البطالة...ثم البطالة
تعتقد أحيانا، والواقع يؤكد هذا الاعتقاد، بأن الحكومات المتعاقبة تعمل بطريقة ممنهجة ومدروسة، على تدمير الاقتصاد الوطني، وبالتالي تدمير الانسان الاردني، وجره إلى درك سحيق من الجهل والفقر والعازة!
تعمل الحكومات المتعاقبة، تماما بعكس كل نظريات الاقتصاد الناجحة والمجربة في العالم، وتستمتع بدور "المتسول الاقليمي" و "المتسول الدولي" الذي يعتاش من "الصدقات والمنح وأيضا القروض المجحفة"، حيث تفقد نتيجة هذه الاتكالية، الكثير من سيادتها طواعية، وهذا ما يظهر جليا باتفاقيتي "الغاز مع العدو الصهيوني" وأيضا "الاتفاقية مع الولايات المتحدة" التي تستبيح الارض والمياه والسماء الاردنية، جنبا الى جنب استباحة "القوانين الاردنية" وكأنها غير موجودة!
يحدث كل هذا، في وقت تبدلت فيه تماما "أدوار الدول"، حيث فتح الخليج مصراعيه أمام الكيان الصهيوني، تطبيعا وسياحة واستثمارا، ولم يعد الاردن – بالضرورة – ذلك الممر الاجباري للعلاقات العربية – الصهيونية، التي كانت الى أمد قريب متوارية وبعيدة عن الانظار.
بالعودة الى سلوكيات الحكومات الاردنية، في التعامل مع أزماتها، ولنأخذ مثال أزمة "البطالة" التي سجلت أرقاما غير مسبوقة في كل تاريخ البلاد، والمرشحة لمزيد من التفاقم خلال المديين القريب والمتوسط، وطبعا نتيجة التدمير الاقتصادي الذي تمارسه الحكومة بقراراتها ذات الصلة.
سأضرب مثلا بسيطا يوفر فورا وبجرة قلم 15000 وظيفة فورية، كل ما تحتاجه هو مجرد توقيع من رئيس هيئة تنظيم قطاع النقل البري.
لدينا في الاردن ثلاثة شركات مرخصة للعمل ضمن برنامج التطبيقات الذكية (اوبر وكريم وجيني)، وبواقع خمسة آلاف سيارة لكل شركة، عداك عن آلاف السيارات التي تعمل على تطبيقات غير مرخصة (لا أعلم لماذا لم تتعامل معها الحكومة ضمن القانون للآن؟!!).
كل ما يحتاجه الامر لتوفير هذا العدد الضخم من فرص العمل، هو السماح لسيارات التطبيقات المرخصة بتسجيل سائق بديل على كل سيارة، وضمن ذات الشروط المفروضة على السائق الاصيل (مرور ثلاثة سنوات على الحصول على رخصة قيادة، الحصول على عدم محكومية بشكل دوري مع كل ترخيص، الحصول على شهادة خلو أمراض)... تخيلوا كم أن الامر بسيط!! وتخيلوا كم أن الحكومة وهيئاتها المستقلة تعمل بعكس الواقع الذي نعيش!
متأكد تماما بأن كل القطاعات الاقتصادية، والعاملين بها، لديهم عشرات الحلول بما يخص معالجة أزمات قطاعاتهم المعطلة بقرار حكومي! ولكن للأسف لا الحكومة تسمع، ولا مجلس النواب يراقب ويقوم بدوره الدستوري.. ولا الشعب يمارس ضغوطا تتناسب مع حجم "الفاقة" التي يعيشها!
الحل المتكرر في الاردن، ومنذ الانهيار الاقتصادي الكبير عام 1989 وما تلاه من اضطرابات، تشكيل لجان تبحث في "الاصلاح السياسي"، ويا لفرحتنا بأنها تحاول في كل مرة إعادة اكتشاف النار، والبدء من نقطة الصفر!
انداري