الأردن يطلق الاستراتيجيَّة الوطنيَّة للنَّزاهة ومكافحة الفساد للأعوام 2026 - 2030

الشرفات: نحتاج إلى مؤازرة جميع الأطراف لتعزيز ثقافة النزاهة ومكافحة الفساد بين المواطنين والموظفين
الرابط المختصر

 

أطلق رئيس الوزراء جعفر حسان، الاثنين، الاستراتيجيَّة الوطنيَّة للنزاهة ومكافحة الفساد للأعوام 2026 – 2030، في حفل رعاه مندوبا عن جلالة الملك عبدالله الثاني احتفالا باليوم الدولي لمكافحة الفساد تحت عنوان "أردن مزدهر .. جوهره النزاهة".

وأكد رئيس مجلس الهيئة مهند حجازي أن هذه الاستراتيجيّة تأتي استجابة واعيةً للرؤى الملكية السامية التي أكدّت مرارا بأن دولة القانون تُبنى من خلال منظومة نزاهة راسخة وبأن مسارات التحديث السياسي والاقتصادي والإداري لا تكتمل إلاّ بتكريس قيم الشفافية والمساءلة والحوكمة الرشيدة.

وأوضح أن "من هذه المفاهيم، جرى صياغة المكونات المُثلى لهذه الاستراتيجية لتكون أكثر شمولًا وعمقًا وتستند على منهجية الوقاية قبل المكافحة وعلى التمكين قبل المحاسبة وتكون أكثر استجابة لاحتياجات الدولة".

وبيّن حجازي أن الهدف الأسمى لهذه الاستراتيجية يتلخص في غرس قيم النزاهة في الفكر والسلوك وتعزيز منظومة الوقاية والمساءلة وتمكين المؤسسات والأفراد على حدٍ سواء من تحمّل مسؤولياتهم في حماية مكتسبات الوطن، وهي في نفس الوقت عقد أخلاقي ومجتمعي يؤكد أن محاربة الفساد واجب وطني مشترك، وأن كل موظف ومواطن شريك في بناء دولة لا مكان فيها إلاّ للكفاءة والاستحقاق والأمانة.

وأوضح أن مجلس الهيئة يحرص على انتهاج سياسة رشيدة في دراسة المخاطر التي تعترض عمل بعض القطاعات الهامة، لتصويب مسيرتها إذا طالها بعض القصور أو التشوّه حيث أجرت الهيئة دراسات لمخاطر الفساد في قطاعات المياه والصحة والزراعة والتربية بالتعاون مع الشركاء المحلييين والدوليين وفقاً لأفضل الممارسات في هذا المجال.

ولفت حجازي النظر إلى أن الهيئة تعمل على إطلاق مؤشرٍ لحوكمة البلديات خلال الأسابيع المقبلة كأحد المشاريع الهيكلية لجَسر الفجوة بين الواقع البلدي والحالة المأمولة عبر بناء نموذج محوكم يعزز كفاءة العمل ويرفع مستوى الخدمات ويرسي فكرة الشفافية في اتخاذ القرار؛ فإنّ دعم هذا الجانب أصبح ضرورة تسند مسارات اللامركزية وترسخ الشراكة بين المواطن والمجتمع المحلي.

وأشار حجازي إلى أن هيئة النزاهة ومكافحة الفساد قطعت خلال السنوات الماضية أشواطًا متقدّمة على مختلف محاور عملها وأنها أدت أدوارها بكفاءة وأمانة في حماية المال العام ونشر قيم النزاهة في كافة مؤسسات الإدارة العامة الأردنية للوصول إلى مجتمعٍ خالٍ من الفساد تسوده قيَم النزاهة المُثلى، ولتصبح العدالة عنوانًا والأمانة نهجًا والنزاهة سلوكًا يمارس وثقافةً راسخةً تعزز الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة كافة.

