البنت بتكبر قبل الشاب... وتختاره أكبر

الرابط المختصر

(البِنْت بتِكبر قبل الشَبّ) عبارة نرددها دائماً مازحين، لكنها في الواقع حقيقة علمية واجتماعية واضحة، وفي مجتمعنا (البنت تكبر دائماً قبل الفتى)، وهي وإن كانت كذلك فضريبة نضوجها المبكر مجموعة من عوامل جسدية واجتماعية ونفسية لا تسرها في أكثر الأحيان.نضوج الفتاة المبكر في مجتمع لا يعير هذا النضوج الكثير من الاهتمام، لأن الرجل دائما الأكبر فيه مهما كان سنه، لكن على الفتاة "تحمل المسؤولية منذ الصغر"، فهل تكبر الفتاة وتهرم قبل الرجل حقا، وهل هذا يعني بالضرورة أن تختار زوجا يكبرها بسنوات عديدة "حتى يتفاهما ويتجاوزا "؟



همٌّ مفروض!!

نُضج المرأة المبكر عائد الى تكوينها الجسدي أولا ثم الى نموها العقلي والنفسي والاجتماعي داخل أسرتها، يوضح هذا اختصاصي الطب النفسي الدكتور فائق الزغاري قائلاً إن "الأنثى تكبر قبل الذكر حقا، ففي فترة المراهقة يبدأ نمو الفتاة ويكون في أوجه من عمر 10 الى 14 سنة ويستمر نموها حتى 18، بينما عند الذكور يبدأ ويكون في أوجه في سن 12 الى 15 ويستمر حتى الـ 20 ويكون النمو في أوجه في هذه المرحلة، فالفتاة يكتمل نضوجها الجسدي والجنسي قبل الرجل بشكل عام".



وهي "تُكمل نموها العقلي قبل الذكر ويكون اكتمال العقل عند الإناث في المراهقة أكثر منه عند الذكور، لكن في الفترة الأخيرة من هذا السن يصبح نمو العقل عند الذكور أكثر منه عند الإناث، ثم تتقارب مستويات النمو بعد ذلك لا سيما في القدرات العامة كالذكاء، لكن ذلك لا يعني أن أحد الجنسين يفوق الآخر في الذكاء".



فكرة الكبر عند النساء ربما تشغل أذهانهن وتتحكم غالبا باختيار عمر وشكل الشريك، لكنها ليست الهاجس الوحيد لدى الكثيرات، وربى غير المتزوجة ترى نضوج الفتاة وكبرها المبكر "همّا يُفرض عليها، فالناس وكل من يحيطها يكبّرونها قبل أوانها"، لكنها -أي الفتاة- "أوعى من الرجل، والشاب يبقى طائشا لفترة طويلة من عمره، بينما تكبر الفتاة كي تحفظ رزانة عائلتها، ويبقى لديها دائما خوف وحرص، ومن هنا يأتي نضوجها".



ويعلل الزغاري الأمر الى أن "مجتمعاتنا العربية تفرض على المرأة الكبر قبل الأوان، فهي على عكس الرجال تبدأ بتحمل المسؤولية منذ الصغر، والرجال هم المدللون في البيت، لا يجب أن ننكر دور المرأة وقدرتها على التحمل، فهي تقوم بالعمل داخل وخارج البيت من رعاية الأطفال وغيره من الأعمال، فهي تقوم بدورين مزدوجين، لأنها تتحمل المسؤولية مبكرة، على عكس الذكر في مجتمعنا الذي يُعتبر مدللاً ويستطيع ترك بيت الأسرة ويسافر أو يخرج ليسكن لوحده مثلا، بينما الفتاة ليس لديها المقدرة على ذلك سوى بالزواج، فمكوث الإناث في البيت أكثر من الرجل يعزز نمو الشعور بالمسؤولية تجاه الأسرة أكثر".



النصيب غلاب!

لكن هزاع الصالح وهو غير متزوج لا يتفق مع مقولة أن الرجل مدلل في مجتمعنا، "فالبنت بكبرها تأخذ فرص العمل وتعطيه البطالة"، ولهذا فالفتاة دائما تختار زوجا "كوّن نفسه مادياًً"، يقول هزاع "فالشاب لم يعد يستطيع الزواج مبكراً لأنه ينهي الجامعة ليجد كل الأبواب مسدودة في وجهه، فلا يستطيع تكوين نفسه ليتزوج".



وتؤكد نوره عياد طالبة جامعية فكرة هزاع في أنها ستختار زوجا يكبرها بسنين لأنه "يكون قد أنهى تكوين نفسه، فالأهم أن يكون هناك تناسباً بينهما وحسب النصيب"، لكن "لا يجوز أن نقول أن المرأة تهرم والرجل لا، فكلاهما يكبران ويشيخان معاً".



ورغم ذلك فاختيار الزوج أكبر بسنين تبعاً لنضج الفتاة المبكر ليس ضرورةً بقدر ما يلعب "النصيب دوره في ذلك"، وليس شرطاً كما تقول ربى "أن أتزوج رجلا يكبرني بسنوات كثيرة، فقد يكون الرجل من عمر زوجته ويكونان متفاهمين، وقد يكون أصغر منها أيضاً ويكونان على وفاق، والفتاة تبقى بعنفوانها وشبابها مهما بلغ بها العمر".



لكن شاهر صبحي يرى أن المرأة تشيخ "إذا تزوجت بشاب من سنها،لأنه لن يحتمل أن يتحكم أحد به ويبقى طائشا وربما هذا ما يسبب الطلاق، أنا تزوجت وعمري 31 سنة بينما كان عمر زوجتي 20، ونحن والحمد لله متفاهمان، فارق العمر يسمح بالتفاهم ويبعد الخلافات، الحياة مشاركة".



