الأردن حالة حرب مع التدخين 9 ألف وفاة سنويا

حظر التدخين حبر على ورق

 

تنثف زينة (32) عاما دخان وارجيلتها في إحدى المقاهي الراقية في منطقة عبدون غرب العاصمة عمان، بعد يوم طويل من العمل في أحد البنوك، في نفس الوقت تحاول زينة المحافظة على صحتها بارتداء الكمامة التي لا تفارقها ابدا وتعقيم يديها بشكل كامل خوفا من فيروس كورونا.

 

زينة من بين ثلث سكان المملكة المدخنين كما بينت أرقام لمنظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة الأردنية كشف عنها تحقيق لصحيفة الغارديان (بنسبة 27 % للإناث، و38 % للذكور)، تعي زينة مضار التدخين جيدا الا انها تقول لعمان نت"لا اعتبر نفسي مدخنة انا أدخن الأرجيلة فقط". 

 

"حاولت الإقلاع عن تدخين الأرجيلة مرارا لكن الجلسات مع الأصدقاء في المقاهي تدفعني للعودة مجددا، بل انني اتجهت أيضا للسجائر الإلكترونية واصبحت أدخن في كل مكان وزمان".

 

"لا تدرك زينة وغير آلاف من الشباب أن جمعية مكافحة التدخين الأردنية تنبه لوجود ستة آلاف مادة كيماوية في الأرجيلة منها عشرات من المواد المسرطنة، إذ يعادل رأس أرجيلة واحد بحسب نوعه تدخين علبة سجائر كاملة من 20- 40 سيجارة". كما تقول الجمعية.

 

ولا يعي شباب اردنيون القتهم "عمان نت" أن هنالك قانون أردني اسمه قانون الصحة العامة يجرم التدخين في الأماكن العام بالسجن لمدة شهر وغرامة 100 دينار، ايمن شاب اردني مدخن التقته عمان نت في جبل اللويبدة الذي اصبح محجا لمدخني النرجيلة.

 

يقول "لا وجود لتطبيق القانون ولم اسمع في الاصل ان هناك قانون يحظر التدخين في الامكان العامة انا ادخن منذ 3 سنوات بسبب البيئة التي أعيشها فيها هي بيئة مدخنة ايضا اسعار السجائر رخيص مقارنة مع الدول الاخرى".

 

يقول جمعية مكافحة التدخين الأردنية، محمد الشريم لعمان نت "8 ملايين إنسان يموتون يوميا بسبب أمراض مرتبطة بالتدخين على مستوى العالم، وهذا يفوق الأعداد التي ماتت بسبب فيروس كورونا، حتى الان لم يدرج ضمن اولويات الاوبئة التي تسبب الوفاة في الوطن العربي، رغم أن هذا الوباء يكلف الأردن سنويا ملايين الدنانير للتعامل مع الحالات الصحية التي يسببها التدخين".

 

"المقاهي موجودة، والاراجيل توصل للمنازل والتدخين في الأماكن العامة والدوائر الحكومية، ورغم ذلك لا يوجد استراتيجية وطنية لمكافحة التدخين، نحن في الجمعية اجرينا دراسة حول كلفة التدخين الصحية، بينت كل دينار يدخل للدولة من بيع الدخان يخسر المجتمع كمصروفات لمعالجة الأمراض 12 ضعف، كما تبين أننا نخسر 4 مليار دولار كلف صحية جراء التدخين، 95% من المصابين بسرطان الرئة من المدخنين، وهذا يعني انخفاض الانتاجية بسبب الغياب عن العمل للعلاج".

 

"يجب تطبيق عملي لقانون الصحة العامة، الجهات الرسمية المعنية التي يجب ان تطبق القانون هي نفسها، كان على الحكومة ان تركز بجائحة كورونا على المدخنين".

