التطريز القديم.. موضة الباحثين عن الجديد

الرابط المختصر

يبدو أن المطرزات التراثية وجدت مكانا لها في الأسواق المحلية، لتحجز لها مرتبة بين عالم الموضة، فهناك من السيدات وجدن في التطريز تجارة ليست مربحة فحسب إنما طريقة للإبداع وأكثر..

يقابل ذلك، إقبال منقطع النظير للشابات يقبلن على شراء ملابس تتزين بالمطرزات من جينزات وتنورات وثياب مختلفة، "بحثا عن الموضة".

 الثوب التقليدي أصبح مبتكرا
صاحب محل للمطرزات الشرقية احمد سلامة تحدث عن تجربته الخاصة في عالم المطرزات.
فمن أين جاءت فكرة بيع المطرزات التراثية ؟ يجيب "تلك المنتوجات هي لباسنا وتراثنا الذي توارثناه عن أجدادنا منذ القدم فهذه الأصالة والعراقة تجذرت في عروقنا".
 
ويروي عن إقبال السيدات على لباس تقليدي أخذ وقتا حتى صار مثار الاهتمام، "في وقت كان الإقبال كبيرا على الجلباب والملابس التقليدية، ولكن أصبحت الآن السيدة تبحث عن المطرزات التي انتشرت بشكل واسع وملفت للغاية، مع الإشارة إلى أن الإقبال على هذه الأزياء كان يسجل لسيدات الخليج العربي".
 
ولم يعد الثوب تقليديا بل أصبح حاليا مبتكراً وبموديلات حديثة ليحجز له طريقا للانتشار؛ وهذا ما أكده أحمد، ويضيف "تستطيع المرأة أن تستغل هذا الثوب في شتى أنواع المناسبات فضلاً عن أن هناك موديلات تستطيع ارتدائها أيضا بالمنزل وبأسعار مناسبة".
 
وحسب ما يرى أحمد فإن أكثر المقبلين على ارتداء تلك الملابس هنّ من السيدات أكثر من الفتيات مشيراً إلى انه يضع أمام الزبائن الكثير من الموديلات المختلفة لتختار ما يناسبها، كما أنه يتابع الموضة من خلال المجلات الحديثة والكتالوجات.
 
وعن كيفية تأمين البضائع يتوفر لدى احمد مصانع ومشاغل تحتوي ماكينات ضخمة تعمل عن طريق الكمبيوتر، ويؤكد "الأردن يمتلك من المصانع حاليا حوالي 70% لإنتاج المطرزات ولاسيما أن هناك أيضا العديد من السيدات يعملن في منازلهن بحياكة التطريز اليدوي".
 

عاد الثوب بحلة جديدة
ويعتبر خالد المصري صاحب محل للمطرزات الشرقية أنه من أوائل مؤسسي مشغل لحياكة المطرزات منذ التسعينات، إذ كما يقول "في تلك الفترة لم تكن تلك المنتوجات متوفرة لدينا بسهولة وكنا نحصل عليها من دول أخرى مثل سوريا".
 

ويتحدث حول بدايات عمله في المطرزات "كنا نشعر بنقص شديد في تصنيع تلك المنتوجات ومن هنا أسسنا مشغل وقمنا باستيراد ماكينات خاصة بالتطريز، ريثما تطورت شيئا فشيئا من الحياكة اليدوية إلى ماكينات بسيطة حتى أصبحت ماكينات ضخمة تعتمد في شؤونها على الكمبيوتر، واستطاعت أن تساهم  في تقديم الثوب بحلّة جديدة سواء من ناحية الألوان أو نوع الثوب وغيرها مما لاقت تلك الحداثة إقبالا مع ازدياد اهتمام الناس فيها".
 
 ويتابع خالد "لم تقتصر تلك الموديلات على السيدات فقط فالفتيات يعتبرنها نوعاً من الموضة، كما أن المغتربين يأخذون هذا التراث نوعا من التفاخر والتباهي أمام الدول الغربية لافتقادهم لها".
 

ويرى خالد أن صناعة التطريز إما يدويا  أو تقنيا.."التطريز اليدوي الذي يصنع بالبيوت من قبل سيدات وخاصة في المناطق الشعبية وهذا النوع من التطريز غالي الثمن لما فيه من جودة ونوعية وتعب جسدي، أما التطريز بواسطة ماكينات متطورة على الكمبيوتر، يباع بأسعار مناسبة".

 
والمحافظة على الزي الشعبي
كثير من المؤسسات الوطنية والجمعيات تحاول المحافظة على التراث الخاص باللباس، وتحاول جمعية بيت التراث الأردني بالمحافظة على تطريز الثوب التقليدي منعا من الاندثار، وتتحدث فاطمة النسور رئيسة الجمعية لعمان نت أن الجمعية "تحافظ على موروث الأجداد من خلال إقامة دورات للفتيات وتشجيعهن على تعلم التطريز، كما نحاول إحياء التراث القديم من خلال إقامة المعارض ترتدي فيه الفتيات هذا الزي، لنؤكد لأي زائر مدى أهمية هذا التراث، كما أننا نقوم بعمل برامج ودراسات مختصة حول المنتج التراثي".

 
وترى النسور أن هناك إقبال كبير على التطريز من قبل الفتيات  بحيث تجد حركة توعوية كبيرة ومندفعة نحو هذا اللباس، قائلة دوما لفتياتها العاملات لديها في الجمعية "إن من ليس له أصل ولا قديم ليس له حاضر".
 