وتؤكد رُلى كمال كلام شاهر وتخالف رفيقتها ربى الرأي، مؤكدة أنها ستختار رجلاً يكبرها بثلاث أو خمس سنين، والسبب "حتى يتوفر التفاهم، فإذا كانا في نفس السن لن يستوعبا بعضهما، والأمر أيضا عائد للنصيب".



الرجل أنضج!

عمر وهو شاب متزوج يؤيد مقولة إن البنت تكبر قبل الرجل "المرأة تكبر من الولادات المتكررة ومن تربية الأبناء وهو ما عرفناه من أبائنا وأجدادنا" لكن " ليس بالضرورة أن تكون المرأة أنضج من الرجل فكرياً إذا كانت في نفس سنه، لكن من الأفضل أن تتزوج الرجل بفتاة تصغره حتى تستطيع أن تفهمه وتعرف أطباعه، فزوجني تصغرني بـ 8 سنوات ونحن مرتاحين معاً والحمد لله".



بينما لا تؤمن تغريد الحياري بأن الفتاة تكبر قبل الرجل "لأنه هو المسؤول، والمرأة ليست أنضج فهو متفتح أكثر" وبالنسبة لها فزوجها يكبرها بـ 7 سنوات والسبب "لأنه مجرب بالحياة ومختبرها أكثر". وترى صديقتها ماجدة التي يكبرها زوجها بـ 8 سنوات الأمر بأنه "طبيعي، فالرجل يجب أن يكبر البنت بسنوات حتى تمشي الحياة، والزواج يحتاج العقل وليس العاطفة لذلك فليس مناسبا أن تتزوج الفتاة رجلا يقاربها في العمر". لكن فيما يخص مسألة الهرم "لا يجب أن نعمم ونقول إن الفتاة تهرم قبل الرجل، فالأمر يعود لطبيعة كل منهما" تقول ماجدة.



ويعلل الدكتور الزغاري سبب اختيار المرأة لرجل يكبرها بسنوات عديدة لأن "نمو المرأة الجسدي والعقلي أسرع، ولهذا فهرمها أسرع فتبدو عليها علامات الكبر أكثر من الرجل، ولهذا كانت الفتيات في السابق يتزوجن في عمر 12 أو 14 سنة وكانت المسؤولية تقع على الرجل وحده في البيت، أما اليوم فقد اختلفت الأدوار، ولهذا فينصح في الوقت الحاضر أن يكون الزوج أكبر سنا من المرأة".



الحق على المجتمع ..

وفي مجتمعنا تقع ثقافة العيب دائما على الإناث وليس على الذكور، رغم أن الأخلاق لا تتجزأ كما يقول الدكتور فائق ويتابع "لكن في مجتمعنا يستطيع الرجل أن يخرج ويعود متى شاء وأن يتصرف كيفما يشاء أما البنت فعلى العكس، فهي تقع عليها أعباء اجتماعية وأسرية، و المجتمع لا ينصفها، ولذلك فقد اعتادت المرأة في مجتمعاتنا على تحمل المسؤولية والله أعطاها هذه القدرة ودليل ذلك قدرة الزوجة على تحمل تربية الأبناء ومتطلباتهم، لكن الزوج يثور على ذلك ولا يتحمله".



فالنمو الاجتماعي عامل مهم في شعور المرأة بالكبر، يوضح الدكتور ذلك قائلاً "الذكور أكثر سيطرة وعدوانية بينما تشعر البنات بأنهن أقل منزلة منهم في العائلة وهذا يرجع لمعايير الآباء الخاطئة وتوجههم نحو التفرقة بين الجنسين لصالح الذكور، بالإضافة الى رفض أنماط سلوكية من الأنثى وتقبلها من الرجل".



ويضيف "والأمر يعتمد على الأسرة بشكل خاص لأن النمو الاجتماعي للجنسين يعتمد على النمو النفسي، وفي الكثير من الأحيان نجد فتيات يتكلمن بنضج وثقة بالنفس يدل على نضجها اجتماعيا، والفضل يعود لأسرةٍ علمتها الثقة بالنفس والحديث، وأعطتها مساحة للتعامل مع الظروف المحيطة بها فاكتسبت المهارة والنضوج في السلوك".



وعوامل هرم المرأة كما يراه الدكتور الزغاري لأن "المرأة تصاب بالاكتئاب أكثر من الرجل، بسبب الظروف والأدوار الصعبة التي تقوم بها داخل مجتمعها، إضافة الى التغيرات الفسيولوجية بعد سن الأربعين والتي تغير من طبيعة جسدها، كل ذلك يلعب دوراً كبيراً في إصابتها بالهرم المبكر".



وتبقى المسألة نسبية، وتقوم على الفرد ومنظوره الاجتماعي فأم كريم وهي روسية ومتزوجة بأردني، تنصح المرأة كي تحافظ على نفسها صغيرة دائماً، بـ "ممارسة الرياضة والحركة المستمرة، والأكل الصحي، وأن لا تحمل هموما، فالهموم دعيها وعيشي حياتك"، وهي ترى أن الرجل يهرم قبل المرأة "لأنه يجلس دائما وراء المكتب، المرأة تبقى أصغر دائماً".



نضوج المرأة المبكر شكلا ومضموناً ربما لا يعني الكثيرين فالحياة بمشاكلها كفيلة بتكبير النساء والرجال معاً، إلا أن ذلك لا يعني أن النساء لا يتخوفن من الكبر والشيخوخة، ويحدد ذلك مسألة اختيار شريك حياة يكبرهن في العمر كي لا تبدو الزوجة أكبر منه بأي حال من الأحوال.

أضف تعليقك