الإعلام الالكتروني: واقع وآفاق

الإعلام الالكتروني: واقع وآفاق
الرابط المختصر

شهد الأردن خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة نموا ملحوظا في عدد المواقع الإعلامية على شبكة الانترنت، وإذا ما استثنينا مواقع الصحف اليومية الرئيسية الخمس، وبعض مواقع الصحف الأسبوعية، فقد وصل عدد المواقع الإعلامية الالكترونية المستقلة إلى اثني عشر موقع إضافة إلى موقع وكالة الأنباء "بترا" ومواقع الإذاعة والتلفزيون الرسميين.

ادت سرعة انتشار الانترنت في الاردن الى زيادة اقبال صحفيين مستقلين على انشاء هذه مواقع خاصة بهم بدأت تنافس المؤسسات الصحفية الكبرى من ناحية السمعة والاقبال.
وتشير معطيات "موقع العالم للانترنت، الصادرة مطلع العام الحالي أن الأردن يحتل المرتبة السادسة بين دول الشرق الأوسط في استخدامه للانترنت. ازداد عدد مستخدمي الانترنت في الأردن في العام 2006 بحوالي خمسة أضعاف ما كان عليه العام 2000.
كما تشير الإحصاءات المتضمنة بيانات ومعلومات حول استخدام الإنترنت في دول الشرق الأوسط مقارنة بعدد سكان تلك الدول، إلى ان نسبة استخدام الإنترنت في الأردن وصلت إلى ما يقارب 12% من مجموع السكان وان عدد مستخدمي الإنترنت في الأردن مع نهاية العام 2006 وصل ما يقارب 630 ألف مستخدم يمثلون حوالي 3.3% من مجموع مستخدمي الإنترنت في دول الشرق الأوسط".
واكثر من ذلك، هو زيادة اعتماد مستخدمي الانترنت في الأردن على خطوط ADSL، إحدى تقنيات الحصول على خدمة الإنترنت عريض النطاق أو ما يسمى "البرودباند - إنترنت". إذ
ويرتفع عدد خطوط ADSL شهرياً وفقاً لعاملين في القطاع، إذ زاد عدد الخطوط في الأشهر الثلاثة من العام الحالي بواقع 4.5 ألف خط، ليصل إجماليها نهاية الربع الأول إلى 60.2 ألف خط، بزيادة نسبتها 10% مقارنة مع عددها نهاية العام الماضي، إذ بلغ آنذاك 54.8 ألف خط، استنادا إلى بيانات مجموعة الاتصالات الأردنية، التي تملك الشبكة الأرضية الوحيدة في السوق لهذه الخطوط."
وسمحت هذه التطورات، من بين عوامل اخرى، بظهور عدد كبير من المواقع الالكترونية الأردنية، أبرزها:
"عمان نت، وكالة عمون، وكالة رم للأنباء، سرايا نيوز، مرايا، خبرني، آيلة، السوسنة ، موقع خبرني، موقع اجبد، موقع البلقاء نت، موقع ابو محجوب، إضافة إلى اهتمام الصحف المحلية الرئيسية الأربعة بتحسين مواقعها على شبكة الانترنت.
المواقع الالكترونية الأردنية: واقع وتحديات
وأظهرت دراسة قام بها مركز "إبسوس ستات" للدراسات أواخر العام 2007، أن 2.3% من بين 2000 شخصية ممن استطلعت آراؤهم عبر الهاتف يتصفحون المواقع الالكترونية الإخبارية.
فيما بينت دراسة أعدها مركز إستراتيجية لصالح برنامج تدعيم وسائل الإعلام الأردنية التابع للوكالة الأميركية للإنماء، ونشرت في 10 آذار/مارس 2008 ان نسبة قراء الصحف المحلية على الانترنت (لقراء الجريدة ذاتها) هي20% من قراء صحيفة الجوردان تايمز، تلتها صحيفة العرب اليوم بنسبة 14.5%، ثم صحيفة الغد بنسبة 12.2%، ثم الرأي بنسبة 7.5% والدستور بنسبة 4.8%.(8)
واقع المواقع الالكترونية
خلال عمرها القصير حققت المواقع الالكترونية في الأردن حضورا مميزا، على الأقل في الوسط الصحفي، وباتت تلفت الانتباه. ومع ذلك فان هذه المواقع لا تزال تعاني الكثير من المشاكل، وتنتصب أمامها تحديات كبيرة، ان لم تعمل على حلها فان مستقبلها سيكون على المحك.
