الحكومة ترحب بمساهمة المجتمع المدني في الانتخابات وفق مقاييسها

الرابط المختصر

في خضم التحضيرات الحثيثة للانتخابات البرلمانية القادمة الشهر المقبل وفي ظل التصريحات المتتالية من أعلى دوائر صنع القرار في الأردن لضمان نزاهة الانتخابات،يبرز بقوة في المشهد الانتخابي خلاف بين الحكومة وبين مؤسسات المجتمع المدني على رقابة الانتخابات.
فمؤسسات المجتمع المدني تصر على حقها بالرقابة الكاملة على الانتخابات تصر الحكومة على تقنين هذه الرقابة وحصرها على الرقابة خارج مراكز الاقتراع المختلفة.
بدوره حاول رئيس الوزراء معروف البخيت الوصول إلى نقاط مشتركة بين الجانبين بالسماح الجزئي لمؤسسات من المجتمع المدني بهذا الأمر شرط أن يتم تدريبها من المركز الوطني لحقوق الإنسان وقال في تصريحاته لبرنامج ستون دقيقة الذي بثه التلفزيون الأردني الجمعة الماضي إنه "قبل أسبوعين تم الاتفاق مع المركز الوطني لحقوق الإنسان لكي يقوم بدوره باختيار عدد يتراوح ما بين 100 إلى 150 ممثلا لمؤسسات المجتمع المدني الراغبة بالمشاركة، على أن يتم تدريبهم على آليات وأسس عملية الرصد والمتابعة ، وستتم المتابعة مع المركز أولا بأول لتنظيم حركة ممثلي مؤسسات المجتمع المدني والهيئات الراغبة لتأمين زيارتهم إلى مراكز الاقتراع وتسهيل وتبسيط الإجراءات أمامهم".
كما كان رئيس الوزراء شدد على أهمية مؤسسات المجتمع المدني في توسيع دائرة المشاركة في الانتخابات أثناء إطلاق وزارة التنمية السياسية برنامجا انتخابيا تحت عنوان " الانتخابات النيابية والمسؤولية المجتمعية، وقال " الحكومة تتطلع بكل ترحيب واهتمام إلى دور مؤسسات المجتمع المدني ومشاركتها الفاعلة والمحفزة للمجتمع بكل قطاعاته على المشاركة في الانتخابات، وإننا نتطلع أيضا أن تسهم مشاركتها في وضع إجابات للعديد من الأسئلة التي تطرح هنا وهناك حول بيان دور المجلس النيابي وأثره على حياة المواطنين في كافة المجالات، وكذلك حول لماذا نشارك في الانتخابات النيابية؟ وكيف نختار النائب وتحفيز الناخب وصولا إلى إيجاد مجلس نيابي قوي".
إلا أن هذه المواقف الواضحة والصريحة بشكل إيجابي من قبل البخيت عاكسها موقف لاحق من قبل محافظ العاصمة سعد الوادي المناصير الذي قرر الخميس الماضي منع تنظيم ورشة عمل "تعزيز دور المجتمع المدني في الانتخابات البرلمانية" ، كان من المفترض أن ينظمها مركز الأردن الجديد للدراسات.
 وأعلن مدير المركز هاني الحوراني أن المركز سيطعن أمام محكمة العدل العليا بقرار محافظ العاصمة عدم الموافقة على الورشة معرباً عن رفضه لهذا لقرار، المستند إلى الصلاحيات المخولة لمحافظ العاصمة بموجب قانون الاجتماعات العامة رقم 7 لسنة "2004.
واعتبر الحوراني هذا القرار "محاولة لتقويض السياسة الحكومية التي أعلنت على لسان رئيس الوزراء والقاضية بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني في متابعة ومواكبة الانتخابات النيابية المقبلة".
وأكد الحوراني "أن المركز تقدم بطلب الحصول على موافقة المحافظ لعقد الورشة قبل الموعد المعين لإقامتها بأكثر من ثلاثة أيام، موضحا أن المحافظ أبلغ المركز قراره بالرفض مع نهاية دوام يوم الخميس الماضي، أي قبل أقل من 40 ساعة على عقد الورشة. دون أن يبلغ بأي أسباب وتبريرات لهذا المنع ولدى سؤاله من بلغوه بالقرار أجابوه بأن صلاحياتهم لا تشمل تبرير هذا القرار"
 
وتنص الفقرة (أ) من المادة الرابعة من قانون الاجتماعات العامة على "يقدم طلب عقد الاجتماع أو تنظيم المسيرة قبل الموعد المعين لإجراء أي منها بثلاثة أيام على الأقل".
 
