التخفيضات أمام الأعيان
قرار مجلس النواب بتخفيض جانب من النفقـات الجارية بنسبة 10% خلق وضعاً غير مفهوم، فالمبلغ المطلوب إنقاصه ليس واضحاً، فقد ذكر أحد أعضاء اللجنة المالية أنه 350 مليون دينار، وذكر النائب حازم الناصر الذي كان يدير حواراً لمركز الأردن الجديد حول الموازنة أنه 80 مليون دينار. وذكر مدير الموازنة الذي شارك في الحوار الذي ترأسه النائب المذكور أن التخفيض سيكون في حدود 14 مليون دينار، لأن النفقات القابلة للتخفيض لا تزيد عن 141 مليون دينار.
في الوقت ذاته نلاحظ بأن مخصصات مجلس الأعيان لنفقاته الجارية عن سنة 2009 سترتفع بنسبة 15% عما كانت عليه هذه السنة، أما مخصصات مجلس النواب لنفقاته الجارية فسوف ترتفع بنسبة 2ر19%، فلماذا يريد النواب تخفيض النفقات التشغيلية للوزارات ثم يوافقون على زيادة نفقاتهـم المتكررة بهذه النسبة العالية.
في بيت الحكمة -مجلس الأعيان- لم نسمع بعد عن الموقف من القرار الذي لا سابقة له، ولكنا نأمل أن يقوم الأعيان بالواجب، ويعيدوا الأمور إلى نصابها عن طريق رد قرار التخفيض بهذه الصيغة، على أن يعاد النظر في النفقات الجارية فصلاً فصلاً في لقاء يجمع اللجنتين الماليتين ووزير المالية لتحديد أية نفقات تقبل التخفيض، وتحديد المبلغ الواجب تخفيضه بالدنانير وليس بالنسب المئوية.
التخفيض ممكن وضروري، ولكن ليس عن طريق إنقاص مخصصات هي في الأصل غير كافية، بل عن طريق الشطب الكامل، فهناك وحدات حكومية لم يعد وجودها لازماً، وهناك عمليات دعم فقدت مبرراتها في ضوء الأسعار العالمية الراهنة سواء تعلق الأمر بالمحروقات أو الأعلاف.
النفقات الجارية للحكومة لم تعد قابلة للعلاج بالأدوية المسكنة، وعلى من يريد تخفيضها أن يلجأ إلى الحل الجراحي، ولا شك أن آلاف الوظائف الجديدة التي اشتملت عليها التشكيلات المقترحة تدل على أننا مستمرون في تكبير الحكومة وزيادة ترهلها، ومنافسة القطاع الخاص في امتلاك وتشغيل المستشفيات وتأسيس الجامعات. بدلاً من التوجه إلى حكومة رشيقة ذات كفاءة وفاعلية تترك للقطاع الخاص ما هو راغب ومؤهل للقيام به بكفاءة أعلى، حيث يمكنها شراء خدمات أفضل بكلفة أقل.











































