البخيت: البوصلة الأردنية تجاه القدس واللاجئين.. والقضية الفلسطينية قضية أمن وطني
أكد رئيس الوزراء الدكتور معروف البخيت أن البوصلة الأردنية تتجه إلى القدس واللاجئين، وذلك في مواجهة التحديات التي تعيشها المنطقة واستحقاقاتها، مشيرا إلى أن القضية الفلسطينية، بالنسبة لنا في الأردن، ليست ولا يجوز أن تكون، مجرد قضية قومية عادلة وحسب، وإنما هي، بالدرجة الأولى قضية أمن وطني أردني، يرتبط بحلها عدد من الملفات والتي تشكل أولويّة وطنيّة وسياسيّة أردنية، وفي مقدمتها القدس واللاجئون.
وأوضح البخيت في محاضرة بعنوان “مستقبل القضية الفلسطينية في إقليم متحول ” ألقاها في نادي الملك حسين بعمان مساء الثلاثاء أمام رئيس وأعضاء جمعية الشؤون الدولية والنادي الدبلوماسي، أن علاقة الأردن مع الأطراف المختلفة بما فيها الفلسطينية ليست علاقة عاطفية بل هي علاقة سياسية قائمة على اعتبارات المصالح الأردنيّة العليا؛ وكلّ ما يخدم هذه المصالح هو حليف للأردن، وكل من يحاول التفريط بهذه الاعتبارات، هو في الخندق المعادي، بغض النظر عن نواياه ومشاعره، وذلك في حديثه عن علاقة الأردن بحركة المقاومة الإسلامية “حماس”.
كما أكد رئيس الوزراء أن الحكومة أكدت والتزمت في بيانها الوزاري، بأن تكون الحليف الأقوى والأصلب للاجئين الفلسطينيين، في استعادة حقوقهم التاريخية، وإقرار حق العودة، مشددا على أن الحكومة مسؤولة بكل معاني المسؤولية عن الدفاع عن حقوق مواطنيها، وخصوصا الحقوق التاريخية؛ فهو التزام تجاه اللاجئين وهو أمر مصيري للدولة الأردنية ولمستقبلها.
وحول ما يشاع عن الوطن البديل أكد البخيت أن الأردن دولة قوية لها جذورها وليست دولة ورقية مشددا على أن هذا الحديث لا يخيفنا أيا كان مصدره .
ولفت بان الاردن سيقاتل دبلوماسية لحماية المصلحة العليا للدولة الاردنية ، واضاف:" سنكون طليعة بالصدام بكافة الوسائل الدبلوماسية وغيرها لافشال أي مخطط فالاردن ليس دولة ضعيفة مطلقا" واشار بان السلطة الفلسطينية ليست عائق في هذه المرحلة بل هي القيادة الشرعية التي اختارها الشعب ونسعى الى تصويب موقفهم.
فالدولة الأردنية القادرة والمؤهلة للدفاع عن حقوق مواطنيها، بحسب البخيت، وعدم السماح بأي تنازلات قد يقدمها أي كان، على حساب الحقوق التاريخيّة للمواطنين الأردنيين من اللاجئين، لا تقبل إلا بإقامة الدولة الفلسطينية وضمان حق العودة.. وبغير ذلك؛ فإن أي طريق لا تقود إلى تحقيق هذه الغاية هي طريق ضلال وضياع، مؤكدا أن الموقف الأردني من طرح مسألة الاعتراف بدولة فلسطينية على مجلس الأمن في أيلول القادم، كان على الدوام وسيبقى الداعم والفاعل باتجاه استعادة الحقوق الوطنية الفلسطينية، بموجب قرارات الشرعية الدولية ومرجعيات العملية السلميّة الواضحة وغير القابلة للالتباس، وفي مقدمة ذلك إقامة الدولة الفلسطينيّة السيّدة، والمستقلة، وإقرار حقّ العودة.
