البخيت.. ضوءٌ اخضر لمكافحة الفساد أم سياسة تجميلية

البخيت.. ضوءٌ اخضر لمكافحة الفساد أم سياسة تجميلية
الرابط المختصر

يبدو ان رئيس الوزراء معروف البخيت قد حصل على الضوء الأخضر لفتح ملفات الفساد من "دون استثناءات" فلم يكن إحالة أربعة ملفات فساد كبيرة خلال أشهر قليلة الى المدعي العام

-ومن بينها شبهة فساد لوزير سابق- إلا إشارة الى وجود قرار سياسي جريء لمحاربة كبار فاسدين قبل صغارهم.
وعند تشكيل حكومته في 27 تشرين ثاني 2005 وضعت ملفات عديدة على أجندة الرئيس البخيت، من أبرزها تسريع وتيرة الإصلاح بكافة جوانبه من خلال إصدار عدد من القوانين الناظمة للحياة السياسية مثل قانون الأحزاب المنظور أمام مجلس النواب وقانون البلديات وقانون الانتخاب الذي لم ير النور وقانون مكافحة الفساد الذي يعول عليه الكثير في تجفيف منابع الفساد وخلق منهجية لمحاربته.

شعبية حكومة البخيت وضعت على المحك بسبب رفعه لأسعار المحروقات مرتين ولإقراره حزمة من القوانين المقيدة للحريات مثل قانون منع الإرهاب، لكن بعض المحللين يرون في إحالة هذا الكم من ملفات الفساد الى القضاء أنها ستحسن صورة الحكومة أو حتى قد تطيل من عمرها.

وحول هذا الموضوع يعلق الكاتب الصحفي سميح المعايطة لعمان نت " أي حكومة في الدنيا معنية في ان تحسن صورتها أمام الرأي العام، وهذا أمر مشروع، كما أن أي حكومة معرضه للانتقاد إذا كانت لا تفعل شيئا، وفي تقديري ان الحكومة في محاربتها للفساد يمكن ان تعطي لنفسها قوة شعبية أكثر، ويمكن ان تجد مبررا للبقاء أكثر، لكن الأعمار بيد الله ".

كما ان الحكومة نفسها أخذت تروج لملفات الفساد الأربعة التي تم إحالتها الى القضاء، كما لو أرادت ان تقول ان "أول الغيث قطرة"، ففي مؤتمر صحفي طالب رئيس الوزراء د. معروف البخيت من الصحفيين النظر جيدا بحجم القضايا التي أحالتها الحكومة الى القضاء وشدد على ان لا ألغام ستقف في وجه الحكومة في إشارة الى القوى التي تقف في وجه مكافحة الفساد، وأضاف " انظروا كم حجم القضايا المنظورة أمام القضاء، فهذه الحكومة تؤكد عزمها وتصميمها على محاربة الفساد بكل جدية، ولن يقف في وجهها أي قوى أو عراقيل أو ألغام مهما كانت نحن مصممون بمحاربة الفساد بجدية وبقوة القانون من خلال قانون مكافحة الفساد هذا الإطار التشريعي الجديد سيساعدنا في مكافحة الفساد بحكم القانون".

الجدية التي تحدث عنها البخيت في حربه على الفساد قد تصدم بصخرة العراقيل أو الألغام كما اسماها الرئيس، هذا الأمر قد يؤثر على استمرارية الحكومة في حربها على الفساد، لكن لأي درجة نستطيع ان نتفاءل في حرب الحكومة على الفساد في ضوء تجارب سابقة ؟ هنا يقول المعايطة "هناك نوع من الجدية في فعل شيء من قبل الحكومة وإثباته، وهناك قرار سياسي لمحاربة الفساد فإحالة ملف الخاص بالبلديات ملف قديم ومؤجل وأتت الحكومة الحالية وقدمته، حتى الآن نستطيع ان نكون متفائلين لكن بحذر، الفساد ليس حالة مرتبطة بشخص أو بملف أو مجموعة ملفات إنما الفساد يجب ان يكون عملية منهجية، ما تعمله الحكومة ايجابي وتحويل محاربة الفساد الى منهج يحتاج الى مسافة يمكن تحقيقها عبر ممارسات حكومية وعبر غياب محاباة أي ملف أبطاله صغار أو كبار".

