البورصة.. حقنة في وريد المتعاملين
يتهافت المتعاملون على سوق الأوراق المالية "بورصة عمان" حالمين بالربح السريع والثراء حتى وصل الأمر ببعضهم حد "الإدمان" رغم الخسائر المالية المتعاقبة والكبيرة التي يتكبدها هؤلاء، لتصبح بذلك ظاهرة منتشرة بين أفراد المجتمع الأردني.
وقد عرف أحد علماء النفس في الغرب مدمنو البورصة بالأشخاص الذين يتمتعون بالاندفاع والتهور وعدم وضع خط رجعة لضمان سلامة الأوضاع، هؤلاء المدمنين حديثهم شبه الوحيد السوق وشركاته وان طرح أحد الجلوس موضوعا آخر في مجالسهم فأن أحدا لا يستنفذ جهدا للرجوع لحديث البورصة.
رامي عايش تاجر السيارات وأحد المتعاملين ببورصة عمان يقضي من 4 إلى 5 ساعات يوميا بقاعات التداول لشركات الوساطة لبيع وشراء الأسهم وتتبع أخبار الشركات المدرجة في السوق المالي.
وتشغل البورصة حيزا كبيرا من حياة رامي اليومية وتسيطر على 80% من تفكيره "تبقى البورصة بعقلي خارج أوقات التداول باحثا عن الأخبار بقراءة الجرايد والبحث عبر الانترنت واستخدم الموبايل لسؤال الآخرين لمعرفة أخبار الشركات وأسهمها"، وفي متجر السيارات "لا تتم عملية بيع سيارة لديه إلا ما يأتي بها حديث عن البورصة ووضع السوق".
ويرى رامي "تداول الأسهم على طول السنة غير مجد ماديا إلا أنها أصبحت عادة لا يستطيع الاستغناء عنها بحياته قائلا أنها "تسري بدمي"، "يؤثر التعامل بالأسهم تأثرا نفسيا فقط من خلال الزعل وضيق النفس خصوصا عند نزول أسعار الأسهم".
ظاهرة
يرى د.عزمي منصور المتخصص في علم الاجتماع "لا شك أنها ظاهرة حديثة لدى المجتمع الأردني، وتعد من ظواهر العولمة الاقتصادية".
"فالإقبال على البورصات العالمية والمحلية شديد، رغبة بالربح السريع وحلم الثراء، وتتراوح الفئة العمرية المقبلة على الأسواق المالية بين 25 - 35 سنة" من وجهة نظر منصور.
"الأوضاع الاقتصادية والطابع الاستهلاكي لدى المجتمع الأردني "استهلاكي بامتياز" هي أسباب لظهور مثل هذه الظواهر" لاعتقاد فئة من المتعاملين أن البورصة مصدر رزق ويمكن اعتبارها وسيلة عمل، وفئة أخرى باعتبار السوق مصدر دخل أضافي" هذا ما أضافه منصور.
من جهة أخرى أوضح منصور "لا يوجد دراسة تناولت الظاهرة حتى يتسنى لنا إعطاء نسبة عن عدد المتعاملين إلا أنهم باعتقاده نسبة ضئيلة لان السوق المالي يحتاج إلى "علم وفن وخبرة".
الوسيط المالي صالح حمدان الذي يعمل في احدي مكاتب الوساطة المالية التابعة لبورصة عمان يجد أن عدد المتعاملين بالأسهم بازدياد، ففي الآونة الأخيرة تضاعف عدد رواد هذه المكاتب من ضعف إلى ثلاثة أضعاف خلال الفترة 2005-2008.
من جهة أوضح حمدان أن ساعات التداول اليومية من 10-12 ، إلا إن العملاء يمكثون وقتا أطول من ذلك لمتابعة أخبار الشركات والتأكد من مرور أوامر البيع أو الشراء، وغالبا ما تكون من الساعة 9-1 يوميا، وذلك بترك مصالحهم الشخصية وأعمالهم الحرة وراء أظهرهم للتردد على مكاتب الوساطة.
الطبيب محمد لا يستقبل أحدا من مرضها خلال ساعات التداول التي يتواجد بها بمكاتب الوساطة، ويقضي يوميا من 2.5 إلى 3 ساعات بالبورصة، ومن يومياته التحدث بأمور السوق عند وجود أشخاص لهم علاقة أو معرفة به خصوصا عندما يكون السوق رائجا ومرتفعا.
من وجهة نظر محمد أن السوق المالي يقوم على التوقعات والحدس النفسي" أي ليس لهم علاقة بآلية السوق"، وأكثر التعاملات معتمدة على مبدأ المضاربة "إذا اتجهت الناس حول سهم معين يتجه الآخرين له".
وتأثر البورصة على الوضع النفسي لمحمد "الشخص الذي لا يتأثر يكون كذاب"، ففي حالات الربح تنعش حياة الشخص وفي حالات الخسارة تدهور حياته من الزعل والضيق.
مسيرون
عرف الأخصائي النفسي باسل حمد المدمنين بأشخاص غيبيين تحركهم المشاعر ونو قدرات ضعيفة في اتخاذ القرار، ويوجههم العقل الباطن "السلوك الملح وعدم القدرة على التنظيم والهروب من الأحاسيس أو الدافع من أهم مظاهر".
وان وجدت هذه السلوكيات بأحد المتعاملين من "ترك المتعامل عمله الأساسي في أوقات التداول، بيعه لممتلكاته الشخصية للدخول بها عالم البورصة، استثماره بالأوراق المالية دون معرفة النتائج "أسلوب المقامرة"، لا يستطيع مقاومة التعامل مع حجم الخسائر الذي يتكبده "عادة" أصبح المتعامل مدمنا من وجهة نظر باسل حمد.
وقد يكون القائمون على بورصة عمان وهيئة الأوراق المالية قد أدركت حجم الإدمان والهوس الذي يصيب المتعاملين فعقدت محاضرات تثقيفية لجمهور المتعاملين والمهتمين بالأوراق المالية، حرصا منها على نشر ثقافة الاستثمار وزيادة الوعي لدى المواطنين المتعاملين بالأوراق المالية.
إستمع الآن