وأضاف “لن نسمح لإسرائيل باستغلال الظروف الصعبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني بابتزازه أو الضغط عليه لتقديم تنازلات. وسيواصل الأردن، بقيادته الهاشميّة المبادرة، كلّ الجهود والمساعي لتأمين الدعم العربي والدوليّ للفلسطينيين في سبيل إقامة دولتهم المنشودة، وفق قرارات الشرعيّة الدوليّة ومرجعيّات العمليّة السلميّة، وبما يضمن، وقبل أيّ اعتبار، إقرار الحلّ العادل لملف اللاجئين”.
وعلى هذا الأساس، لا بُدّ من الوقوف مرة أخرى، تحسّباً لأيّ تنازل جديد من أي جهة كانت، والقول بوضوح، بأن “دولة فلسطينيّة” دون ضمان حق اللاجئين بالعودة والتعويض ، ودون القدس، ليست هي “الدولة الفلسطينيّة” المنشودة، ولن تعبّر عن نضالات وتضحيات العرب والفلسطينيين خلال ستة عقود، كما أنها لا تصلح أبداً مآلاً للمشروع الوطني الفلسطيني. وعلى العكس من ذلك، فستكون هذه بمثابة صيغة تقود الى التصفية المباشرة، وعلى طريقة الاغتيال، للمشروع الوطنيّ الفلسطينيّ ولتاريخ من النضالات والتضحيات، التي ساهم فيها كلّ عربيّ شريف، حتى اكتسبت القضيّة الفلسطينيّة قوّتها من شرعيّتها، ومن قوّة العامل الدولي الداعم لها، والمؤمن بعدالتها.
تحولات عربية..والأردن هو الجدار الصلب..
واستعرض رئيس الوزراء التحولات التي تشهدها الساحة العربية في عدة مناطق، حيث أوضح أن المفهوم التقليدي للأمن القومي العربي، لم يعد كما كان منذ أقل من عام، بل إن أولويات الأمن الوطني، قد لا تكون متشابهة، من دولة عربيّة إلى أخرى، تبعاً للخصوصيّات وطبيعة التحدّيات التي تحكم سلوك وحسابات كلّ دولة منها.
- التطوّرات المصريّة: وإن كانت مصر هي الأقرب إلى التعافي، واستعادة الدور والحضور، من بين الدول التي عصفت بها التغييرات الداخليّة، إلا أن عامل الوقت هو المؤثّر الحقيقي، وستحتاج التحوّلات الكبرى التي تشهدها مصر إلى زمن كافٍ لتأخذ شكلها وإطارها الجديدين، في ضوء التحوّلات المحيطة، والتي تمرّ بها المنطقة كلها. وستنشغل القاهرة بلا شك، بترتيب بيتها الداخلي، وصياغة ملامح نظامها الجديد، وربما تعيد تموضعها سياسيّاً. في حين أن خطوة بحجم دعم المصالحة الفلسطينيّة الأخيرة، لا تكفي للاستدلال على دور مصريّ نوعي، وقد تعبّر عن حاجة داخليّة مصريّة بإعادة ترتيب الأوراق، وفقاً لحسابات التحوّل وإعادة التموضع.
- سوريا: وهي اللاعب البارز على أكثر من ساحة وملف على مستوى الإقليم، والشريك الرئيس في ملفات التسوية الشاملة والحلّ النهائيّ، تدخل منذ شهر مرحلة جديدة، تعيد لاشكّ، ترتيب أولويّات دمشق، وتفتح الاحتمالات على أكثر من افتراض. وبالمحصلة؛ فإن للتحوّلات السوريّة تأثيراً مباشراً على الملف اللبناني وعلى الملف الفلسطينيّ، وتحديداً فيما يخصّ العلاقات الفلسطينيّة- الفلسطينيّة، بين السلطة والفصائل، وغيرها؛ كما تفتح باب العلاقة مع الأطراف الإقليميّة، على مصراعيه، وبما يؤثر كذلك على ملفات أخرى تمتدّ حتى أمن الخليج العربيّ.