الايجابيات
بالنظر الى واقع الإعلام المحلي، فان من أهم ايجابيات المواقع الالكترونية انها حققت حراكا في واقع الإعلام، وبدأت بدفع محرري الصحف إلى التفكير الجدي في المنافسة التي فرضها وجود هذه المواقع وتخطي بعضها لبعض الخطوط الحمراء.
ويرى رئيس تحرير موقع عمون الإخباري سمير الحياري أن الصحافة الالكترونية في الأردن شهدت تطورا ملحوظا خلال عام، وهو ما يمكن ملاحظته عبر ارتفاع نسبة تصفح القراء لهذه المواقع وحجم التفاعل مع المواد المنشورة فيها.
ويعتقد أن نسبة المقروئية العالية للمواقع الإخبارية "شكلت هاجسا" لدى الكثير من الصحافة اليومية والأسبوعية لتطوير مواقعها، أو إنشاء مواقع الكترونية لمواكبة التطور الهائل في ثورة الاتصالات".
ويقول رئيس قسم الصحافة والإعلام في جامعة البتراء تيسير أبو عرجة إن الثورة في مجال تكنولوجيا الاتصال أحدثت تغييرا في عادات التعرض لوسائل الإعلام، وخلقت حالة جديدة من التعامل معها، حيث أصبحت وسيلة لتبادل وجهات النظر وأداة للخروج باستطلاعات رأي سريعة حيال قضية معينة سواء كانت سياسية أو اجتماعية.
ويقول إن المرحلة الحالية تتطلب من وسائل الإعلام كافة تطوير أسلوبها في بث المعلومة الخبرية، بما يتوافق ونمط الحياة الذي نعيشه من حيث الزمن والمساحة.
ويعتقد أبو عرجة أن "الصحف الورقية لا تستطيع التخلف عن الركب ويجب أن تعطي مواقعها الالكترونية أكبر قدر من الاهتمام باعتبارها تصل إلى آفاق أبعد كثيرا من مدى الانتشار أو التوزيع الورقي وبالتالي هي معنية بتطوير هذا النوع من الصحافة".
ويقول "لا يمكن الحديث أن الصحافة الالكترونية يمكن أن تنهي عصر الصحافة الورقية سيما وأن كلا النوعين يتعايشان معا".
وبالفعل فان الصحف المحلية باتت تعطي وزنا اكبر لمواقعها. ويؤكد مدير الدائرة الاقتصادية في جريدة "العرب اليوم" سلامة الدرعاوي أن الصحافة الالكترونية تحظى باهتمام واسع من القراء ممن خرجوا عن نطاق القراءة التقليدية للصحيفة بقراءتهم للصحيفة عبر الانترنت.
وبالفعل فان الصحف اليومية بدأت تعمل على تطوير موقعها على الانترنت، كما فعلت صحيفة "الدستور" التي أعادت برمجة الموقع وسمحت للقراء بالتعليق على مواد الصحيفة وخصصت زاوية خاصة للنقاش أتاحت من خلالها للجمهور الإدلاء بآرائهم في قضايا محددة.
وتقوم "الدستور" بإعادة نشر هذه التعليقات في نسختها الورقية، كما حدث في استطلاع رأي الجمهور حول تصريحات وزير الطاقة خلدون قطيشات للصحيفة التي أعلن فيها في كانون الأول/ديسمبر العام الماضي التوجه لرفع سعر اسطوانة الغاز إلى 9.900 دينار، وقد خصصت الصحيفة يوم (30/12/2007) صفحتين أعدهما ماهر ابو طير أعاد فيهما نشر ردود فعل القراء، بما فيه من انتقادات لاذعة للحكومة، على تصريحات قطيشات التي وردت في زاوية "قضية للنقاش"، عبر موقعها الالكتروني الذي بدأ ينشط في الآونة الأخيرة ويستقطب المزيد من القراء.
والحال، ان كل الصحف عملت على تطوير مواقعها الالكترونية، وقد نشر موقع "مرايا نيوز"، في شهر شباط /فبراير خبرا مفاده ان صحيفة "الرأي" ستطلق قريبا موقعا الكترونيا جديدا يواكب التطورات التقنية في النشر الالكتروني.
على أن واحده من أهم الميزات التي خلقتها المواقع الالكترونية هي بروز ظاهرة "المواطن الصحفي" التي سوف نناقشها بالتفصيل لاحقا.
