التعديل الوزاري بين المتوقع والطموح

الرابط المختصر

من غير المتوقع حدوث مفاجآت على التعديل الوزاري المرتقب, فالتعديل المقبل لا يختلف كثيرا من حيث الجوهر عما سبقه من تشكيلات وتعديلات, ووفقا للعرف والعادة يجري تعديل وزاري قبل انقضاء عام على تشكيل الحكومة وهو متوسط عمر معظم الحكومات السابقة, ويتمحور التعديل غالبا حول الاشخاص وولاءاتهم, حالات قليلة هي التي ادت الى استقالة او اقالة وزراء لخلافات جوهرية, مع استثناء ظاهرة ما عرف باسم الفريق الاقتصادي.. والتي تميزت هذه المجموعة بتصعيد وتسريع الاجراءات الاقتصادية الهادفة هيمنة كاملة لرأس المال على مختلف الفروع الاقتصادية, والتي هي جزء من توجيهات صندوق النقد والبنك الدوليين, مع التذكير ان هذه السياسة بدأت منذ انفجار الازمة الاقتصادية عام 1989 حيث اخضعت البلاد الى سياسات للتكيف مع التوجيهات الليبرالية, والتي ادت الى احداث تغيرات جوهرية اقتصاديا واجتماعيا وقانونيا, وكان ابرزها اصدار سلسلة من القوانين التي اسهمت في تغول رأس المال الاجنبي وهيمنته على معظم الثروات الوطنية تحت غطاء اعادة هيكلة المؤسسات المتعثرة, الامر الذي ادى الى استيلاء رأس المال الاجنبي على اهم مؤسسات وثروات البلاد, كما رافق ذلك سياسة تحرير الاسواق والاسعار والغاء دور الدولة حماية المستضعفين من الفقراء والشرائح الوسطى من قبل التجار والمستغلين, وذلك انسجاما مع شروط منظمة التجارة العالمية, كما فتحت البلاد على مصراعيها امام منتجات القارات الخمس, الامر الذي ادى الى اضعاف الاقتصاد الوطني وزيادة الاعتماد على الخارج بتوفير الاحتياجات الضرورية من مواد غذائية واستهلاكية.


اما الان وبعد مرور عقدين من الزمن وانهيار السياسة الليبرالية سياسة صندوق النقد والبنك الدوليين, وانهيار سياسة الغطرسة الامريكية وفشلها بفرض سياستها بالسبل والوسائل كافة بما في ذلك استخدام آلة الحرب والعدوان والدمار على شعوب لا ذنب لها سوى رفضها الخضوع للشروط الامبريالية, ومع بروز ازمة اقتصادية عميقة عبرت عن فشل السياسة الامريكية واملاءآتها, ونحن نقف على اعتاب مرحلة جديدة على المستويين المحلي والعالمي, فمن المفيد لا بل من الضروري اجراء تقييم لهذه التجربة عبر حوار وطني وبشفافية عالية لخدمة اهداف نبيلة, وبمشاركة الوان الطيف السياسي كافة للوصول الى استخلاصات تتناسب مع المستجدات سياسيا واقتصاديا واجتماعيا, بهدف دخول المرحلة الجديدة باقل الخسائر, ان لم نحقق نجاحات سياسية واقتصادية واجتماعية.

الخروج عن المألوف في التعديل الوزاري قد يكون بداية مرحلة جديدة, باحداث تغيرات نوعية تخدم برنامجا جديدا, يتضمن تحقيق اصلاحات سياسية تكفل توسيع المشاركة الوطنية باصدار قانون انتخابات يسهم في تطوير الحياة السياسية والحزبية, وتجاوز التجربة الفاشلة اقتصاديا واعادة بناء الاقتصاد الوطني على اسس جديدة وعلى طريق التنمية الاقتصادية وبمشاركة مختلف القطاعات »العام والخاص والمختلط والتعاوني« وذلك وفقا لاحتياجات وخصائص الفروع الاقتصادية.

لن يتم ذلك بمعزل عن محاربة الفساد ومعاقبة الفاسدين, بدلا من تشجيع وتوسيع هذه الظاهرة على غرار التوجهات الحكومية باصدار قرارات تمنح النواب اعفاءات جمركية لسياراتهم والسماح لهم ببيعها والمتاجرة بقوت الشعب, والغريب ان »نواب الشعب« بدلا من قيامهم بواجبهم في الدفاع عن الفئات الشعبية ومراقبة اداء الحكومة والتصدي لمثل هذه المظاهر, يطالبون مزايا شخصية من اموال الشعب, ان اقدام الحكومة على قرار كهذا ليس فقط تخل غير مشروع عن اموال الخزينة لصالح النواب بل استخدام هذه الاموال لغايات واهداف قد تصل الى حد التواطؤ لتمرير قوانين تتعارض مع مصالح الشعب من قبل المستفيدين من هذه المزايا, ينبغي التوقف ليس فقط عن هذه الاعفاءات بل وعن المزايا والمكاسب الشخصية كافة للنواب.0