المعارضة -وكالعادة- كانت الأقل تفاءلا في خطوات الحكومة في محاربة الفساد وفضلت التريث حتى النهاية للحكم على جدية الحكومة في محاربة الفساد بسبب التجارب السابقة على حد قول نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين جميل أبو بكر الذي يقول لقد ممرنا بتجارب عديدة لم تعالج بالطريقة الصحيحة والسليمة ولم تتابع حتى النهاية، والمهم كيف ستكون النهاية؟ وكيف ستستمر؟ ولا يجوز ان يكون محاربة الفساد منهج حكومة واحدة إنما يجب ان يكون منهج مستقر وثابت تلتزم به مختلف الحكومات لان الحكومة قد تبقى 6 أشهر أو أكثر ثم تأتي حكومة أخرى القضية تعتمد على منهج تشكيل حكومات وعلى مشاركة مختلف القوى وعلى النتائج النهائية بمعنى هذه الملفات الى أين ستصير؟ فقد عودتنا التجربة في الأردن ان ننتظر كيف ستكون النهايات وكيف تغلق الملفات لأنه قد تفتح وتثير الضجة وتبعث الأمل وتستدعي الثناء والاهتمام ثم تنتهي الى غير نتيجة لانريد ان نكون متشائمين لكن لا يجب المبالغة في الأمل أكثر مما يجب".

ملف الرئيس البخيت العسكري كبير، فقد التحق بالجيش الأردني منذ عام 1964 وأحيل على التقاعد برتبة لواء ركن عام 1999، وهو عسكري يوصف بـ"الهادئ" امتهن السياسة مبكرا ، هذه الخلفية للرئيس البخيت يرى فيها المحلل المعايطة ميزه للرئيس في حربه على الفساد إذ يقول "حكومة البخيت حلت على الضوء الأخضر لمحاربة الفساد، على الرغم من التحفظ على بعض أداء الحكومة وتركيبتها هناك ميزة في نفس الرئيس انه ليس تاجرا أو رجل علاقات ومصالح بمعنى انه خالي من المصالح بدرجة كبيرة فهو رجل موظف وهذه ميزة تعطيه قوة دفع اكبر" .

لكن محاربة الفساد حسب المعارضة تحتاج الى عدد من الأمور يلخصها نائب المراقب العام لجماعة المسلمين بـ "محاربة الفساد ومكافحته لا تتم بشكل واحد ومنهج واحد فلا بد من تعميم الشفافية والمراقبة في المجتمع ولا بد من إشراكه كما هو حال مختلف المجتمعات المتقدمة، وهذا لا يتم دون وجود برلمانات حقيقية يتم انتخابها حسب قوانين عادلة ديمقراطية صحيحة ومتقدمة تفرز برلمانات فاعلة قادرة على مراقبة الحكومات ومحاسبتها وإيقافها عند اللزوم، كما نحتاج الى منهجية الى تشكيل الحكومات بطريقة صحيحة وسليمة من خلال إشراك القوى ذات التمثيل الأوسع في المجلس النيابي وان تصبح هذه الحكومة مسؤولة أمام المعارضة وأمام الشعب".

لكن السؤال الذي يثار الآن هل سنشهد إحالة المزيد من ملفات الفساد الى القضاء؟ ام ستكتفي الحكومة بالأربعة ملفات المنظورة أمام القضاء وهي المغنيسا والكابسات واتحاد الجمعيات الخيرية، وجمعية المركز الإسلامي و قضية فساد في إحدى شركات البورصة.

أضف تعليقك