الحراك السياسي معيق أو منتج

الرابط المختصر

ثلاثة أرباع الحراك السياسي الأردني هو طبخة حصى لا تنتج شيئا. كثير من الضجيج وقليل من المحتوى. وينسحب على هذا الحراك مبدأ تدني الإنتاجية الذي يسم كل المجالات في اقتصاديات التخلف.

ثلاثة ارباع المداخلين في الشأن العام ليس لهم وجهة نظر حقيقية ولا قضيّة سوى أنفسهم، أمّا المسؤولون السابقون والطامحون فلا يخرجون الى العلن ابدا برأي آخر فهم يملأون المجالس الضيقة بكلام يغلي بالنقد وينتظرون كتابا يبثّون كلامهم ويسهمون في التأزيم عسى ان يتحول اتجاه الريح فتقلع أشرعتهم.
 يا ليت لو ان السجال حول السياسة الاقتصادية والمشاريع العقارية والبيوعات يشهد نزول السياسيين والاقتصاديين والشخصيات العامّة الى الميدان بوجهات نظر محددة؛ فإنهم يحركون الاجواء وينأون بأنفسهم عن أي موقف علني،  فالعلنية تترك للمعارضة السياسية من احزاب وشخصيات هي بدورها غير معنية بالتفاصيل والمناقشة التقنية،  فهي بالاصل تعارض النهج من اساسه، أما بين النواب فهي فرصة للبعض لإطلاق العبارت المجلجلة عن المؤامرة و "بيع مقدرات الوطن" . .الخ. و لدى النواب على الخصوص الادوات لطلب المعلومات المحددة عن قضية محددة وتقديم المقترحات المحددة والتقدم للرأي العام بما يتوصلون اليه، ومن المشروع تماما الاستقواء بالرأي العام  للضغط على السلطات من أجل الشفافية والاستقامة، لكن الانشاء الخطابي هو ايضا استغفال للرأي العام، ولعلّ الحياة العامّة لم تشهد ابدا مثل هذا التدهور فقد تحولت الى بازار كبير ضجيجه المسموع يدور حول الشأن العام ومحتواه الحقيقي مصالح ضيقة ومقايضات شخصية وانعدام لأي اهداف عامّة مشتركة.
لذلك لم يكن لدي كثير من الشك أن الضجّة التي شهدناها ستنتهي الى لا شيء، ويمكن ان نفترض ان حديث جلالة الملك قد حسم الأمر لكنه بالضرورة لا يوقف الحوار حول المستقبل. فهناك معاناة وهناك دروس  ينبغي استخلاصها وليس ممكنا ان نقلب الصفحة فقط. في حديث الملك نزعة جامحة للتحديث واصرار حاسم على التقدم واستياء من الجهالة وقد عبّر عن الصدمة وخيبة الأمل "بسبب المستوى المتدني للجدل الدائر في بعض الأوساط النخبوية والإعلامية".  وقال "إ لدي رؤية للمستقبل وأريد للأردن أن يكون البلد الأكثر تقدما في العالم وأن يكون منفتحا على العالم بغير خوف أو وجل". وقال إنه يتشاور مع الخبراء من الدول النامية والدول المتقدمة ومن مختلف المدارس الفكرية، من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين للتوصل إلى إجابات وحلول. وقال انه يريد لكل أردني أن يتفهم حجم الفرصة وضخامتها حيث بعض الخبراء يقولون إن سرعة تكوين الثروات في الخليج العربي ليس لها نظير في التاريخ ويجب أن نبذل أقصى جهدنا لمحاولة الاستفادة من هذه الطفرة الاقتصادية النادرة الحدوث.
كيف يمكن والحالة هذه تنقية الحياة السياسية- الاجتماعية الداخلية والرقي بها لتواكب أهداف التقدم الاقتصادي والاجتماعي بالديناميكية والكفاءة التي تستحقها الفرص المتاحة والنادرة حاليا. هذا ما يجب الاجابة عنه ويجب أن يكون جزءا حاسما من الحوار القادم.

* نقلا عن الغد الاردنية