- على المستوى السعودي: ومع ملاحظة الدور الكبير الذي لعبته الرياض خلال العقد الفائت، في دعم منطق الاعتدال، وتحفيز التضامن العربيّ، واجتراح المبادرات؛ فإن السعوديّة تواجه اليوم تحدّيات مهمّة تتعلق بأمن الخليج العربيّ، تبعاً للتحوّلات الأخيرة، وهي تجترح مبادرات وتبذل جهوداً كبرى على صعيد ما شهدته البحرين، كما تقود المبادرات على صعيد ملف الأزمة اليمنيّة وتحوّلاتها، وارتباطاتها العضويّة بالوضع الخليجيّ، عموماً. وتجابه المملكة الشقيقة محاولات التدخّل الإقليميّ، ومساعي التصعيد، بكل حكمة وإصرار على حماية الاستقرار الخليجيّ، كأساس لحماية الاستقرار العربيّ.
وأشار البخيت إلى أن التحديات الجديدة، فرضت أولويات مختلفة على كل دولة عربية تبعا لخصوصيتها، في حين أن مراكز الحراك والثقل السياسي الإقليمي العربي من مصر إلى سوريا والسعودية، كانت الأكثر تأثرا بالتغييرات أو تعرضاً لآثارها واستحقاقاتها خارجياً وداخلياً، على حدّ سواء.
وأضاف أن التحولات الكبرى والمداهمة على الساحة العربيّة، قادت إلى حالة من اختلال أركان التوازن إقليميّاً؛ وأخذت تضعف، وتتلاشى، المحاور والتحالفات التقليدية التي صاغت المعادلة السياسية بالمنطقة على امتداد السنوات القليلة الماضية، مع بروز تحدّيات جديدة، أعادت ترتيب أولويّات أكثر من دولة عربيّة، وعلى حساب الملف المركزيّ وهو القضية الفلسطينية.
وأشار إلى أن الجانب المضيء والمشجع في هذه الظروف الصعبة، هو بوادر نجاح الفلسطينيين بعقد اتفاق مصالحة، يفتح الطريق أمام إعادة الوحدة للصف الفلسطيني ويبشّر بإرادة تجاوز حالة الانقسام التي ألحقت ضرراً بالغا بالقضية الفلسطينية.
فيما تسود حالة من الإرباك والغموض، مستقبل ووجود التنظيمات المسلحة والجماعات السياسيّة التي استأثرت بالمشهد والتأثير في أكثر من بلد عربيّ، بانتظار ما ستفضي إليه التحوّلات واحتمالاتها المفتوحة.
إلا أن الأردن، بحسب البخيت، وفي ظل المشهد العربي، وأولوياته، هو الجدار الصلب، الذي يقف في وجه كل المحاولات والاستهدافات. ونحن، لا شك، نؤمن بأن عناصر القوة أكبر بكثير من نقاط الضعف، وما زال المجال رحباً أمام التحرّكات النوعيّة مهما ضاقت المسافات؛ فمَن يمتلك قوّة الشرعيّة، ومَن يتحلى بالمصداقيّة ووضوح النهج والرؤيا، سيبقى ممتلكاً لزمام المبادرة، قادراً على التفاعل والاشتباك الإيجابيّ..
وقال على أميركا وإسرائيل استخلاص الدروس مما يحدث في العالم العربي وقراءة الموقف وهذه اللحظة التاريخية بشكل سليم لجهة الاستمرار بالجهود المبذولة لتحقيق السلام وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
نظرة إلى الداخل..
أكد رئيس الوزراء د. معروف البخيت أن الأردن تبنى منذ سنوات مبادرات أردنية للإصلاح، باعتباره ضرورة وحاجة أردنية يفرضها تقدم المجتمع لافتا إلى أن عملية الإصلاح لم تأت استجابة للظروف التي تمر بها المنطقة وأن كان لها اثر في تسريع وتيرتها .
وشدد البخيت بأن الحكومة لن تعدل أسعار المحروقات الا بعد استنفاذ كافة الوسائل المتاحة قبل اللجوء الى رفع اسعار المحروقات.
الصورة من الموقع الالكتروني لوكالة الأنباء الأردنية “بترا”..