فقد دفعت المواقع الكثير من المواطنين إلى ملاحقة الأحداث ومتابعتها وإرسال موادهم الإخبارية والصور للمواقع الالكترونية.
ويقول تقرير لصحيفة "القدس العربي" نشر في 7 شباط/فبراير 2008 ان : " صحافة النت التي فرضت نفسها بقوة علي المجتمع الأردني الآن أسقطت الكثير من الحسابات وغيرت الكثير من التضاريس الإعلامية، فوكالات الأنباء الدولية شهدت بأن أشهر الراصدين الجويين فــي الأردن الآن هــو الشاب الصغير محمد شاكر الذي بدأ هاويا للرصد الجوي، وهو نجم عرف أيضا من خلال (عمون) قبل أن تشجعه مؤسسة رسمية تصطاد المواهب ليؤسس بدوره صحيفة الكترونية متخصصة بالطقس يعتمد عليها الآن الكثير من المواطنين.
بدورها حصلت صحيفة مرايا الالكترونية من مواطن تقمص دور المراسل الصحافي على معلومات قيمة تتعلق بزيارة ملكية لإحدى المناطق قبل حتى أن يعلم الإعلام الرسمي بالمسألة.
ومن الواضح تماما أن الناطقين الرسميين في أجهزة مثل الشرطة والدفاع المدني يتعرضون إلى هجوم من الأسئلة بمجرد نشر معلومات عن حوادث تقع في صفوف الأردنيين هنا وهناك.
ومع انتشار المواقع الإخبارية والصحافية علي الشبكة وشيوع ثقافة التعامل الجماهيري معها والاتصال بها تشكل في الشارع ووسط الناس والجمهور والشعب جيش من المراسلين الصحافيين الميدانيين الذين ينقلون الخبر بالكلمة والصوت والصورة أحيانا، فموقع عمون نشر قبل أي جهة اخرى في الدنيا صورا حية لانهيار جسر الزرقاء التقطها المواطن المراسل عبر جهازه الخلوي، ونفس الأمر حصل عدة مرات مع موقع مرايا الذي حصل علي صور خاصة من مواطنين تعلقت ببعض الأحداث ومن بينها الأطفال اللقطاء وصورهم".
كما حصلت مواقع عمون نيوز وبدرجات اقل مواقع سرايا نيوز وعمان نت على تغطية حية ومباشرة من المواطنين للانتخابات البلدية والبرلمانية التي جرت في الأردن في شهري تموز/يوليو وتشرين الثاني / نوفمبر على التوالي.
وقد قام احد المواطنين بتزويد موقع "عمان نت" بصورة فيديو التقطها لعملية شراء الأصوات خلال الانتخابات البرلمانية وقام الموقع بنشرها على الشبكة بتاريخ 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2007.
من النافلة القول إن المواقع الالكترونية أظهرت بما لا يدع مجال كبير للشك اهتمام المستخدم الأردني بألاخبار المحلية، فكلما زاد مضمون الموقع التحريري من الأخبار المحلية، وهذه ميزة إضافتها المواقع الالكترونية، ارتفعت نسبة المستخدمين من البلد وخارجه حيث يوجد مغتربين أردنيين، وهذا ربما ما جعل من صحيفة الرأي الأولى وبعدها الغد وما جعل نسب الاستخدام مرتفعة لكل المواقع من الأردن بغض النظر أحيانا عن ارتفاع سقف حرية الموقع أو انخفاضه.
أسهم تجديد الموقع باستمرار في زيادة عدد المستخدمين وهذا ممكن ملاحظته مع صحيفتي الرأي والغد أكثر من غيرهما حيت تحرص الصحيفتان على تجديد الأخبار بشكل دائم وإنزال مواد كل الصحيفة الورقية على الموقع بخلاف الدستور مثلا وبطء المواقع الاخرى او عدم قدرتها على تحميل كم كبير من الأخبار المتعلقة بالشأن المحلي كموقع عمان نت أو عمون الانتقائيتين في تقاريرهما.
كما تسهم ميزة الردود والتعليقات على جلب عدد كبير من الزوار بما توفره من شعور بالمشاركة لدى المتلقي، وهو ربما ما جعل وكالة عمون وصحيفة الغد تحقق بعض التقدم مقابل المواقع التي لا يوجد فيها هذه الخاصية.
المهنية
فرضت الصحافة الالكترونية واقعاً مهنياً جديداً فيما يتعلق بالصحفيين وإمكانياتهم وشروط عملهم.
