التعديلات الدستورية بعد الإقرار.. إنجاز جزئي وجذبٌ للوراء
تراوحت آراء نواب وقانونيين في قرائتهم لمجمل التعديلات الدستورية التي أقرها المجلس مساء السبت بصورة نهائية، فالبعض اعتبرها إنجازا لم يكن يحسب أبدا والبعض الاخر اعتبرها جذبا إلى الوراء وإبقاء على ما هو باقي.
تعديلات جاذبة للوراء
مجمل التعديلات التي أقُرت في 42 مادة من الدستور الأردني، كانت إيجابية للغاية بتجاه الاصلاح والبعض منها بقي على ما هو عليه كانت جذبا إلى الوراء، وفق الأمينة العامة لحزب حشد النائب عبلة أبو علبة.
أبو علبة وفي حديثها عن مجمل التعديلات التي أقروها أمس السبت، وصفت هذه الخلاصة بـ"حال الصراع السلمي بين القوى الاجتماعية الممثلة في البرلمان على اختلاف مصالحها وألوانها”.
على أن المجلس صوت لصالح إقرار المادة 39 من الدستور والتي تقضي بسريان جميع الأنظمة والقوانين السابقة التي تتعارض مع التعديلات الدستورية الجديدة إلى ان تلغى أو تعدل بما لا يتجاوز 3 سنوات.
القرار السياسي الحاسم
والقرار السياسي في هذه المسائل هو الحاسم، على ما تقول أبو علبة، بمعنى لو دفعت الامور السياسية إلى الأمام وكانت موازين القوى السياسية على الأرض تدفع بالامور الدستورية والقرارات السياسية إلى الأمام لتغيرت هذه المادة حتى لو بعد سنة ولجرت تعديلات أكثر من ما حصل في جلسات تعديل الدستور.
أبو علبة كانت ممن لم يقتنعوا بالتصويت لصالح هذه المادة، وتقول "تمنيت أن لا يتم التصويت عليها، بهذا النحو التعطيلي"، و تستدرك، "الباب ليس مغلقا أمام التطورات التي وقعت على الأرض فهي التي ستحسم إذا ما بقيت هذه المادة أم لا، فثلاثة سنوات مدة طويلة جدا أمام الزخم والرغبة الكبيرة في التغيير لدى الشعب الاردني".
تؤكد أبو علبة أن الكثير من مقترحات المجتمع المدني قد تم الأخذ بها، وكان المجتمع الأردني ورشة مفتوحة من المقترحات والأفكار المتعلقة بالتعديلات، "صحيح أنه ليس كل ما ورد لنا تم الأخذ به، لكن علينا أن نأخذ الأمور بديناميكية أكثر فلقد حصلنا 20٪ بمعنى ان الأمور لم تقف عند هذا الحد وإنما سيراكم على ما هو آتي".
وترى أبو علبة أن الوقت المتاح لهم كان ضيقا لكن الجهد الذي بذله النواب كان كبيرا من حيث القراءة والاستماع والنقاش والمقترحات، ورغم ذلك كان هناك غيابات بين نواب تسجل في كل جلسة وتتراوح ما بين ١٥-٢٠ غيابا.
تعديلات إيجابية
مقررة اللجنة القانونية في مجلس النواب، وفاء بنى مصطفى والتي ظهرت خلال جلسات مناقشة التعديلات كواحدة من أقوى النواب المماحكين والمطلعين على التفاصيل الاجرائية للقوانين والنصوص الدستورية، ترى أن هناك الكثير من الإضافات الجوهرية التي أحدثها مجلس النواب وهناك مواد خرجت بصورة أفضل بكثير مما وردت من الحكومة وباعترافها في كثير من الأحيان.
التعديلات الدستورية التي خرجت من مجلس النواب، هي عبارة عن خطوة أولى لمرحلة اصلاحية مقبلة، وتتمنى بني مصطفى أن يقبلها الجميع، معتبرة أن ما تم انجازه هو جيد لكن ليس هو الكمال بعينه، ومن يدعي ذلك فهو غير صحيح.
إحباط من مواد
ورغم تلك الإيجابية التي عبرت عنها بني مصطفى إلا أنها مصابة بالاحباط لعدم قدرتهم على تعديل مواد لها علاقة بحق الاحزاب في الطعن بدستورية القوانين لدى المحكمة الدستورية.
بالمقابل، ترى أن واحدة من منجزات المجلس متمثلة في القوانين المؤقتة "فقد وضعناها في أضيق حال وهو مهم جدا".
فضلا عن ذلك، فمحكمة أمن الدولة التي كانت تنظر في 12 اختصاصا ولو لم تلغ رغم استماتتنا إلا أننا استطعنا حصرها في 4 اختصاصات وهذا أمر جيد.
وتتابع بني مصطفى أن المحكمة الدستورية لم تكن موجودة "وهنا أصبحنا نختلف حول كيفية تشكيلها ومن يعينها من عدمه، لكن رغم احباطي من أمور لكنني فرحة بما تم انجازه".
تعديلات يجب أن تأخذ وقتها في التطبيق
على المستوى المدني، فإن الناشط والمحامي محمد الصبيحي، يرى من جانبه أن أي قانون جديد سيصدر، يجب أن يكون متوائما مع التعديلات الدستورية التي أقرت بعد أن تدخل مراحلها الدستورية في مجلس الأعيان، فأي قانون جديد يجب أن يتوافق.
ويتابع الصبيحي أن هناك سلسلة كبيرة من القوانين مضى عليها سنوات أصبحت أجزاء فيها متعارضة مع نصوص التعديلات الدستورية الجديدة، ويتابع "لا بد من تعديلها بمشروع قانون، وستلغى القوانين السابقة وهي بحدود 50 قانونا إما إلغاءً أو تعديلا حتى تتلائم ونصوص التعديلات الجديدة".
3 سنوات طويلة والأصل سنة
وعلى ما يراه الصبيحي فأن عدم إقرار هذه المادة سيحدث فراغا تشريعيا كبيرا من حيث أنه لا تستطيع المحاكم الاستناد عليها، "وستعود اختصاصات كانت لدى السلطات الادارية لذلك فالمادة 39 هامة وضرورية".
ويرى الصبيحي أن 3 سنوات مدة طويلة، الأفضل أقصاها سنتين أو سنة لكن يبدو أن السنة الأولى ستذهب في أمور إما انتخابات أو حل المجلس، وستأخذ وقتا وهو أمر طبيعي حيث لا يحدث فراغ تشريعي خلال هذه السنوات.
وكان النواب قد تراجعوا عن قرارهم السابق في المادة الـ24 من تعديل الدستور المتعلقة بحل مجلس النواب، ليترك مسألة الحل مفتوحة دون قيود، وهنا يبدي الصبيحي أسفه من قرار النواب..
“لم يكن مأمولا أبدا لأن النصوص الدستورية تتحدث عن حالة وقضية عامة وليس أشخاص من خلال الرئيس الذي لا يكلف بتشكيل الحكومة بعد حل مجلس النواب واستقالة حكومته بعد أسبوع”.
ويعتبر الصبيحي أن هذا نوع من المواد "قد يعتبر تعسفا ولا يمكن أن يكون في تعديل دستوري”.
إستمع الآن