البالون الأبيض: سؤال الحرية والشوق إلى البراءة

الرابط المختصر

إيران في عيون طفلة، تلهو وتلعب، تبحث عن طفولتها بين أزقة وشوارع إيران، أنه الفيلم الإيراني "البالون الأبيض"، ليخترق فيه مخرجه جعفر بناهي عوالم الطفولة والبراءة والنظر من خلال أعينيهم إلى خبايا واقع الكبار، وما يدور في معترك حياتهم.القصة تركز على الظروف المعيشية البسيطة للأسر الإيرانية، ومن خلال الطفلة تدعى راضية فإن العالم من حولها مليء بالصرعات والغموض، تبحث عن مالها المفقود وذاك هو المجهول حال الطفلة في عالم الكبار.



في أحد الأعياد الإيرانية، وخلال نزهة الطفلة راضية في الطرقات، يلفت نظرها سمكة زينة جميلة في أحد المحلات، أرادتها ملكا لها، وباتت تلح على أمها، تعطيها المال لشرائها، غير أن الصدفة تجعلها تقف وسط مجموعة من الرجال مجتمعون، أمام ساحر وبحوزته الأفعى، يقوم بخدع بصرية أمامهم، وما يلبث إلا أن يجد الطفلة أمامه ومعها النقود داخل إناء الإكواريوم، لأجل وضع السمكة فيه، يأخذ الأموال منها ويضعها على الأفعى، في هذه اللحظات تبدأ راضية بالبكاء ومطالبته بإعادة أموالها، إلا أنه عبث وتذهب.



تعود راضية إلى البيت، وتشرح لأمها ما حصل، ومن ثم تحزن الأم وتعطيها المال كي تعود لشراء السمكة مع تحذيرها بعدم الاقتراب من الرجال الكبار، وهكذا كان، غير أن وقوع ورقة النقد في أحد المصارف المياه، يحول دون وصولها إلى المحل، وتبقى جالسة تنظر إلى ورقة النقد، بحسرة شديدة وألم، ويأتيها شقيقها ويحاول أن يلتقط المال العالق إلا أنه لم يستطع.



محاولات عديدة يبذلاها لكي تحصل راضية على ورقة النقد، ويأتيها رجل عسكري يتحدث معها خلال غياب شقيقها، وهي تصده وتحاول أن تفرد فستانها على المصرف الحديدي، كي لا يشعر بوجود المال، لكن يأتي شاب ويساعدها بالنهاية في الحصول على مالها.



صورة سينمائية بسيطة حاول المخرج بناهي أن تخرج بها حلة الفيلم، بساطة وقوة الدلالات، ومن خلال طفلة اجتمعت صورة البراءة والأمل فيها.



لعل المخرج حاول أن يصنع من الأطفال نجوما بحق؛ فالطفلة راضية وأسمها الحقيقي عائدة محمد خان، كانت النجمة وسيدة الموقف والحدث، تحاور أخيها وأمها، وكذلك المسنة في الشارع والتي حاولت مساعدتها، تتحدث بتلقائية وعفوية طفل لا يكترث بالكاميرا.



نجح حقا المخرج بدخول أعماق الطفلة، والتعبير عما يجول بداخلها وكيف ترى العالم من حولها، إنها ببساطة نظرة واقعية موضوعية على عوالم الكبار كيف يشعرون ماذا يقولون، هي طريقة ذكية من المخرج أن يجعل تلك الطفلة المبدعة بطلة ترى بالعين ما لا يجده الكبار.



فيلم "البالون الأبيض" يعتبر من أهم أفلام جعفر بناهي، والذي كان مساعدا سابقا للمخرج الإيراني عباس كياروستمي وهو الذي كتب سيناريو هذا الفيلم.



وقد فاز الفيلم بجائزة الكاميرا الذهبية في مهرجان كان السينمائي عام 1995. محققا أعلى دخل مالي، عن أي فيلم شهدته السينما الإيرانية في الولايات المتحدة الأمريكية.



وقد قررت الحكومة الإيرانية سحب الفيلم من منافسة جائزة أوسكار، احتجاجا على قيام الكونجرس الأمريكي بتنفيذ مشروع قانون مناهض لإيران ومنعت المخرج جعفر بناهي من السفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية، للترويج للفيلم. في غضون ذلك قامت الأكاديمية الأمريكية لفنون وعلوم السينما التي تمنح جوائز الأوسكار، والتي رفضت قرار الحكومة الإيرانية، إلا أنه لم يفز بالمهرجان.



التعبير عن الرغبة في الحرية؛ هو العنوان العريض للفيلم، يطرح أكثر من معنى، فسؤال الحرية، وضرورة التعرف على عالم الأطفال، واستغلال الكبار وجشعهم واللامبالاة، وضياع المال والبحث عن الذات في هذا الزمن الذي نهشته الماديات، كانت موجودة بهذا الفيلم الذي وجده النقاد من أهم الأفلام الإيرانية على الإطلاق.

أضف تعليقك