فقد أصبح المطلوب من الصحفي المعاصر أن يكون ملماً بالإمكانيات التقنية وبشروط الكتابة للانترنت وللصحافة الالكترونية كوسيلة تجمع بين نمط الصحافة ونمط التلفزيون المرئي ونمط الحاسوب، وأن يضع في اعتباره أيضا عالمية هذه الوسيلة وسعة انتشارها وما يرافق ذلك من اعتبارات تتجاوز المهني إلى الأخلاقي في تحديد المضامين وطريقة عرضها.
على ان الواقع بالنسبة للعاملين في المواقع الالكترونية الأردنية يشير إلى أن الغالبية الساحقة منهم ليست لديها خبرة سابقة في هذا المجال، وفقا لما يؤكده مسؤولو هذه المواقع.
والعاملون هم في معظمهم صحافيون عملوا في أما في صحف يومية أو اسبوعية، وقاموا بنقل أسلوب عملهم التقليدي السابق إلى هذه المواقع.
وتتفاوت خبرات هؤلاء في مجال الإعلام المكتوب، حيث ان بعضهم له خبرة طويلة، في حين ان النسبة الأكبر لا تمتلك خبرة طويلة أو أنها لا تمتلك خبرة أصلا.
ويضاف إلى ذلك أن إعداد الصحافيين العاملين في المواقع قليلة قياسا بالحاجات اللازمة لهذا العمل، حيث أن بعض المواقع يعمل فيها صحافيان فقط، في حين أن العدد الأكبر للعاملين في أي من هذه المواقع لا يتجاوز الخمسة صحافيين.
كما ان اللوجستيات المتوفرة لمعظمها تبدو متواضعة إلى حد بعيد حيث أن بعضها يعمل من خلال مكاتب صغيرة بها عدد محدود من أجهزة الكومبيوتر فيما بعضها الآخر ليست لديه مكاتب ويعمل صحافيوها من المنازل او من مقهى كما في حالة موقع "عمون".
المحتوى والتجديد
على الرغم من أن المواقع الالكترونية نافست مواقع الصحف المحلية في سرعة نشر الخبر المحلي، وكذلك في إعطاء مساحة واسعة للقضايا المحلية وهموم المواطن، وكذلك في إشراك المواطن نفسه بصياغة ومتابعة الخبر
الا ان الواقع المتواضع للمواقع من ناحية الخبرات والإمكانات انعكس على طبيعة المحتوى الذي تنشره من حيث التغطية والجدّة.
ومحتوى المواقع في معظمه مستقى من وسائل الإعلام. وهناك أيضا أخبار يرسلها صحفيون من منطلق العلاقات الخاصة، ولا يتقاضون على ذلك أجورا، إضافة لمعلومات وأخبار يرسلها القراء.
وأيضا هناك الردود والتعليقات التي يكتبها القراء والتي تخضع لرقابة من قبل المواقع التي تقوم بالتدخل لشطب عبارات قد تتضمنها الردود وتعتبر "مسيئة أو فيها تحقير وشتم" كما يقول احد مسؤولي المواقع.
وباستثناء "موقع عمان نت "، فانه لا توجد لوائح أو مواثيق داخلية في هذه المواقع تحدد ما هو قابل للنشر من عدمه. وهي بالتالي تعتمد على التقديرات الشخصية للصحفيين العاملين.
ويتجدد المحتوى في هذه المواقع بوتيرة غير منتظمة أو خاضعة لآلية أو اعتبارات واضحة.
فالخبر أو التقرير الذي يصل إلى الموقع يتم نشره مباشرة ليكون الموضوع الرئيسي، وعندما يصل خبر أو تقرير آخر يتم أبعاد الخبر الأول إلى المرتبة الثانية وينشر الجديد في مكانه وهكذا..
وليس هناك تبويب واضح للمحتوى المنشور على الصفحات الأولى للمواقع، ما يجعل المتصفح مشوشا.
وقد تمر ساعات قبل أن يتم تجديد المحتوى في معظم المواقع، وفي نهاية اليوم لا تكون هذه المواقع قد نشرت سوى عدد محدود من المواضيع الجديدة التي تصطف إلى جانب عشرات المواضيع الموجودة على الصفحة الرئيسية والتي يكون قد مضى على بعضها أسابيع.
