتورة الدواء في الأردن مرتفعة".
الصناعة المحلية لها أفضلية في العطاءات الحكومية والمؤسسات شبه الحكومية من حيث الشراء ودائما يدخل في منافسة السعر...أما شركات التأمين الخاصة فهي كذلك تعتمد في خدماتها الدواء الرخيص وهنا يأتي الدواء الأردني. يتحدث الدكتور طاهر الشخشير.
ويفاخر الشخشير بالتأمين الصحي لنقابة الصيادلة والتي ينتمي لها قرابة 10 آلاف صيدلي وعائلاتهم حيث يصرف لهم الدواء الأردني أولاً.
لكن الدكتور فوزي الحموري يرى أن "المسؤولية جماعية" حيث تقع على عاتق مصانع الأدوية الأردنية في أن تركز على التثقيف والتوعية.
وتوفر المستشفيات الخاصة الدواء الأردني والصنف البديل الأجنبي في صيدلياتها، والمواطن هو الذي يختار. هنا، تبرز الحاجة إلى دور أكبر لوزارة الصحة والمستودعات والمصانع في تعزيز ثقة الأردنيين بمنتجاتهم المحلية.
"هناك عدد كبير من الأدوية الأجنبية ليس لها بديل محلي"، يقول الطبيب علي أبو السمن. فيما يدلل إلى سبب آخر وهو الثقافة المنتشرة بين الكثير من المرضى في أن الدواء الأجنبي أفضل من المحلي "ويطلبون الصنف الأجنبي بالاسم، إما لاعتيادهم عليه أو لشك لدى البعض في أن الدواء الأردني لا يوازي الأجنبي. نحاول إقناعهم لكن إذا فشلنا لا نضغط عليهم ببساطة".
لو قام معنيون بمراجعة قوائم الأدوية التي يتم شراءها في العطاءات سيتم ملاحظة صنوف الأدوية المصنعة محليا وبنسبة تكاد تتجاوز 50% بمقابل الدواء الأجنبي..هذا ما تقوله الدكتورة حنان السبول وهي تمثل الاتحاد الأردني لمنتجي الدواء.
"المواطن الأردني يحتاج إلى دواء جيد ورخيص، فهو لا يسأل عن منشأ الدواء ومكانته إنما عن رخصه"..يقول الدكتور معايعة. "تكلفة الدواء الأردني أقل في الفاتورة العلاجية" يضيف الدكتور فوزي الحموري.
تزيد تكلفة الدواء في الأردن عن 255 مليون دولار سنويا، منها 100 مليون دولار لسوق القطاع الخاص و140 مليون دولار للعطاءات، بمبلغ إجمالي يصل إلى 532 مليون بمعدل (نصف مليار دولار) وفق إحصائيات جمعية مستوردي الأدوية الجنيسة.
إستمع الآن











































