التفرغ الإبداعي... المشروع المتفق عليه

الرابط المختصر

واحد من المشاريع التي تضمنتها الخطة الثقافية التي وضعها وزير الثقافة عادل الطويسي، والتي بموجبها سيتفرغ 10 مثقفين للأبداع الثقافي، أطلق عليه (برنامج التفرغ الإبداعي الثقافي)، والذي أعلنه الوزير ضمن خطته الثلاثية، وسيبدأ العمل به ابتداءً من العام 2007.الفكرة: الأصل والتطبيق

ويشرح وزير الثقافة عادل الطويسي هذا المشروع لبرنامج بـرائحة القـهوة "مشروع التفرغ الثقافي بحاجة الى تشريع ينظّم كيف يمكن أن نتوصل لمن هو مُبدع، بعدها نقوم بتفريغه لمدة عام، ويضع هو خطة لمنتج ثقافي مبدع يعمل عليه خلال عام التفرغ".



الفكرة جاءت من سنة التفرغ العلمي الذي اعتادت على طرحها بعض الجامعات، ويتابع الطويسي حديثه "الفكرة التي في ذهني مشابهة لخطة سنة التفرغ العلمي في الجامعات، فنحن نعرف أن كل عضو في هيئة التدريس عندما يصل الى مرحلة معينة في مجال تخصصه، يستطيع أن يأخذ سنة مدفوعة الأجر للعمل على مشروع محدد ضمن هذا التخصص وتسمى (سنة التفرغ العلمي)".



ومن هنا "يمكن أن نعمل في الوسط الثقافي شيء مشابه للتفرغ العلمي، بحيث يتم تفريغ 10 أشخاص في كل سنة، من حقل من حقول الثقافة (الحقول الفني، القصة الرواية، الشعر، الفلكلور الشعبي وماشابه)".



رواتب هؤلاء العشرة طبعاً مدفوعة الأجر، إضافة الى مكافآت على المشاريع التي سيقدمونها، يشرح وزير الثقافة "ويتفرغ هؤلاء تماماً، وتقوم وزارة الثقافة بتغطية رواتبهم بالإضافة الى مبلغ إضافي، حتى يُخلق لهذا المبدع جوّ وبيئة ملائمة للإبداع، وفي نهاية العام يجب أن يخرج لنا بمنتج ثقافي مبدع يتم تقييمه من جهات متخصصة".



ترحيب المثقفين...

المشروع لاقى ترحيب القاص والكاتب محمود الريماوي الذي قال حوله "مشروع التفرغ للأدباء والمبدعين مشروع حضاري، لأنه يولي أهمية لحق الفنان في التفرغ والانقطاع بعمله الإبداعي، مقابل تأمين حاجاته المعيشية لفترة محددة، ومعظم الدول المتقدمة تأخذ بهذا النظام لتشجيعهم على التفرغ مقابل مشروع معين يجري الاتفاق عليه مسبقا".



متمنياً "أن تجد الخطوة طريقها للتنفيذ خاصة أنها المرة الأولى التي يجري فيها اتخاذها، إذ لطالما نادى بها المبدعون طوال السنوات الماضية دون أن تجد أذنا صاغية، ويبدو أن الوزارة باتت مقتنعة أنه يجب أن توضع هذه الخطوة موضع التنفيذ".



شروط للمتفرغ..

ويضع الريماوي شروطاً حتى يجد المبدع البيئة الصحيحة للتفرغ، إذ يقول "آمل أن تجد الفكرة التطبيق بصورة سليمة، بحيث لا يقيد الفنان أو المبدع بأية قيود مسبقة تحد من حريته الإبداعية مقابل ضمان حقه في التفرغ، وأن يعطى ملأ الحرية في تنفيذ مشروعه، وأن تعمم الفكرة على مختلف الحقول الإبداعية من كتابة إبداعية وفن تشكيلي وغيرها من المشاريع الأخرى".



بالإضافة الى "أن لا تظهر عوائق بيروقراطية أمام تنفيذ هذا المشروع، كالقول أن مبدعاً ما يتمتع بتقاعد وقد لا يستحق التفرغ، لأن التفرغ بحد ذاته هو الانقطاع الى عمل معين فهو عمل شاق وليس بالسهل يبذل فيه الفنان روحه وأعصابه فهو ليس كأي عمل آخر فهو يستنفذ أعصابه خلاله".



القصد من الفكرة أن يتفرغ المبدع بعد فترة معينة من عطائه ووصوله الى مرحلة نضج إبداعية، ويتابع الريماوي "غالبية المبدعين كانوا يكتبون ويبدعون فيما هم ملتحقون بوظائف معينة، والتفرغ يأتي بعد وصولهم الى مرحلة متقدمة حيث يصبح من حقة بعدها التفرغ، فالمسألة ليست متعلقة بفترة معينة ولكن الكاتب يصبح خبيرا بعمله ويستطيع أن يتوقع أن تكون هناك سنه كافية لإنجاز عمل معين يكون نوع من التتويج بعد رحلة طويلة من العطاء".