ومع ان هذه المواقع تعلن عن نفسها على أنها مواقع محلية من حيث الاهتمامات، إلا أنها أحيانا تلجأ الى نشر تطورات تحصل في بلدان اخرى وتضعها باعتبارها الموضوع الرئيسي.
ويعكس كل هذا حقيقة غياب سياسة تحريرية واضحة لدى هذه المواقع تحدد الأولويات والاهتمامات.
هوامش الحرية
يرى مسؤولو غالبية المواقع الالكترونية أنها تتمتع بمستوى حرية جيد قياسا بهامش الحريات في الصحافة المطبوعة، لكن بعضها تحدث عن "أشكال مختلفة من الرقابة والقيود" التي تفرضها الحكومة والقوانين ومؤسسات "دينية ومجتمعية".
وفي الوقت الذي تؤكد فيه غالبية المواقع إنها لا تتعرض لمضايقات من قبل الحكومة الا ان بعضها تحدث عن تلقي تهديدات بمقاضاتها من قبل مواطنين بسبب مواد منشورة في مواقعهم.
لكن القضايا التي يتم التلويح بها لا تصل المحاكم بسبب ان "المواطن عندما يكتشف ان الموقع الذي يريد مقاضاته غير مسجل في الأردن، فانه يصاب بالإحباط ويعدل عن نيته" كما يقول هاشم الخالدي مسؤول موقع "سرايا".
في المقابل، تحدث مسؤولو بعض المواقع عن أشكال من القيود والرقابة وكذلك عن تعرضهم لمضايقات وضغوط من قبل الحكومة وبعض المؤسسات الأهلية.
وفي هذا الإطار، قالت سوسن زايدة رئيسة تحرير موقع إذاعة "عمان نت" التي أصبح اسمها حديثا "راديو البلد" ان "هناك أشكالا مختلفة من الرقابة والقيود التي تمارسها الحكومة، القوانين، المعلن والمؤسسات الدينية والمجتمعية المختلفة، على العاملين في هذه المواقع".
وأضافت ان "أحدث الأمثلة هو منعنا من بث جلسات النواب إثر تعليق نشر على موقعنا، تضمن نقدا للنواب".
وأشارت إلى ضغوط حكومية يتعرضون لها من اجل حذف مواد وتعليقات منتقدة. كما تحدثت عن أنواع اخرى من الضغوط تتمثل في قيام وزارات بـ"حجب المعلومات وحتى مقاطعتنا في بعض الأحيان".
ولإغراض هذه الدراسة قام الباحث محمد عمر، احد القائمين على هذه الدراسة، بكتابة تعليقات وباسمه الحقيقي، على مواد نشرت في صحف الدستور والغد والعرب واليوم ومواقع عمون وعمان نت وسرايا نيوز، ولكنها إما تعرضت للتحرير وإما تم تجاهلها أو حذفها في بعض الأحيان.
وفي هذا السياق ايضا، يجدر بالذكر السابقة الخطيرة التي سجلها مدعي عام عمان في ايار/مايو الماضي عندما امر موقع عمون بعدم تحميل تعليقات وردود المستخدمين على خبر اعتقال النائب السابق احمد عويدي العبادي، وهي سابقة خطيرة تؤشر على مزيد من التدخل في عمل المواقع الإعلامية على الشبكة من ناحية، كما تظهر قصورا في نظر بعض الجهات الحكومية حين تحاول التضييق على المواقع المحلية، فإذا كانت وكالة عمون قد صدعت لأمر المدعي العام فهل سوف تصدع مواقع اخرى خارج البلد لهذا الأمر، وهل ستقوم الحكومة بمراقبة الشبكة لضبط أي رد خارج عن ما تريد؟؟.
وعلى أي حال، فانه لا توجد معايير وسياسيات محددة مدرجة في المواقع تحدد كيفية التعامل مع التعليقات، والأمر متروك لتقدير المحررين.
وفي حال وجدت هذه المعايير، كما هو حاصل مع موقع عمان نت، أقدم هذه المواقع، فان محرري الموقع عادة لا يلتزمون بها، وقد قام محرر الموقع بتاريخ 8/2/2008 بشطب تعليق لمعد هذه الدراسة انتقد فيه عنوان احد المواد. في ما سمح المحرر قبل ذلك لتعليق اعتبر مهينا لمجلس النواب الأمر الذي عرض الموقع والإذاعة للمساءلة القانونية.