وأضاف "حققنا نتائج لافتة نفخر بها لأنها عكست تلاقٍ إيجابيّ بين الإرادة السياسية والإدارة العامة على مستوى مؤسسات الدولة، وأثمرت عن التزام حقيقي وبيّن بمعايير النزاهة الوطنية التي تعمل الهيئة على نشرها منذ النصف الثاني من عام 2017 ، حيث أصبحت معاييرها الخمسة: سيادة القانون، الشفافية، المساءلة والمحاسبة، العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص والحوكمة الرشيدة، ديدن الموظف العام على مختلف مستويات قطاعات الدولة الرسمية وشبه الرسمية".

 

بدوره أشاد الدكتور طلال الشرفات، أمين عام حزب المحافظين وعضو سابق في هيئة النزاهة ومكافحة الفساد والخبير القانوني، بالاستراتيجية الوطنية الجديدة للنزاهة ومكافحة الفساد للأعوام 2026-2030، التي أطلقها رئيس الوزراء جعفر حسان اليوم، الاثنين، في احتفال باليوم الدولي لمكافحة الفساد برعاية مندوب عن الملك عبدالله الثاني. ووصف الشرفات الاستراتيجية بأنها "جهد وطني كبير" يعتمد على متابعة إجراءات مكافحة الفساد وتعزيز المنظومة الوطنية للنزاهة، متفقاً مع المعايير الدولية واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، التي تركز على مبادئ أساسية مثل تعزيز النزاهة، إنفاذ القانون، التعاون الدولي، والوقاية من الفساد.

 

وأكد الشرفات، خلال مداخلة على برنامج "راديو البلد"، أن الأردن يبذل جهوداً كبيرة في تطبيق قواعد الامتثال في المؤسسات العامة، لكنه شدد على ضرورة معالجة بعض العوائق المتبقية من خلال الاستراتيجية، مثل تجريم الرشوة في القطاع الخاص، تعزيز حق الحصول على المعلومات، وإعادة النظر في قانون الكسب غير المشروع وقانون الهيئة. كما دعا إلى استخدام التكنولوجيا الحديثة في مراقبة النمو غير الطبيعي للثروة، وإشهار الذمة المالية للمكلفين وفقاً للقوانين ذات الصلة، لتعزيز الفعالية والشمولية.

 

وحول كيفية جعل النزاهة سلوكاً يومياً وليس مجرد قانون، أوضح الشرفات أن ذلك يبدأ بتوفير مناخ تشريعي ملائم، وتعزيز دور الإعلام كسلطة رابعة في نشر قيم النزاهة، بالإضافة إلى دمج الوسائل التربوية في المناهج المدرسية. وأشار إلى أهمية التحقيق الاحترافي في الجرائم الخطيرة مثل غسل الأموال، وتعزيز دور القضاء المتخصص لمعالجة هذه القضايا، مؤكداً أن "كل هذه المسائل تحتاج إلى تضافر الجهود الرسمية والشعبية" لترسيخ منظومة قيم النزاهة في السلوك اليومي.

 

واعتبر الشرفات أن أكبر تحدٍّ يواجه المنظومة هو "الواسطة والمحسوبية"، التي تُجرم بموجب قانون الهيئة، مشدداً على ضرورة التخلص من الهويات الفرعية التي تلقي بظلالها على حساب الهوية الوطنية الأردنية كدولة. وختم قائلاً إن الاستراتيجية تمثل "عقداً أخلاقياً ومجتمعياً" يرسخ مفهوم أن مكافحة الفساد واجب وطني مشترك، وأن الكفاءة والاستحقاق والأمانة هي الأساس في بناء الدولة، استجابة للرؤى الملكية التي شددت على أن دولة القانون تبنى على منظومة نزاهة راسخة.

 

ويتزامن إطلاق الاستراتيجية مع الاحتفال باليوم الدولي لمكافحة الفساد، حيث أكد رئيس مجلس الهيئة مهند حجازي أنها تأتي لتعزيز الشفافية والمساءلة والحوكمة الرشيدة، مع إطلاق مؤشر لحوكمة البلديات قريباً لتعزيز الجهود المؤسسية.