ويعتقد الريماوي أن "التفرغ لن يعطى لمبدعين في أول الطريق، بل لفنان خاض مرحلة طويلة ويتمتع بإنجازات لا بأس بها، أما أن يكون لديه مشروع يحتاج لسنوات فلا يحتاج الأمر الى التفرغ لسنة واحدة، إلا إذا وجد القائمون على المشروع مبررا كافيا لتمديد مشروع لا يحتمل سنة واحدة



ماذا عن الواسطة؟

ونتسائل، هل ستدخل الواسطة في اختيار هؤلاء المتفرغين، كما هي الحال دائماً في أي وسط ثقافي، ويجيب الكاتب محمود الريماوي "إذا أريد بالمشروع أن يخضع للاعتبارات التقليدية مثل الواسطة والمحسوبية وسواهما، فمن الأفضل طي المشروع وإلغائه، فهو يجب أن يذهب لتحقيق فائدة يجنيها مبدعون مكرسون يتمتعون بإنجازات كبيرة وقيمة، كما أن الإعلان عن المشروع وتخصيص التفرغ سوف يكون علنياً، فأية شوائب أو أخطاء سوف تكون مكشوفه ولن تكون من صالح القائمين على المشروع فالأسماء ستكون علنية ومعروفة، ويجب أن لا يكون للواسطة أي دور وإلا فسيكون ذلك إساءة للفكرة ولدور وزارة الثقافة عموماً".





الرابطة والمشروع..

رئيس رابطة الكتاب الأردنيين أحمد ماضي ذكر أن الرابطة كانت هي الهيئة الإدارية التي دعت الى مشروع التفرغ، وقد خاطبت الوزارة بهذا الخصوص أكثر من مرة أيام كانت اسمى خضر وزيرة الثقافة، وحينما جاء بعدها الدكتور محمود أمين، وعادت لتخاطب الوزارة بوزيرها الحالي الدكتور عادل الطويسي، ويقول "قبل فترة زمنية وجيزة أثارت الرابطة الموضوع في خطاب أرسلته لرئيس الوزراء ووزير الثقافة، وعقد لقاء في مقر رابطة الكتاب الأردنيين بين وزير الثقافة الدكتور عادل الطويسي وأعضاء الهيئة الإدارية في الرابطة، وطرح الموضوع مرة أخرى، فالرابطة هي التي تقف وراء موضوع التفرغ، وأود بهذه المناسبة أن أقدر أيما تقدير موافقة الوزير على تخصيص عشرة إجازات للمبدعين والباحثين".



ويتفق الماضي على أهمية موضوع التفرغ بالنسبة للمثقفين كما هو للأكاديميين، ويشرح "الوزير كأكاديمي يعرف أن إجازة التفرغ ضرورية للكتّاب كما هي للأكاديميين، ومعروف للأكاديمين أن من حق عضو هيئة التدريس بعد ست سنوات عمل في الجامعة أخذ إجازة تفرغ علمي تتيح له إنجاز بحث أو أكثر بشروط علمية".



التفرغ يمارس في أكثر من دولة عربية مثل مصر، فالأردن لن تكون الرائدة في هذا المجال، يوضح الماضي وبتابع "لكن هذه الخطوة كبيرة بلا أدنى شك وبالإتجاه الصحيح، رغم أنه كان يجب أن تُتخذ في الماضي، لكن إتخاذها في الوقت الراهن يعني أن الوزارة بدأت تستجيب لمطالب الهيئات الثقافية لا سيما رابطة الكتاب، والتفرغ سيحقق مزيداً من الإنتاج الأدبي والفكري، وسيسهم في الارتقاء بالمستوى الأبداعي والفكري ونتطلع في الأسراع بهذه الخطوة وتطبيقها بموضوعية واستحقاق".



المطالبة بقانون تفرغ...

"لابد من وضع نظام لهذا المشروع ويفضل وضع قانون له"، لأنه "عندما يصدر بقانون فإن أي تغيير لن يحول دون تطبيقه، أما إن كان مجرد فكرة أو قرار يتخذه الوزير، فإن ثمة خوف من أن القرار لن يطبق إذا ما تغير الوزير او الوزارة" هذا ما يطالب به الدكتور أحمد ماضي.



ويدعو إلى "سنّ قانونٍ يسمى (قانون التفرغ)، وليس أن يكون نظاماً أو تعليمات، فإذا صار هناك قانونا للتفرغ فسيتعذر تغييره أو عدم تطبيقه ولن يكون هناك خوف من أي تغيير وزاري، لكن لو بقي مجرد تعليمات او نطام، فبقدور أي وزير لاحق أن يقوم بتغيره أو عدم تطبيقه او غض النظر عنه ".



المثقفون سيؤيدون المشروع بدون شك، كما أنهم "سيلتمسون الإسراع في تطبيقه فورا".



كما أن "المشروع بعيد"، يعلق الماضي ويقول "يتعين أن يطبق قانون التفرغ ويُبدأ به هذا العام، ويمكن أن يدرج ضمن موازنة 2006 ولماذا التأجيل لعام 2007، لا أدري لماذا".



وثمّن الماضي على خطوة وزير الثقافة مؤملاً "الإسراع فيها وصدور التفرغ بقانون" مبدياً استعداد الرابطة التام للتعاون مع الوزارة لوضع الشروط اللازمة للمشروع واختيار الأشخاص المناسبين لذلك.

مشروع التفرغ لاقى ترحيباً واسعاً في الوسط الثقافي، وهو إحدى المشاريع التي أعلن عنها في خطة الطويسي الثقافية ضمن البرامج التي تهدف إلى إيجاد بيئة للإبداع، وهذا مهم طبعاً برأي الجميع لدعم الحركة الثقافية المتكدرة بين مثقفي الأردن.

أضف تعليقك