 



 

أرقام صادمة

 

ارقام حديثة  لدائرة الاحصاءات العامة حول إنفاق دخل الاسرة، صدرت في الربع الأول من العام الحالي، تبين أن 6 % من الناتج الإجمالي المحلي ينفق على التدخين، فنسبة إنفاق الأسر على التدخين بلغت 4.4 %، بينما بلغت التكلفة السنوية لعلاج الأمراض الناتجة عن التدخين حوالي 200 مليون دينار.

 

 كما يبين مسح نفقات الأسرة ودخلها الصادر العام الماضي عن دائرة الإحصاءات العامة، فيقدّر أن سكان الأردن ينفقون 1.065 مليار دينار سنويا على التبغ والسجائر، منها حوالي الربع تنفقها أسر غير أردنية. كما يقدر المسح أن الأردني ينفق بالمتوسط 115.2 دينار سنويا على شراء السجائر.

 

الخبير الاقتصادي مازن مرجي، يقول لـ"عمان نت" ان للحكومة الأردنية يد في انتشار التدخين إذ "تربح الحكومة أضعاف ما تربحه شركات التبغ.. ٧٥٪ من سعر علبة السجائر ضرائب".

 

"إيرادات الحكومة من الدخان مليار دينار، المفروض ان تكون الضرائب الحكومية على التدخين هدفها الحد من التدخين، لكن المواطن الاردني اصبح يضع النفقات على التدخين أولوية على الانفاق على الغذاء، بسبب الادمان على التدخين، هنالك عوامل مساعد ايضا الحكومة مسؤولية مسؤولية كاملة بحيث لا تطبيق حظر التدخين في الأماكن العامة".

 

"اسعار الدخان في الاردن مازالت زهيدة مقارنة مع الدول الاخرى مثل الدول المتقدمة، لكن المشكلة في حال رفعت الاسعار يزدهر التهريب وهنا يجب على الحكومة مكافحة التهريب ايضا".



 

تراخي حكومي

 

"تستطيع الآن تدخين الأرجيلة أثناء القيادة داخل مركبتك.. أو طلبها إلى منزلك دليفري مع الفحم مشتعلا.. فقط بعشرة دولارات".. إعلانات باتت تملأ شبكات التواصل الاجتماعي في ظل تراخي حكومي، اذ يمنع قانون الصحة العامة الترويج لمنتجات الدخان عبر وسائل الإعلام ومنها شبكات التواصل الاجتماعي.

 

ينص الفصل الثاني عشر من قانون الصحة العامة لعام 2008 نص على معاقبة من يروج أو يشارك بالترويج للتدخين بغرامة مالية، تتراوح بين 500 -1000 دينار أردني (700$-1410$)





 

الكاتب في صحيفة الغد موفق ملكاوي يتفق مع مرجي في وجود مسؤولية حكومية يقول في مقاله "ننتقد وعي المواطن الذي يتجه إلى ممارسة عادة التدخين، لنستعرض أولا السياسات الحكومية الخاطئة في مجال التبغ، وأهمها أن صناعة التبغ باتت صناعة مؤثرة في القرارات الحكومية، خصوصا أنها ترفد خزينة الدولة بحوالي مليار دينار سنويا، وتمثل شركات التبغ في العالم قوة ضاغطة على القرار لهذا السبب.

في الأردن، أيضا، ما تزال أسعار السجائر زهيدة بالمقارنة مع الدول المتقدمة، لذلك يستطيع الناس من جميع الطبقات شراؤها بسهولة من دون أن تؤدي إلى اختلالات كبيرة في نفقاتها، وهو سبب مساعد في التشجيع على التدخين."



 

بينما يرى د.فراس الهواري. رئيس وحدة العناية المركزة والرئة، مدير برنامج مكافحة السرطان في مركز الحسين، أن "الأرقام الصادرة حول معدلات التدخين في الأردن تنذر بجائحة من الأمراض غير السارية في الاردن".

