الأمن يداهم مواقع إلكترونية لتعقب معلقين

الأمن يداهم مواقع إلكترونية لتعقب معلقين
الرابط المختصر

رجال من البحث الجنائي داهموا مكاتب مواقع إلكترونية من دون إذن قانوني، لتعقب معلقين على مواقع إلكترونية. إحدى المواقع رفضت تسليم المعلومات المطلوبة لعدم قانونية الإجراء وعليه تراجع الأمن، في حين سلم موقع آخر المعلومات لتصل إلى المدعي العام الذي استدعى المعلقين تمهيدا لتحويلهم الى المحكمة.

مدير موقع العراب نيوز، عماد شاهين، قال لبرنامج عين على الإعلام أن رجال من إدارة البحث الجنائي داهموا مكتبه وطلبوا منه الكشف على أجهزة الكمبيوتر الخاصة بالموقع للحصول على معلومات تدلل على أصحاب تعليقات جاءت على خبر منشور على الموقع حول تعيينات في رئاسة الوزراء.

وبين شاهين أن رجال البحث الجنائي أظهروا بطاقات تثبت أنهم من البحث الجنائي، لكن لم يكن بحوزتهم أية وثيقة تسمح لهم بمداهمة مكتبه. وعليه رفض مدير الموقع إطلاعهم على الأجهزة وعلى المعلومات التي طلبوها لعدم قانونية الإجراء.

وأضاف شاهين أن تعقب التعليقات على المواقع الإلكترونية ليس من صلاحيات إدارة البحث الجنائي، وأن القضاء هو الفيصل بين الإعلام والشاكي. واعتبر الحادثة “خرقا واضحا ومباشرا لحرية الصحافة والاعلام. ولن نكون أداة عرفية تستخدمها الجهات الأمنية لكبح حرية تعبير المواطنين”.

والأغرب من الحادثة، بالنسبة لشاهين، هو علمه عن أن “أحد المتنفذين طلب من رجال البحث الجنائي مداهمة مكتب الموقع في محاولة لإقناعه بشطب الخبر والتعليقات التي وردت عليه”، وهو ما اعتبره شاهين “اخفاقا مهنيا من رجال البحث الجنائي الذين حاولوا مساعدة أصدقائهم من موظفين في رئاسة الوزراء”.

وأكد شاهين على عدم وجود إساءة في التعليقات المنشورة على موقعه، موضحا أن “سياسة نشر التعليقات على موقعه واضحة ولا تسمح بالإساءة”.

شاهين لم يكتف برفض تسليم المعلومات لإدارة البحث الجنائي ضمن إجراء غير قانوني، وإنما نشر خبر المداهمة على موقعه وتناقلته مواقع أخرى تضامنت معه في اعتصام في المركز الثقافي الملكي، احتجاجا على الحادثة و”خوفا من تطور طرق أخرى لكبح حريات الإعلام والتعبير”.

وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال والناطق باسم الحكومة، طاهر العدوان، رفض التعليق على الحادثة باعتبار أن لا علاقة للحكومة بذلك.

وأكد مدير موقع العراب نيوز معرفة الناطق باسم مديرية الأمن العام محمد الخطيب الذي نقل له اعتذار رئيس إدارة البحث الجنائي، فاضل الحمود. لكن شاهين رفض الاعتذار باعتبار أن “ما حدث هو قضية رأي عام وليست خاصة به شخصيا”.

وفي ذات الأسبوع داهم رجال من إدارة البحث الجنائي مكتب موقع إجبد الإلكترونية، وبنفس الطريقة كانوا يحملون بطاقات تثبت أنهم من البحث الجنائي لكن لم يكن معهم إذن قانوني. ومع ذلك سمح لهم رئيس تحرير الموقع مجدي الباطية بالكشف على الأجهزة والحصول على المعلومات (أرقام أي بي) المتعلقة بالمعلقين على أخبار الموقع.

وبذلك تم التعرف على المعلقين الذين استدعاهم المدعي العام للتحقيق تمهيدا لتحويلهم الى المحكمة على خلفية شكوى واتهام بالقدح والذم قدمها النائب يحيى السعود ضد معلقين على خبر نشره الموقع يتعلق بتصريحات النائب المعادية للمسيرات الشعبية.

لكن رئيس تحرير الموقع أكد أن التعليقات لم يكن فيها أي إساءة للنائب وإنما انتقاد لتصريحاته.

وأعلن موقع إجبد عن “شجبه لهذا التصرف غير الحضاري والمستهجن من نائب الشعب الذي قام بملاحقة من يمثلهم في المحاكم بسبب تعبيرهم عن آرائهم”. وقدم الموقع اعتذاره لمعلقيه عن تصرف النائب “وتعلن تأيدها التام لهم ومتابعة أخبارهم دوريا عبر صفحاتها مؤمنة بإنصاف القضاء الأردني النزيه الذي يكفل حرية الرأي والتعبير”.