كما تنص الفقرة (أ) من المادة الخامسة من نفس القانون على أن "على الحاكم الإداري إصدار الموافقة على الطلب أو رفضه قبل ثمان وأربعين ساعة على الأقل من الوقت المحدد لعقد الاجتماع أو تنظيم المسيرة".
وفي نشاط لافت تنظم وزارة التنمية السياسية الاثنين الورشة الثانية من برنامجها المتعلق بتحفيز المجتمع على المشاركة في الانتخابات النيابية والتي ستكون تحت عنوان (دور منظمات المجتمع المدني في الانتخابات).
وتتضمن ورشة الغد ثلاث جلسات عمل الأولى يتحدث فيها الدكتور هاني الحوراني حول كيف يمكن للمنظمات أن تؤثر في العملية الانتخابية والثانية يتحدث فيها الزميل فهد الخيطان حول دور الإعلام في العملية الانتخابية والثالثة تتحدث فيها اسمى خضر حول دور المنظمات النسائية في تأهيل المرأة للمشاركة في الانتخابات.
وقال وزير التنمية السياسية محمد العوران أن التجاوب مع هذه النشاطات جيداً قياساً مع غيره من النشاطات وأن الإقبال مرضي مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذه النشاطات في الأردن لا تحظى باهتمام كبير.
وتعليقاً على منع الحكومة لمؤسسات مجتمع مدني من الرقابة على الانتخابات أكد العوران على أهمية هذه المؤسسات في الرقابة وحقها في ذلك منوهاً على أن أفضل من يراقب على الانتخابات ونزاهتها وسيرها بشكل سلس وإيجابي هو المرشح نفسه، مع الإشارة إلى أن استخدام كلمة منع مبالغ بها قليلاً على حد تعبيره"
 
ولعل ما ذهب إليه رئيس تحرير صحيفة الغد أيمن الصفدي قي مقاله في جريدة الغد السبت تحت عنوان "ضرر مجاني" هو قرائه دقيقة لتأثيرات الموقف الحكومي من رقابة مؤسسات المجتمع المدني وقرار محافظ العاصمة لعقد الورشة عندما قال" أجزم أن الندوة التي كان مقرراً أن يعقدها مركز الأردن الجديد لبحث دور مؤسسات المجتمع المدني في الانتخابات النيابية التي ستجرى في العشرين من الشهر المقبل ما كانت لتحظى بجزء يسير من الاهتمام الذي أحاطها به محافظ العاصمة حين قرر منعها....وما كانت الندوة، حتى لو استهدفت شن حرب كلامية على الحكومة وكيْل كل أنواع الاتهامات لها، لتلحق بالبلد الضرر الذي سببه قرار منعها في زمن الانفتاح الإعلامي ووسط أجواء انتخابية يفترض أن تكون مؤشراً على استمرار مسيرة الإصلاح في البلد الذي أعلن الديمقراطية وجهة حتمية له"
إذن فإن حداثة وعصرنة الأردن التي نسعى إليها جميعاً تهددها دائماً قرارات نابعة من تصور فردي أو جماعي لمسؤلين ومشاركين في صنع القرار ما زالوا يتحركون ضمن عقلية تقليدية تفترض التهديد أولاً دون النظر إلى أفق التغيير التي ستساهم في التنمية السياسية التي يبدو أنها ما زالت حبراً على ورق وبنداً في أجندة أو خطة قصيرة أو طويلة المدى.