التنظيم والعمل النقابي:
يواجه الصحفيون العاملين في المواقع الالكترونية مشكلة عدم وجود تنظيم نقابي لهم، يسهم في الدفاع عنهم إزاء أي ضغوط سياسة قد يتعرضون لها، أو للدفاع عن حقوقهم، والارتقاء بمستواهم المهني من خلال التدريب والتنظيم.
ولا يجيز قانون نقابة الصحفيين رقم (15) لسنة 1998 المعمول به حالياً، للصحفيين والمحررين الالكترونيين الذي زاد عددهم على أكثر من مائة صحفي ومحرر، الانتساب للنقابة.
وفي الأول من أيار/مايو الماضي نقلت صحيفة "الغد" عن نقيب الصحفيين الأردنيين طارق المومني قوله إن مجلس النقابة يدرس إدخال تعديلات على قانونها بما يمكنها من مواكبة التطور الذي تشهده الساحة الإعلامية في المملكة في ظل تأسيس العديد من محطات التلفزة والإذاعات الخاصة وانتشار الصحافة الإلكترونية.
ويقول نقيب الصحافيين طارق المومني إن النقابة ستبحث في التعديلات التي سيتضمنها قانونها في أقرب وقت ممكن.
في الوقت الذي يخشى فيه إعلاميون من انتهاء ولاية مجلس النقابة الحالي في نيسان /ابريل المقبل قبل إقرار هذه التعديلات، بسبب مماطلة بعض أعضاء مجلس النقابة وخضوعهم لإيحاءات وتدخلات من قبل أجهزة حكومية أو بسبب مصالح شخصية ضيقة.
ووجه إعلاميون انتقادات واسعة لمجلس النقابة لعدم بحثه تعديل قانون النقابة لغاية تاريخه رغم إعلان المجلس منذ عام عن عزمه البدء بتعديل القانون، إلا أنه لغاية اللحظة لم يتخذ أي خطوة عملية.
وينتقد عضو المجلس ماجد توبة مماطلة النقابة في دعوة اللجنة التي انبثقت عن المجلس وشكلها العام الماضي للاجتماع ووضع توصياتها تجاه تعديل قانون النقابة المعمول به حاليا.
ويؤكد على ضرورة أن تأخذ النقابة دورها الحقيقي والفاعل في الحياة الإعلامية الأردنية، وهو ما يتطلب أولا أن تكون مبادرة وجادة في الارتقاء بالتشريع الخاص بها لمواكبة التطور غير المسبوق في صناعة الإعلام في الأردن على غرار العالم كله.
ويدعو توبة لأن يكون هناك تعديل سريع من مجلس نقابة الصحفيين، وسير القانون في محطاته الدستورية خاصة وأن الأفكار والمحاور المطلوبة أشبعت بحثا وتداولا من قبل الوسط الصحافي الأردني، وعلى رأسها فتح باب العضوية للصحافيين والمحررين في الإذاعات والتلفزيونات الأردنية الخاصة والعاملين في الصحافة الإلكترونية ومعالجة الإعاقات التشويهية لقبول الخبرات الصحافية الأردنية العاملة في الخارج.
وكان إعلاميون طالبوا في أكثر من مناسبة بتسريع النظر في الثغرات الموجودة في قانون النقابة وتعديل ما يتعلق منها باشتراط العضوية، بما يسهل انتساب الصحافيين والإعلاميين العاملين مع مؤسسات إعلامية وأجنبية في النقابة من دون اشتراط فترة تدريب محددة في مؤسسة صحافية أردنية.
واعتبروا أن توسيع باب العضوية "فرصة للتخفيف من الهيمنة الرسمية على النقابة".
وفيما يخص العاملين في الصحافة الإلكترونية، يعتقد مدير تحرير وكالة عمون نيوز الإخبارية باسل العكور إن الأساس في أي جسم نقابي هو تنظيم المهنة سواء أكانت صحافة مكتوبة أو إلكترونية أو إعلاما مرئيا ومسموعا.
وأشار إلى أن الصحافة الإلكترونية بدأت تأخذ حيزا مهما في المشهد الإعلامي ما يتطلب أن تنظم النقابة آليات العمل في هذا النوع من الصحافة، عبر قبول العاملين فيها كأعضاء في نقابة الصحفيين.
ويؤكد العكور أن مجالس النقابة عليها مسؤولية تطوير قانونها لاحتواء الكيانات الإعلامية الجديدة، مشيراً إلى وجود قوى شد عكسي داخل مجالس النقابات المتتالية ترفض إحداث تعديل على قانون النقابة بما يضمن سيطرة توجه دون آخر.
