الإعلام ، يحيي ويميت
نكتب هذا الكلام بمناسبة صرخة لإعلامي إسرائيلي قال فيها: الجيش الإسرائيلي احتلّ التلفزيون الإسرائيلي ، في إشارة للرقابة العسكرية التي لا تترك شاردة ولا واردة إلاّ وتمرّ عليها ، في أيام الحرب
ولو كان هناك إعلام قبل ستة آلاف سنة ، لعبده البشر باعتباره إله الشر والخير في آن معاَ ، ولأنه يستطيع أن يخلق من العدم ، ويعدم ما يريد ، ويجعل من الحبة قبّة ، ومن القبّة حبة ، وفي كل الأحوال فهو يسيّر البشرية الى المصير الذي يريد ، وعلى النحو الذي يحبّ...
ولسنا ننسى السنوات التي تلت حرب تشرين ، وقطع النفط العربي عن الغرب ، وتلك الحملة الاعلامية المنظمة دولياً ، والتي أسست على منطق أنّ النفط غير متجدد ، وأنّ الاحتياطي العالمي سينتهي بعد خمسين سنة على الأكثر ، وخرجت علينا صور السيارات الكبيرة في العواصم الاوروبية والاميركية وقد نفد منها الوقود فاستخدم اصحابها الحمير لجرّها ، ولا ننسى أنّ التوجه العالمي في صناعة السيارات ذهب الى صنع السيارات الصغيرة توفيرا للوقود ، ولا ننسى أيضاَ الحملات الاعلامية التي ركّزت على مصادر الوقود البديلة...
ونتطلع الى العالم بعد ثلاثين عاماً ، فنرى التوسّع في صناعة السيارات الكبيرة ، ونستمع الى الاخبار فنعرف أنّ الاحتياطات النفطية العالمية تصل الى أكثر من مئة عام ، ونتطلع الى منطقتنا فلا نرى إلاّ الجيوش تتناوب على احتلالها ، وننظر الى النفط الذي كان يفترض أن يكون النعمة الالهية فصار النقمة الارضية...
فالاعلام هو سلاح العصر الجديد ، ومن يمتلكه يمتلك العالم ، لأنه صار قادراً على تشكيل العقول على النحو الذي يريد ، بعد أن يشلّ قدراته على التفكير المنطقي بالتدفق غير المسبوق بالمعلومات الصحيحة والزائفة ، ويستبدل بمفاهيمه النابعة من مصلحته المفاهيم التي تتناقض معها ، بصرف النظر عن العدالة والمنطق...
وليس هناك أعدل من القضية الفلسطينية ، ولا هناك قضية تفوقها وضوحا ، لكنّ العالم بات يحمل الان وجهة نظر القاتل ويطالب القتيل بوقف المجزرة ، وليس هناك أوضح من أنّ إسرائيل هي التي ترتكب المجزرة المفتوحة ، ولكنّ الإعلام الغربي يبدو وكأنّه يرى الفلسطينيين هم الذين سيحتلون تل أبيب.











