رئيس التحرير برر تسليمه المعلومات المتعلقة بالمعلقين على موقعه رغم عدم قانونية إجراء رجال إدارة البحث الجنائي بوجود شكوى ووجوب التعاون في التحقيق. وقال لبرنامج عين على الإعلام: “قررنا تسليم المعلومات لأنني شعرت بالخوف ولم أرغب بأن تكبر القضية. أنا صحفي تكبدت حكما قضائيا بثلاثين ألف دينار في قضية أخرى عندما كنت أعمل في صحيفة أخرى لنشري شكوى من موظفين ضد مسؤولهم وحاولنا الاتصال به ولم يجب، وبعد أربع سنوات رفع المسؤول ضدي قضية وكسبها. ولا أملك 600 دينار مطلوبة لاستئناف هذه القضية، فراتبي الشهري 400 دينار فقط ولدي طفل”.

“الآن أخاف مسبقا من الكتابة، ومثلي هناك العديد من الصحفيين”، قال الباطية.

مدير ومحرر موقع خبر جو، ورئيس التحرير السابق لموقع كل الأردن، علاء فزاع، كشف عن حالة شبيهة واجهت موقع زميل رفض في حينها الكشف عن الحادثة، حين تعقبت إدارة البحث الجنائي المعلومات الخاصة بمعلقين على الموقع (أرقام أي بي) دون علم الموقع بذلك، ووصلوا للمعلقين وحققوا معهم.

ويدلل ذلك على قيام الجهات الأمنية بمراقبة وتعقب المعلومات الخاصة بمستخدمي الانترنت عن طريق مركز الاتصالا وتزويد خدمة الانترنت المركزية “هاشم 1″ الذي تشرف عليه الحكومة.

وإذا طبقنا القانون على الحوادث المذكورة، وفقا للمحامي الخبير في قضايا نظم المعلومات الدكتور يونس عرب، “سنجد أنها ليست فقط مخالفة للقانون وإنما اعتداء على الشرعية القانونية ويوجب مساءلة رجال الضابطة العدلية، ممثلين في أفراد البحث الجنائي في هذه الحالة”.

“ولأن موقع العراب نيوز تمسك بحقه القانوني ولم يستجب إلى الخوف من السلطة لم يستطع رجال الضابطة العدلية فعل ما فعلوه مع موقع إجبد الذي سلمهم المعلومات وأخطأوا بحق المعلقين وبحق انفسهم لأنه قد يتم ملاحقتهم لقيامهم بالنشر”، قال عرب.

ويتفق الصحفي فزاع والقانوني عرب على أن بإمكان محامي الموقع تقديم طعون في التهم الموجهة للوسيلة الإعلامية إذا تم تحصيل الأدلة بطرق غير قانونية، مثل عدم وجود مذكرة قضائية أو من المدعي العام، أو الحصول على المعلومات الخاصة بمستخدمي الانترنت دون علمهم.

لكن، وفقا لعرب، قد يستجيب لها القضاء وقد لا يستجيب، “فهناك قرارات للتمييز مررت أخطاء للضابطة العدلية، في حين اعتبرت أخرى ذلك إجراء باطلا”.

وأوضح عرب لبرنامج عين على الإعلام أنه “سندا للقانون لا يمكلك أفراد البحث الجنائي، كرجال ضابطة عدلية، أن يقوم بأي مهمة تتعلق بالتفتيش والضبط في غير جرائم التلبس إلا بموجب أمر صادر عن المدعي العام في قضية تحقيقية منظورة أمامه. كما لا يمكن للمدعي العام أن يصدر مذكرة تفتيش عامة، أي أنه يتعين أن يكون محدد فيها المادة الجرمية والشخص المعني بالتفتيش كمحل للشكوى وإن كان طرفا من الغير بحيث تكون المراسلة بين المدعي العام وهذا الغير لسؤاله عن وجود بينات ومعلومات لديه تتعلق بالجريمة”.

وأضاف: “مجرد إطلاع رجال البحث الجنائي على أجهزة الكمبيوتر والمعلومات الإلكترونية الخاصة بالموقع الإخباري هو اعتداء على خصوصية أصحاب هذا الموقع”.

وحمل عرب الحكومة ومجلس النواب مسؤولية غياب قانون حماية الخصوصية الرقمية الذي يطالب به حقوقيون منذ عام 1994، “والذي يضمن حماية المواطن من مخاطر إساءة استخدام من يتولاها، وهنا نقصد الحكومة المعنية الأولى بالوصول إلى المعلومات”، مضيفا أنه لا يوجد ضمانات على عدم إطلاع الحكومة على المعلومات عن طريق مركز الاتصالات، وهو ما ثبت. “وهذا اعتداء على كل الوطن وأمنه القومي وخصوصياته وأسراره وعلى حقوق المواطنين الدستورية، كما وردت في دستور 52، وينص على أنه لا يجوز تتبع المراسلات والبرقيات وغيرها إلا وفقا للقانون”.

أضف تعليقك