وكانت النقابة خلصت إلى وضع تصورات مبدئية تجاه التعديلات التي سيكون عليها القانون ووافقت الهيئة العامة خلال اجتماعها في نيسان/ابريل الماضي على التعديلات المقترحة بما يعالج ثغرات تتعلق  بشروط العضوية فيها، أبرزها قبول عضوية من يتخذ الصحافة المقروءة أو المسموعة أو المرئية مهنة أساسية ومنتظمة له على أن تشمل العاملين في القطاعين الخاص والعام، واستحداث سجلات للعضوية العاملة والعضوية المشاركة.
ووافقت الهيئة أن يشمل توسيع باب العضوية الصحافيين الأردنيين العاملين في مؤسسات صحافية بالخارج، والصحافيين الأردنيين المراسلين لوكالات الأنباء والصحف الخارجية، وأيضا العاملين في المواقع الإلكترونية الخاصة بالصحف.
ويشار إلى أن أي تعديلات ستضاف إلى قانون النقابة لا بد من مرورها بعدة مراحل دستورية قبل إقرارها، والتي تبدأ بعرضها على الهيئة العامة للنقابة يلي ذلك رفعها إلى مجلس الوزراء وعرضها على ديوان التشريع، وإذا تمت الموافقة عليها تعرض على مجلسي النواب والأعيان لإقرارها.
وبات أكيدا أن تعديل قانون النقابة سيطرح على الاجتماع السنوي للهيئة العامة لنقابة الصحفيين نهاية نيسان/ابريل المقبل للموافقة عليها، تمهيدا لسيره في المراحل الدستورية.
التمويل والإعلان
تعتمد المواقع الالكترونية في اقتصادياتها بشكل عام على:
-      الأرباح المتأتية من الإعلانات، وهذا بشكل عام ينطبق على كل المواقع.
وقد بدأت الانترنت تستقطب حصة كبيرة من حجم السوق الإعلاني. ويعتمد الإعلان في المواقع الالكترونية على مدى شهرة الموقع وترتيبه حسب التصنيفات العالمية المشهورة، ويعتبر موقع "اليكسا ، www.alexa.com " التابع لشركة "أمازون"، من أهم المواقع لقياس تصنيف المواقع الالكترونية في العالم، وهو موقع معتمد رسميا من قبل المعلنين على الشبكة لانتقاء المواقع الكبر والأكثر شهرة.
كما يعتمد إقبال المعلن على مدى تطور التقنيات المستخدمة، خاصة وان صناعة الإعلان على الانترنت أصبحت متطورة جدا ولها طرق حسابية خاصة. وأخيرا فان المعلن يتوجه إلى المواقع التي أثبتت كفاءة وسرعة في عمليات التصفح والتحميل.
ومن جهتها، تبين دراسة لشركة "ابسوس" للأبحاث زيادة في حجم الإنفاق الإعلاني في الاردن بنسبة 28% قياسا بالعام 2006 الذي شهد إنفاقا بحجم 215 مليون دولار.
وكان الإنفاق الإعلاني قد سجّل في العام 2000 حوالي 77 مليون دولار بحسب دراسة "ابسوس" التي تعتمد على الأسعار المعلنة للوسائل الإعلانية قبل الخصومات.
ولم تتحدث دراسة "ابسوس" عن حجم ما انفق على الإعلان في الانترنت. وأيضا لم تقدم الجمعية أرقاما بشأن حجم الإعلان على الانترنت.
إلا أن المدير العام لشركة البوابة ميديل ايست السيد هاني الجبشة، يقدر حجم سوق الإعلانات في الأردن على شبكة الانترنت بما لا يتجاوز نصف مليون دينار فقط بعد اقتطاع الحسومات والضرائب.
ويوضح الجبشة ان القسم الأكبر من هذه الأموال يأتي من معلنين خارجيين أساسا، ثم من معلنين أردنيين، ويتوزع على جميع المواقع بما فيها مواقع عالمية مثل غوغل، ياهو، ام اس ان وغيرها، ويوجه للمستخدم الأردني.
ويرى الجبشة أن المعلن الأردني لا يزال بعيدا عن إدراك أهمية الانترنت في الترويج لمنتجاته ويفضل وسائل الإعلام التقليدية.
