الثقافة البصرية للعمانيين... حروف في محركات البحث
ذهبت لزيارة حديقة المتحف الوطني للفنون الجميلة في العيد، كنوع من التغيير بدلا من الجلوس في المطاعم والمقاهي وهروبا من أزمة الأسواق، ولكونها حديقة كبيرة مساحيا، وكنت قد زرتها نهارا في وقت سابق فأعجبتني.
أما ليلا وبعد التجوال فيها لدقائق في "عتمة مقيتة"، تكدرت أكثر لكون الأطفال - أطفال الحيّ - الذين ينبغي أن يعرفوا أكثر عن قيمة الشيء، خصوصا ما يقع ضمن "حارتهم" ويمرون به كل يوم، يمتطون المنحوتات الموجودة في أرجاء الحديقة "والخربشة" عليها.
توجد هذه المنحوتات دون أي لوحة ارشادية أو معلومات حولها؛ عن معناها أو ناحتها أو حتى تاريخ تكوينها
وكما كتب محمد العامري للدستور يوما ما "الأعمال المعروضة بدأت تتفاعل مع مكانها الجديد، المكان الذي يمتلك اللون والملاسة والخشونة لتقدم مشهدا ثقافيا وبصريا لافتا". تتجسد الثقافة البصرية في عمّان وفي اللويبدة تحديدا.
ما أجمله من مشهد حيث تدخل البوابة فتجد "يافطة" سردية للمنوعات داخل الأسوار من "إدخال الكلاب، ورمي المخلفات وأعقاب السجائر، والأكل والشرب، ... الخ"، وتطريز لأسماء الداعمين للحديقة بدء من وزارة الثقافة والأشغال العامة والتخطيط والتعاون الدولي، والوكالة الأمريكية للإنماء، وليس انتهاءا بوزارة المياه والريّ.
فعلا !! ما الذي يمكن أن ينتج بعد ضرب كل هذا الوزارات في خلاط، وكل هذه الجهود في الإنشاء والإشراف و"الضياع" ؟
مخلفات بالجملة، خشونة في التربة، وملاسة في الهروب من الكلاب الضالة، والمدللة، لون باهت للخربشات على منحوتات عالمية لا نستحق وجودها.
كان العامري سعيدا في مشاهدته "مشاكسة طفل قد اعتلى منحوتة النحات الشاب والمبدع أنيس المعاني"، لكني لم أعرف أيها للمعاني، فكلها صارت مطيّة، بلا عشب أو ماء، والبنيّ الداكن والحجر الأبيض يغزوان المساحة يخنقان الأشجار الفوضوية.
ولكون "الحجر أقدم مادة ارتبطت بحياة الكائن الإنساني" ولوجود كل هذه الجهات الداعمة، وهذا الجهل الممزوج بمشاكسة الطفولة، وغياب كل المعلومات عن منحوتات الحديقة، وبرفقة آباء وأمهات مراهقين ستبقى ذاكرة أطفال اللويبدة ممزوجة بأزلية الحجر وسيبقى شعر طاهر رياض، جوزيب سردا، الأميرة رجوة بنت علي والإسباني أوجستين، والياباني كينجي وأسماء أخرى ... والثقافة البصرية للعمانيين بحوثا ومنتديات ومؤتمرات وأرواق عمل و"حروفا في محركات البحث".