الجامعات تهدد المجتمع

الرابط المختصر

مع نهاية كل يوم دراسي تقريبا تقع مشاجرة بين طلاب الجامعات »حكومية وخاصة«. آفة العنف الطلابي التي اصابت جامعاتنا في السنوات الاخيرة كانت نتيجة متوقعة لسياسة »الامننة« التي غّلفت الحياة الاكاديمية فاستُبدلت الروابط الوطنية والاكاديمية بالهويات العشائرية والجهوية والاقليمية.

 

منذ عامين تقريبا تنبهت الدولة الى مخاطر هذه السياسة على التعليم الجامعي والحياة الطلابية, بيد ان الحكومات المتعاقبة لم تتجرأ على مراجعة السياسات القائمة واكتفت باجراءات محددة تم بموجبها تغليظ العقوبات على الطلبة المتورطين في اعمال عنف. بمعنى اخر تعاملت ادارات الجامعات والجهات الرسمية مع اعراض المشكلة وتغاضت عن جوهر القضية الذي يتطلب اعادة تعريف الحركة الطلابية وموقع هذه الشريحة في الحياة العامة الاردنية.

تغليظ العقوبات لم يوقف العنف انما ولد اشكالا اكثر خطورة على المجتمع بعدما اصبحت معظم المشاجرات الطلابية تقع خارج اسوار الجامعة.

مفارقة مأساوية بلا شك, فالجامعات التي كانت تخرج الكفاءات صارت تصدر أسوأ اشكال العنف والعصبية للمجتمع.

واجزم الان ان هذا التطور الخطير في ظاهرة العنف الطلابي ستكون له نتائج وخيمة في المستقبل عندما ينقل »رواده« بذوره الى حاراتهم وبلداتهم واحيائهم السكنية. والاسوأ من ذلك انه يكرس عند جيل فتّي ثقافة الهويات الفرعية والدونية يحملونها معهم في المنزل والعمل والحياة.

ما يحصل في الجامعات ليس معزولا عن المجتمع فهو حصاد لسنوات من الفشل في برامج الاصلاح السياسي والتعليمي وسواها من المجالات المتشابكة, فتحت حزمة من المزاعم عن خطر الاحزاب والاسلاميين على الحياة الجامعية انخرطت اجهزة حكومية في خطة منظمة لعزل الطلاب خلف الاسوار عن مجتمعاتهم واحياء الولاءات العشائرية والاقليمية والجهوية لمواجهة الاحزاب وجرى تفريغ الجامعات من كل مظاهر التفكير الابداعي واشكاله وتوجيه المجاميع الطلابية نحو ثقافة وطنية عصبوية لا يمكن ان تنتج غير مليشيات وعصابات تتقاتل على أتفه الاسباب.

والوضع في الجامعات الخاصة لا يختلف بالمطلق عن »الحكومية« ان لم يكن, أسوأ ايضا فقد كانت هي الاخرى ضحية »الامننة« وعقلية البزنس التي لا يفرق اصحابها بين ادارة الجامعة والسوبر ماركت.

بعض ادارات الجامعات علقت الامال على الانتخابات الطلابية لتعديل المزاج العام بيد ان هذا التوجه كان بلا معنى ومجرد اجراء شكلي معزول لان نجاحه يتطلب عملية اصلاح متكاملة لم تقدم الجامعات عليها بعد.

الخروج من نفق العنف المظلم ما زال ممكنا لكنه يحتاج لارادة لم تتوفر لغاية الان. ارادة عند الدولة كلها وليس ادارات الجامعات المحكومة هي الاخرى بالامننة والمصالح الوظيفية.

لا تأملوا بنهضة وطنية وتقدم اجتماعي والجامعات الاردنية بهذا الوضع وطلابها اسرى الولاءات الضيقة والافكار السلفية العدمية