الاستثمار الزراعي بالسودان حبرعلى ورق
يمكن القول ان الوقت أزف لإسدال الستار على ملف الاستثمار الزراعي الأردني في السودان ليصير حبرا على ورق خصوصا مع قرب انتهاء المهلة التي حددتها الحكومة السودانية لاستغلال الأراضي المخصصة له.
هذه المشروع الذي يهدف الى زيادة الإنتاج الأردني من الاعلاف و لم ير النور رغم مرور اكثر من عقد من الزمن على منح السودان 400 ألف دونم من اراضيها للمملكة، لاستغلالها زراعيا، الا انها لم يتم استغلال تلك الاراضي حتى اللحظة.
تشير مصادر حكومية الى ان المملكة أمهلت من قبل الحكومة السودانية سنة واحدة لاستثمار قطعة الارض التي منحتها السودان في وقت سابق في منطقة الجزيرة والنيل وان المهلة جاءت ضمن الاتفاقية التي وقعها السفير السوداني محمد عثمان مع الحكومة الاردنية في شهر تشرين الثاني الماضي وتنتهي بنهاية العام الحالي 2009
وتشمل المهلة خطة اردنية للاستثمار الزراعي في الاراضي التي منحتها السودان للأردن في الوقت الذي يبدو ان التعثر في الجوانب المالية والإجرائية والفنية والقانونية للمشروع دفع وزارة الزراعة الى السير في اجراءات تأسيس شركة قابضة للاستثمار في المشروع الزراعي في السودان تمثل القطاع الخاص فقط وفق مراقبين.
ويقدر مصدر مسؤول، فضل عدم ذكر اسمه، حجم الاستثمار الزراعي الاردني في السودان المطلوب بنحو 140 مليون دينار تقريبا ما يبرر عدم رغبة القطاع الخاص في الاستثمار في الزراعه بالسودان، لافتا الى ان الجهات الرسمية لم تتابع بشكل حثيث عملية تنفيذ المشروع مع القطاع الخاص رغم اثبات جدواه في دراسة الجدوى الاقتصادية له التي اشرفت عليها منظمة التنمية الزراعية.
و تختلف الروايات حول طبيعة زراعة تلك الاراضي، حيث تؤكد المصادر ان الاراضي الممنوحة كانت مخصصة لإنتاج السكر والوقود الحيوي، فيما تدرس وزارة الزراعة تخصيصها لزراعة الاعلاف والقمح والانتاج الحيواني.
وفي هذا الاطار تبرز التساؤلات عن المطلوب في الفترة المقبلة لصالح انقاذ الاستثمار في السودان الذي يعتبر فرصة كبيرة للأردن في ظل تناقص محصول القمح والشعير عاما بعد عام وعلى مدى السنوات الست الماضية بسبب قلة كميات الأمطار.
ووصل معدل إنتاج القمح في المملكة العام الماضي الى أدنى مستوى له إذ بلغ 6649 طنا، في حين يحتاج الى نحو800 ألف طن سنويا، بحسب احصائيات وزارة الزراعة.
ولسد احتياجاته من القمح، يحتاج الاردن لزراعة مليوني دونم قمح ومليوني دونم شعير، في حين لا تتجاوز مساحة الاراضي الصالحة لزراعة القمح والشعير زراعة بعلية وبمعدل سقوط للامطار 200 ملم، مليون دونم.
بدوره قال وزير الزراعة المهندس مزاحم المحيسن أن الحكومة قررت تنفيذ مشروع زراعة الحبوب في السودان خلال الفترة المقبلة لمواجهة ارتفاع اسعار المواد الغذائية وانها تحفز القطاع الخاص على زراعة محاصيل استراتيجية في السودان.
واشار الى ان الاردن لديه مشروع زراعي سابق في السودان حيث خصصت مساحات من الاراضي لزراعتها، بالاضافة الى ارض خصصتها السودان حديثا ليقام عليها مشروع زراعي ضمن تصور واضح تسهم فيه الهيئة العربية للاستثمارات الزراعية.
ويتابع المحيسن، في تصريحات سابقة، انه تم بحث امكانية توسيع النشاط الزراعي الاردني في السودان على هامش اجتماعات اللجنة العليا الاردنية السودانية من خلال القطاع الخاص الاردني خصوصا في منطقة ميكاب راب والذي وافق السودان على اعطاء مهلة للجانب الاردني لاستغلال الاراضي المخصصة له حتى نهاية 2009
الى ذلك أكدت الحكومة أكثر من مرة إنه سيتم تكليف أحدى بيوت الخبرة المالية المتخصصة تمهيداً للسير في اجراءات تأسيس شركة قابضة للاستثمار في المشروع الزراعي الاردني في السودان.
وقال المحيسن أن بيت الخبرة المالي الذي سيكلف في المهمة سيتولى بلورة مختلف الجوانب المالية والإجرائية والفنية والقانونية.
وسيسعى إلى تحديث دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع الاستثماري الزراعي في السودان التي أعدتها في وقت سابق المنظمة العربية للتنمية الزراعية، ممولة كمنحة من البنك الاسلامي للتنمية بقيمة 400 الف دولار.
وأكد ان المشروع سينفذ ويدار بالكامل من قبل القطاع الخاص وسيكون دور الحكومة داعما في إنشاء البنية التحتية اللازمة، مشيراً الى أن الدراسة التي قامت بها المنظمة العربية للتنمية الزراعية من خلال خبراء مختصين أثبتت الجدوى الاقتصادية والفنية للمشروع، ما يشجع على التعجيل ببدء التنفيذ.
وقال إن المشروع يعتبر خياراً استراتيجياً للأردن كونه يوفر رقعة زراعية مناسبة وبموارد مائية، مما يمكن من زراعة محاصيل الحبوب والأعلاف وتربية المواشي لتوفير احتياجات الاردن، إضافة لزراعة المحاصيل المناسبة للتصدير.
ووقع الاردن والسودان عام 1998بروتوكولا للتعاون الزراعي خصص السودان بموجبه مساحة من اراضيه، بهدف استثمارها في المشاريع الزراعية، فيما يذكر أن اتفاقية استثمار زراعي وقعها الجانبان بعد ذلك، تم بموجبها تحديد أرض في سهل المكابراب ضمن ولاية نهر النيل جنوب منطقة الدامر (عاصمة ولاية نهر النيل، تبعد 300 كم شمال الخرطوم).
وتنفذ السودان برنامجا يقضي باعطاء الدول العربية الراغبة بالاستثمار زراعيا فيها جزءا من المساحات السودانية الشاسعة، مقابل احياء تلك الاراضي وتشغيل العمالة السودانية.
ومنحت الاتفاقية الاردن العديد من الميزات، كحرية حركة رأس المال والتحويل، وتصدير منتجات المشروع مصنعة او غير مصنعة او بيعها محليا، اضافة الى حرية اختيار مديري المشروع وموظفيه وفنييه وعماله من السودانيين او الاردنيين، واستيراد المستلزمات من معدات والات ومدخلات الانتاج.











































