الحطات الملونة.. مخرج للأردنيين من عنصرية اللونين
على غير العادة، بتنا نلاحظ، أن لون الحطات في المشهد الأردني لم يعد ثنائي يتقاسمه الأحمر والاسود بامتياز،
فبعد سنوات من المزاحمة بين الأثنين وصلت إلى حد العنف في كثير من المرات بتنا نلحظ نوع مختلف من الحطات بألوان وأشكال عصرية غزت السوق الأردني طارحة نفسها بقوة يراها البعض فرصه رائعه للخروج من حرج: إن لم تكن ترتدي نفس لوني فأنت ضدي!.
الآن وبمشهد عالي الجمالية يكاد لا يخلو أي محل تجاري من حطات زاهية بطيف لوني رائع معلقة لجذب انتباه المارة لشرائها وتزيين أعناقهم بها للحاق بخط جديد من الموضة العصرية.
فالفئة الشبابية في المجتمع الأردني التي تعتبر أكثر الفئات إقبالا على شراء هذا النوع من الحطات، تفضلها لناحيتين أولهما أتباعا للموضة الدارجة، والثانية الابتعاد عن إثارة النعرات العنصرية بين الأردنيين من اصول شرق أردنية واخرى فلسطينيه كما ترى سناء، طالبة جامعية، التي أضافت موضحه" هناك طلبه يرتدون هذا النوع الجديد من الحطات للتخفيف من حدة العنصرية بين الأردني والفلسطيني، ومنهم من يعتبرها نوعاً من الموضة الدارجة وبرائي هذا النوع به إلغاء لكلا الهويتين الفلسطينية والأردنية".
في حين لا يرى محمود، 15 عاما والذي يزين عنقه بإحدى هذه الحطاط أن هذا النوع من الحطات "إلغاء للهوية الأصيلة لمن يلبسها بل نوعا من الموضة" على حد تعبيره.
الشاب الجامعي عبد، اعتبر أن هذا النوع من الحطات نوعاً من الغزو الثقافي، مستبعدا ان تكون بديل عن الحطة الفلسطينية أوالأردنية، خصوصا في الحرم الجامعي الذي تكثر المشاكل التي تندرج تحت هذا الإطار العنصري،"لا تخفف هذه الحطات هذا النوع من المشاكل لان الشخص ينظر إلى هوية وعائلة الشخص، وانا ولم اقتني مثل هذا النوع من الحطات لأنني اعتز بالحطة الفلسطينية".
" إلغاء التفرقة بين فلسطيني وأردني شيء مستحيل حتى لو تم تغيير ألوان الحطات"، وفقاً للطالب وليد واستمر بالحديث دون أن يحدد الجهة التي يتحدث عنها "هم يريدون الهاء الشعب عن هذا الموضوع وهذا مستحيل، ولن اشتري هذا النوع من الحطات فانا اعتز بحطتي التي لدي!".
إلا أن معارضة وليد لم تمنع انتشار ألوان الفوشي، الأحمر، الأخضر، الأزرق، الزهري، البني على واجه المحلات التجارية بطريقة جذابة للجميع.
التجار لهم قول آخر؛ فالجهة المجهولة التي يعتقد البعض أنها وراء أنتشار الحطات الملونه هي: مسلسل باب الحارة التي ساهمت شخصيات العمل التي ارتدتها بإشهارها في المجتمع الأردني وكافة المجتمعات العربية.
أبو عبد الله، تاجر في وسط البلد يبيع على بسطته بضائع مختلفه أبرزها الحطات الملونة يجد أن هذا النوع من الحطات لم يلغي أي من الهوية الفلسطينية او الأردنية بل موضة دارجة مصدرها حطة أبو العز البنيه اللون في مسلسل باب الحارة ويضيف بإسهاب "هناك إقبال كبير عليها من قبل الشباب، ففي اليوم الواحد أبيع ما يقارب الدزينتين وبثمن يتراوح ما بين 3 إلى 4 دنانير للحطة الواحدة بحسب نوعها ومصدرها". مؤكدا في ذات الوقت أن الطلب لا يزال مستمرا على الحطة الفلسطينية والأردنية.
عبد الهادي هو الآخر صاحب محل في وسط البلد، يرى أن انتشار هذه الحطات ليس إلغاءً للهوية بل نوعا من الموضة لا أكثر ولا اقل على حد تعبيره،" الإقبال عليها كبيروالأغلب يفضل شرائها تجنبا للعنصرية ولم تلغي الحطة الأصيلة الذي لا يزال الإقبال عليها كبيرا رغم ارتفاع ثمنها مقارنة مع الحطات الجديدة".
وبين عبد الهادي أن هذه الحطاط جاءت تيمنا بمسلسل باب الحارة الذائع الصيد عربيا وخليجيا" انتشارها جاء بناء على حطة أبو شهاب وأبو معتز، ومن ثم انتشرت كافة الألوان والأنواع منها الأصيلة ومنها التقليدية وبأسعار مناسب تناسب الجميع".
ومن اللافت أن عنصرية اللونين الأحمر والأسود للحطات في الأردن غير موجوده بين الشيوخ وكبار السن فكثيرا ما نرى في المخيمات رجال يرتدون حطات حمر، وآخرين من أصول أردنية في أماكن أخرى يرتدون الحطة السوداء إلا ان الجيل الجديد من الشباب وتحديداً بعد أحداث أيلول الأسود كرست هذا التقسيم.
وبرزت محاولات عدديده من مختلف المستويات للإلغاء هذا التقسيم كان أبرزها عندما ارتدت الملكة رانيا العبدالله قبل سنوات كوفية نصفها أحمر والآخر أسود في رسالة للجيل الجديد أن الأردن يحتمل هذا اللونان معاً.
ونقلا عن موقع الأخبار الالكتروني، فقد دعا طلاب لبنانيون إلى تحرّك نسّقوه مع طلاب الجامعات في فلسطين والأردن وبلدان الخليج "لوضع حدّ لانتشار صرعات الكوفية الملون"، تحت عنوان "كوفيّتنا هويّتنا، هويّتنا وطننا، ووطننا فلسطين"، وذكرت رسالة الطلاب بان تاريخ الكوفية كرمز للكفاح الوطني منذ ثورة 1936، حين تلثّم الفلاحون الثوار بها لإخفاء ملامحهم أثناء مقاومة الإمبريالية البريطانية في فلسطين، وبما أنها "تجاوزت كل الحدود الجغرافية لتصبح رمزاً للنضال الوطني عند شعوب العالم وأحراره"، فقد وجب التحرك لأن تحويلها إلى مجرد موضة، "يفرغها من معناها ويرمي إلى طمس الهوية الفلسطينية".
وبعيداً عن مسلسل باب الحارة السوري، وخط الموضه اللبناني، والوفاء الفلسطيني للثوار بحطتهم السوداء، والكوفية الحمراء الأردنية فإن انتشار الحطات الملونه في السوق الأردني له خصوصية مختلفة فهي بالتاكيد كما يراها العديدون مخرجاً لنا كاردنيين بطيفنا اللوني الأحمر والأسود على السواء من وصمة العنصرية التي يحملها هذان اللونان للأسف في طياتهما.
إستمع الآن











