وبحسب مصادر مالية فان موقع صحيفة "الرأي" يحتل المكانة الأولى من حيث حجم الإعلانات الداخلية أو الخارجية الموجهة للأردن. لكن لا يزال حجم مداخيل الموقع من الإعلانات لا يشكل أي نسبة حقيقية من أرباح المؤسسة ولا يغطي التكاليف التشغيلية للموقع.
وإجمالا، فان المواقع الالكترونية الأردنية-باستثناء التابعة لصحف- هي مشاريع شخصية يبادر إليها فرد ليس بالضرورة ان يكون صحفيا، أو ربما عدة أفراد.
والربحية هي احد الأهداف التي تشترك فيها المواقع. لكنها لا تزال بعيدة عن هذا المرمى والى الآن تسعى جاهدة لتغطية ما أمكن من تكاليفها التشغيلية عبر استقطاب الإعلان.
ويمثل الإعلان مصدر الدخل الرئيسي الذي تطمح إليه هذه المواقع. لكن إلى الآن لا توجد أسس معلنة تحدد أسعار الإعلان والتي تتفاوت بشدة بين موقع وآخر.
وفيما ينشر بعض المواقع إعلانات بإعداد وأحجام متفاوتة، إلا أن بعضها الآخر لم يحظ إلى الآن بأي إعلان.
وفي ما يراه مسؤولو المواقع، فان السوق بدأ، وان بوتيرة بطيئة، يتقبل فكرة الإعلان على الانترنت، وهم بالتالي يبدون تفاؤلا إزاء ان يأتي يوم في المدى المنظور يتمكنون من خلالها من تغطية الكلف التشغيلية لمواقعهم، والبدء في جني الربح الذي يشكل احد أهدافهم الرئيسية.
وفي هذا السياق، يؤكد هاشم الخالدي مسؤول موقع "سرايا" ان المعلنين "وتقريبا منذ بداية العام" أصبحوا يقبلون على نشر إعلاناتهم في مواقع الانترنت و"بطريقة مذهلة".
ويضيف ان الإعلانات التي تشكل مصدر الدخل الوحيد لموقعه باتت تغطي حاليا ما معدله 30 الى 40 من الكلفة التشغيلية.
ويشير كذلك إلى انه استطاع مؤخرا توقيع عقود إعلانية مع مؤسسات كبرى في الأردن، الأمر الذي دفعه إلى التفاؤل بان يتمكن الموقع من تغطية كامل الكلفة التشغيلية "خلال فترة وجيزة".
ويختلف الأمر بدرجة واضحة بالنسبة للمواقع التابعة للصحف، وخصوصا الصحف اليومية.
حيث يؤكد مسؤول موقع "الدستور" الالكتروني نظمي ابو بكر ان الإعلانات في الموقع لا تغطي الكلفة التشغيلية وحسب، بل وأيضا تدر أرباحا.
ويشير ابو بكر في هذا السياق الى ان الكلفة التشغيلية للموقع "ليست كبيرة" بحكم انه يعتمد على المادة التحريرية التي تنتجها الصحيفة وعلى بنيتها التحتية من أجهزة ومكاتب وغيرها.
كما يؤكد أن الإقبال على الإعلان في الموقع يشهد وتيرة "متصاعدة". ويقول إن "الصفحة الأولى للموقع تصبح في أحيان كثيرة مزدحمة (بالإعلانات) لدرجة تضطرنا الى ترحيل الإعلانات الجديدة الى الصفحات الداخلية".
وفي الوقت الذي تناضل المواقع المستقلة للحصول على الإعلان، إلا أن ابو بكر يؤكد ان موقعه لا يسعى للإعلان "بل هو يأتي لوحده".
وهو يقر بان اسم الصحيفة وانتشارها يشكلان حافزا كبيرا لدى المعلنين وميزة ايجابية للموقع.
هذا، وقد بلغ حجم ما انفق على الإعلان في العالم العربي خلال العام 2007 بلغ 8 مليارات و562 مليون دولار.
الوضع القانوني
لا يوجد موقع الكتروني إعلامي أردني واحد مسجل تجاريا سواء في الأردن أو خارجه. وكل ما يشير إلى وجود هذه المواقع هو مجرد أسمائها لدى الشركات التي تقدم خدمة استضافة المواقع.
وقد استثنى المشرع الأردني الإعلام الالكتروني عن طريق الشبكة الدولية للمعلومات "الانترنت" من تطبيق أي قانون، بحسب دراسة أعدها المحامي محمد قطيشات مدير وحدة البحث والتدريب