الأردن وإسرائيل .. مزيد من التوتر
تكررت في الاونة الأخيرة حالات استدعاء السفير الإسرائيلي في عمان من قبل وزارة الخارجية ، وقال الملك أن لا مستقبل لسلام الأردن مع إسرائيل إن لم تقم دولة فلسطينية ، ووصفه بالبارد - المرشح لمزيد من البرودة - وارتفعت وتيرة النبرة الانتقادية لإسرائيل في الخطابين الرسمي والأهلي الأردنيين ، ومن المتوقع إن استمر الحال على هذا المنوال ، أن تشهد هذه العلاقات مزيدا من البرودة والتوتر.
تنامي الموقف الأردني الانتقادي لإسرائيل كان لافتا للانتباه خصوصا من مسألتي الأقصى والقدس ، وقد لحظته قيادات فلسطينية من المعارضة ، حتى أن أحد أبرزهم اتصل بي مستفسرا ومتضامنا ، فأجبته: بان المسألة تتعلق اولا بارتباط أردني تاريخي بالقدس والمقدسات والأقصى ، وثانيا: بانتهاك إسرائيلي لمعاهدة السلام مع الأردن والتي أعطت عمان حق رعاية المقدسات في المدينة المحتلة ، وثالثا: أن الأردن يعتقد أنه من دون القدس والمقدسات ، لا دولة فلسطينية ، ومن دون دولة فلسطينية لا سلام في المنطقة ولا استقرار ، وأن أمن الأردن ومصالحه العليا ستبقي مهددة بغياب هذه وتلك.
باعتدائها على القدس والأقصى ، تعتدي إسرائيل على الأردن حكومة وشعبا وقيادة ، وتنتهك أحد أهم فصول معاهدة السلام ، التي بالكاد تجد من يؤيدها هذه الأيام ، وتشجع كثيرين على الانتقال من دون أسف ، من معسكر السلام إلى المعسكر "الكافر" بالسلام وفرصه مع "اليهود" ، وتخلق مناخات من الغضب واليأس والتطرف كفيلة دوما بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء.
وبوقوفها في وجه المحاولات الرامية لوقف الاستيطان ، توطئة لاستئناف مفاوضات السلام ، تضع إسرائيل الأردن ومصر والسعودية وفلسطين والاعتدال العربي برمته في زاوية ضيقة ، وتجرد هذه الأطراف من أسلحتها وأوراقها ، وتتركها نهبا لكل الانتقادات والاتهامات ، وهذا وضع إن قبلت به هذه الأطراف مؤقتا ، فلن تقبل به دائما وعلى المدى البعيد ، وسيأتي اليوم الذي تركل فيه هذه الأطراف "الطاولة" بأقدامها ، أقله للحفاظ على مصالحها وتفاديا لغضب شعوبها.
لهذه الأسباب ، يبدو الأردن غاضبا ، بل وغاضبا جدا مع إسرائيل ، وتبدو الدبلوماسية الأردنية في نشاط على أكثر من جبهة وصعيد.
لكن هذا الحراك وتلك الأنشطة الدبلوماسية يجب ان يترافقا مع تلويح بأوراق ضاغطة على إسرائيل ومشجعيها وداعميها ، من نوع "تنويع البدائل والخيارات" يجب أن تفهم إسرائيل أن موقفنا من السلام معها ، ليس نهائيا بل مشروط ، وأن لدينا خيارات وبدائل أخرى ، من بينها دعم محاولات تقديم قادتها للقضاء الدولي ، وإعداد العدة لسيناريوهات أخرى ، تجمع بين أوراق الضغط وتمنيات السلام ، فتل أبيب أظهرت أنها لا تفهم إلا لغة القوة ، وأن السلام يأتي في آخر قائمة أولوياتها ، وأنها تقدم عليه الاحتلال والاستيطان ، وستظل كذلك ، طالما ظل "السلام" خيارنا الوحيد ، وطالما ظل بديلنا عن المفاوضات العبثية المزيد من المفاوضات العبثية.











































