الحلقة الأخيرة؟
النمط التقليدي للمسلسلات العربية يوم أن كانت سبع حلقات أو 13 حلقة او حتى 30 حلقة واكثر أنها تحمل حلقة أخيرة فيها كل الإجابات والمشاهد والنهايات السعيدة التي يريدها المشاهد، فينتصر الحق وتقام الافراح من المنتصرين وينهزم الاشرار سواء بالذهاب الى السجن او الاصابة بمرض غالبا ما يكون الشلل او الجنون او يتوب الشرير ويتحول الى مشروع رجل صالح، وهذه النهايات نفسها في كل انواع المسلسلات السورية والمصرية والخليجية وحتى الاردنية وما كان منها باللهجة البدوية او الفصحى او العامية.
لكن النمط الجديد ومنذ سنوات يحمل المشاهد 30 حلقة او اكثر، وتأتي الحلقة
الاخيرة ولا تحمل النهايات السعيدة المطلوبة والحسم الذي انتظره المشاهد،
فهذه الحلقة المنتظرة تحمل احداثا مثيرة ومتسارعة ويغلب عليها الاكشن
الاميركي, وقد يجد فيها المشاهد شيئا من الراحة لان بعض الشر ينهزم او بعض
الخير ينتصر ويموت من الطرفين اشخاص, ويعمل الكاتب والمخرج على صناعة
احداث معقدة ومتشابكة تجعل المشاهد يستبدل رغبته بانتصار الخير برغبة اخرى
وهي فهم ما يجري او الحصول على راحة لاعصابه، وتنتهي الحلقات الثلاثين مع
اعلان عن جزء آخر لينتظر المشاهد عاما هجريا كاملا ليجد اجوبة على اسئلة
فشل الجزء الاول في اعلانها، واذا وجد صانع المسلسل رواجا لطريقته كرر في
الحلقة الاخيرة من الجزء الاول في الجزء الثاني والثالث وهكذا يتم التنكيل
والتعذيب بالمشاهد ويلحق الاذى بالقصة التي تصيبها الاطالة المملة الى حد
السماجة احيانا, وينتقل العمل عاما بعد عام دون ان يجد الناس الحلقة
الاخيرة, وتغيب الحلقة الحاسمة التي تحفظ للقصة نهايات حقيقية.
وليس فقط في عالم المسلسلات اصبح هناك نظام الاجزاء وتغير مفهوم الحلقة
الاخيرة, لهذا نجد احداثا لا معنى لها الا العقاب باعتبار هؤلاء من معسكر
الاشرار لكن تخرج في النصوص معان اخرى تقدم من يعتبرهم الحدث اشرارا
وكأنهم ضحايا, وتقدم من انتصروا جزئيا وكأنهم ليسوا أخيارا كاملين وكأن
الاحداث ليست سياقا طبيعيا بل حالة اضطرارية, وهناك في مجالات عديدة ومنها
الدراما قفز الى شكل جديد من الحلقة الاخيرة حيث يغيب الحسم النهائي ولاي
موت الاشرار ولا يذهبون للسجن او الجنون بل يغادرون المشهد وعلى وجوههم
ابتسامات تحتاج الى تفسير, ولا يحقق اهل الخير الافتراضيون انتصارا كاملا
يجعلهم يفرحون ويطلقون الالعاب النارية.
قصص المسلسلات فيها تحديد لاطراف الخير والشر, فالخير رجل مظلوم او فئة
تسلط عليها الشر واهله, لكن في بعض المجالات الاخرى يحتاج الشخص الى كبير
عناء, والى استخدام الذكاء والفراسة والحكمة حتى يستطيع ان يحدد الاشرار
الحقيقيين او اهل الخير الحقيقيين, فأحيانا يجري اعطاء القداسة او اللباس
الطاهر لقضايا عادية لا تملك الحق في هذه القداسة, ولهذا فأهلها لا يكونون
اهل خير كامل ولا خصومهم اهل شر كامل بل هي حكايات وقصص لا تخلو من الصنعة
التي تجعل بعضنا يبكي على مشهد انساني في مسلسل, فالبكاء ليس لصدق الحادثة
بل لقدرة الكاتب والمخرج والممثل اي لفن التمثيل.
الحياة مليئة بالمشاهد غير الحقيقية التي تضحكنا او تسعدنا او تبكينا لان
فن التمثيل الذي يكون احيانا فنا للتضليل فيها رفيع, ويبدو أن ثورة
التكنولوجيا لم تتوقف عند شكل الحلقة الاخيرة من المسلسلات بل عند مفهوم
الحلقة الاخيرة لمجالات مختلفة, واسلوب الاكشن الاميركي في الافلام انتقل
الى مجالات عديدة في الحياة, لكن هذا النمط من الانفعال والموسيقى الصاخبة
والقفز في الهواء يخفي وراءه تمثيلا وتضليلا للمشاهد, ومن نشاهده بطلا في
حرب قد لا يكون اكثر من شخصية كرتونية في العاب الكمبيوتر او البلاي
استيشن.
ربما اصبح على المشاهدين لمجالات الحياة من سياسة واقتصاد وغيرهما ان
يكونوا اكثر وعيا وفهما وقدرة على تحديد الخير والشر ليس كما يراه المخرج
او شركات تسويق الاعمال بل كما هي الحقيقة, وأن نحدد البطل الحقيقي من
الكومبارس الذي يتحدث بلهجة الابطال.











































