التعليم العالي... بل ازمة خطيرة وتعثر
ما من اردني لا يشارك الدكتور خالد الكركي مشاعر الافتخار بمسيرة الجامعة الاردنية فهي ام الجامعات الاردنية ولها المكان الاثير عند الجميع وكانت وستبقى في صدارة مؤسسات التعليم العالي الاردنية. لكن الجامعات الرسمية ليست كلها في مستوى واحد, ومسيرة هذا القطاع برمته ليست على ما يرام, حتى »الاردنية« ذاتها تواجه تحدي المستوى الاكاديمي والمحافظة على النوعية ولا يكفي ان تحقق الجامعة الاكتفاء المالي للقول ان المسيرة بخير فهي ليست شركة يتحدد مستواها بوضعها المالي.
ربما تكون الجامعة الاردنية في وضع افضل من باقي شقيقاتها لكنها تعاني هي الاخرى كما تعاني كل الجامعات الحكومية من نقص في الكوادر التعليمية والاحصائية التي نشرتها »العرب اليوم« قبل ايام قليلة تشير الى ان الجامعات الحكومية تحتاج الى الفي مدرس لسد العجز. النقص مفزع واذا ما اضفنا اليه شكوى رؤساء الجامعات المريرة من العجز المالي وتراجع المستوى الاكاديمي نكون امام ازمة ومنذ ايام نشرت »الاردنية« اعلانا في الصحف ومواقع الكترونية تعلن فيه عن حاجتها لتعيين اساتذة ومحاضرين متفرغين ومساعدي تدريس ويتبين من نص الاعلان ان معظم كليات واقسام الجامعة تعاني من نقص في معظم التخصصات العلمية والانسانية.
ولن نجد في اوساط الاكاديميين ومؤسسات التعليم العالي وفي مقدمتهم الوزير وليد المعاني من يوافق على ان »التعليم العالي ليس في خطر وجامعاته لا تعاني من التعثر« فقد كشفت النقاشات التي رافقت اقرار استراتيجية التعليم العالي قبل اكثر من عام ان هناك قلقا متناميا من خطر محدق بالجامعات الرسمية يهدد قدرة الاردن التنافسية في هذا القطاع وادلى المعاني بعد تسلمه حقيبة التعليم العالي بتصريحات حملت المعنى ذاته. وتتجلى ازمة التعليم الجامعي في اشكال عدة ابرزها تراجع المستوى الاكاديمي للخريجين مقارنة مع خريجي عقود سابقة, وتلوث البيئة الجامعية وافتقارها التحفيز والتفكير الابداعي والاهم من ذلك غياب البحث العلمي وعدم تخصيص الموازنات الكافية للابتعاث, وارتفاع تكاليف التعليم على الفئات الاجتماعية الفقيرة.
وعندما شرع الاردن في ترخيص الجامعات الخاصة كان الرهان عليها كبيرا في خلق اجواء تنافسية تحسن مخرجات التعليم العالي وترتقي بالبحث العلمي وتنمي الروح الابداعية عند الطلاب غير ان الآمال كلها خابت بعدما حول القطاع الخاص الجامعات الى مجرد مشاريع استثمارية وتجارية خلافا لتجربة العالم المتقدم الذي يكرس الجامعات كمؤسسات غير ربحية.
جرت محاولات مبكرة لتصويب الاختلالات في مسيرة التعليم العالي لكنها اخفقت كلها تقريبا اما لعجز في تشخيص المشكلة او غياب ارادة الاصلاح فمع التراجع المستمر في دور المؤسسات وسلطة القانون على مستوى الدولة تآكلت قيم المسؤولية الوطنية لصالح الاعتبارات الوظيفية الضيقة فتحولت الجامعات ومعها مؤسسات اخرى كثيرة الى ساحات خلفية للنفوذ الحكومي والنيابي بحيث يجري توظيفها وفق مزاج المسؤولين ولحسابهم سواء ما تعلق برؤساء الجامعات الذين اصبحوا يتحركون مثل احجار الشطرنج او ما يخص التعيينات والابتعاث والقبول والاجور المتدنية للاساتذة وهو ما دفع بنحو الف استاذ جامعي العام الماضي الى الاغتراب بحثا عن حياة افضل.
اذا لم تكن هذه الظروف كلها مؤشرات ازمة فماذا تكون!?.











