 وتحرص كل سيدة اليوم على اقتناء الثوب المطرز ضمن خصوصياتها ولاسيما جهاز العروس الذي أصبح لا يكتمل بدونه، فضلا عن المطرزات التي تكمل زينة المنزل وتضفي عليه لمسة جمال مستوحاة من الواقع الذي نعيشه. من وسائد ومفارش وشالات زاهية الألوان رائعة التصميم.
 

حبكة قديمة على ملابس حديثة!
ومن جهة أخرى استطاعت مصممة الأزياء لانا بشارات من خلال معارضها بتطوير الحبكة القديمة على الملابس الحديثة، وتقول: "قمت بإدخال الحبكة التراثية على الملابس الحديثة مثل بنطلون الجينز والفيست والجاكت بالإضافة إلى الإكسسوارات مثل الحقيبة النسائية وغيرها بشكل مميز ورائع مما ساهم ذلك في تشجيع الفتيات على شراء القطعة والاهتمام بها".
 

وتختم بشارات "الفتيات تبحث عن الموضة وعما هو جديد، وهذا النوع من الموديلات يعاصر ما نلحظه من انتشار كبير من تلك الملابس في الأسواق، والإقبال عليه بنسبة كبيرة من الفتيات والاهتمام بها".
 

لكل ثوب حكايته...
الشابة وفاء الجوهري تعتبر أن فكرة ارتداء الثوب المطرز جميلة جدا ورائعة، وتقول: "ارتداء هذا النوع من الملابس يصلح في كل الأوقات، وألاحظ أن هناك إقبالا كبيرا على هذا النوع من المطرزات، ربما لأننا نرى الآن الثوب بشكل جديد وموديلات حديثة ومختلفة ذات ألوان وأشكال مبهرة، فانا لدي اهتمام كبير وبشغف لمتابعتي تلك الموديلات".
 

وتعود وفاء بذاكرتها إلى الوراء وتتذكر ما قالته جدتها على أن "لكل ثوب حكاية تحكي واقع كل محافظة مثل الكرك واربد والطفيلة والمفرق، بحيث كان لكل محافظة ثوب يعكس مدى حضارة تلك المنطقة، أما حاليا فقد أصبحت الموديلات متنوعة ومختلفة ودخل على الثوب ألوان وزخارف جديدة غيرت الكثير من  ملامح الثوب الأصلي".
 
 وعن نفسها فتفضل وفاء الثوب القديم أكثر من تلك الموديلات الحديثة..
 

أفضله لكنه.. غالي الثمن!
بينما تعبر ياسمين حمدان وعمرها 33 عاماً عن إعجابها بإدخال الحبكة التراثية على الكثير من المقتنيات مثل  الجزادين والأحذية وبيوت القداحات والشالات الصغيرة والخواتم، وتقول: "صديقتي تعمل بالحياكة وهي ماهرة جداً ومبدعة وأنا أتابع على كل ما هو جديد من خلالها ولدي الرغبة في التعلم كيفية التطريز اليدوي".
 

وما يمنع ياسمين من ارتداء الثوب رغم حبها له هو ثمنه المرتفع، وتقول: "أحب كثيرا أن ألبس الثوب ولكن الشيء الذي يمنعني هو ثمنه الغالي وخاصة إذا كان يدوي، ولكن هناك الكثير من الزبائن تقدر قيمة الثوب وتشتريه مهما كان ثمنه مرتفعاً".
 

وتتذكر ياسمين بأنها لبست الثوب هي وجميع الفتيات في إحدى المؤتمرات الذي كان بحضور الملكة رانيا العبد لله فكما تقول "أحب كثيرا أن ارتديه في المهرجانات والاحتفالات".
 

ارتديه فقط بالمناسبات
وتفتخر إسراء عبد الحميد 19 سنة بالثوب المطرز وتحبه " لكني لا ارتديه إلا إذا كان هناك مناسبة، علما أنني أملك ثوب جدتي فهو على مقاسي وإذا كانت هناك زفة عريس فأقوم بارتدائه". 
 
أما عن متابعة إسراء لآخر الموديلات، تقول: "لا أتابع الموديلات ولكن إذا لفت نظري ثوب ما في السوق اسأل عن سعره وإذا أعجيني كثيرا ليس لدي مانع من أن أشتريه"، وتضيف " نلحظ أن الثوب المطرز تغير كثيرا وأصبح حديثا من ناحية ألوانه وأشكاله المميزة والرائعة، فهناك ألوان الصيفية والشتوية وما يناسب الفتيات من جميع الأعمار".
 

لست مقتنعة به
ليالي هلال وعمرها 28 سنة لها نظرة مختلفة عن غيرها حيث لا تحب هذا اللباس ولا تعتبره من لباسها وليست مقتنعة به تماماً.
 

هذا الفن الشعبي المتوارث منذ أقدم العصور، فلكل قرية ومدينة طريقتها وأسلوبها الخاص والذي طورته مع السنوات، وفيه من الرقة والرهافة والتنويع ما يدهشنا اليوم بأصالته، وهو في الوقت نفسه مستقى من ملاحظة دقيقة للطبيعة وأشكالها؛ ما يزال يأسر المرأة العربية عموماً والأردنية بشكل خاص حتى صار جزءاً من ملابسها التي لا تستغني عنها.

أضف تعليقك