 

يقول لعمان نت "على مدار العشر سنوات الماضية كنا نحذر ان الاجراءات التي تقوم بها جميع الجهات لمسؤولة غير فعالة والعبرة في النتائج فشل حملات التوعية اليوم الأردن في المركز الأول عالميا في مرتبة خطر جدا في نسب التدخين والمركز الاول من حيث عدد السجائر التي يدخنها الفرد في العالم معدل دخان السيجارة 7 دقائق بينما في الاردن نص هذه المدة".



 

لكن لماذا الأردن استثناء في هذه النسب؟ يجيب الهواري "لم نأخذ الموضوع على محمل الجد ولم نطبق اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ  التي وقعنا عليها في 2004، ايضا تركنا قانون الصحة العامة دون الية للتفعيل، وترك الامر بيد وزارة الصحة ولم يسند للجهات الأمنية، اضافة تركنا المجال لشركات التبغ للدخول للمجتمع الاردني وسمحنا لها على كل ما يساعد على نشر التدخين من ترويج وتسويق والسجائر الالكترونية التي  اجازتها الحكومة".

 

"هنالك تقصير رسمي كبير، ما هي الخطوة القادمة بعد الوصول للمرتبة الأولى، من ستصدى لما يحدث الان متوقعين أن تكون هناك أرقام مرعبة في زيادة الأمراض غير السارية، هناك 9 آلاف سنويا يموتون في الاردن جراء امراض مرتبطة بالتدخين، نحن في حالة حرب التدخين بات ينتشر بين الاطفال والمراهقين خصوصا السجائر الالكترونية التي تشجع على الادمان".

 

 

 

 

 

حظر التدخين حبر على ورق

 

وحاولت وزارة الصحة الأردنية في 2014 تطبيق قانون الصحة العامة ومنع تدخين الأرجيلة في المقاهي، إلا أنها فشلت بعد ضغط أصحاب المقاهي والاستثمارات، واكتفت بوضع شروط معينة للمحلات التي تقدم الأرجيلة،وتسببت جائحة كورونا الأخيرة بإغلاق المقاهي 3 اشهر إلا أن الحكومة اعادتها للعمل ضمن القطاعات الاخرى الشهر الحالي.

 

مواطنون اردنيون استطلعتهم "عمان نت" يعتقدون أن "سبب انتشار التدخين في الاردن يعودة لجملة من الامور ابرزها ضعف الرقابة الحكومية على التدخين في الاماكن العامة والترويج للسجائر، واسباب اجتماعية تتعلق بالبيئة داخل المنزل التي تتساهل مع المدخنين، بالاضافة لرخص اسعار السجائر مع الدول الاخرى".

 

ويسري قرار حظر التدخين في الاردن بحسب قانون الصحة العامة على المستشفيات والمراكز الصحية، والمدارس، ودور السينما، والمسارح، والمكتبات العامة، والمتاحف، والمباني الحكومية وغير الحكومية العاملة، ووسائط نقل الركاب، وقاعات القادمين والمغادرين في المطارات، والملاعب المغلقة، وقاعات المحاضرات، والحدائق والمتنزهات، ورياض الأطفال في القطاعين العام والخاص، فضلا عن أي مكان آخر يقرر الوزير اعتباره مكانا عاما، على أن ينشر قراره في الجريدة الرسمية.

 

وينص القانون على فرض عقوبات بحق المدخنين في الأماكن العامة؛ إذ يعاقب من يدخن فيها بالحبس مدة لا تقل عن أسبوع ولا تزيد على شهر، أو بغرامة لا تقل عن 15 دينارا  (21$) ولا تزيد على 25 دينارا (35$).

 

ويعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على ستة أشهر، أو بغرامة لا تقل عن 500 دينار (700$) ولا تزيد على ألف دينار، كل من قام بتدخين أي من منتجات التبغ في دور الحضانة ورياض الأطفال في القطاعين العام والخاص، أو السماح بذلك.

 خسائر اقتصادية .. ونفوذ لشركات التبغ

 

رئيسة الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان الأميرة دينا مرعد،  قالت الاحد إنه في العام 2015 كانت عوائد الأردن من التدخين 898 مليون دينار، فيما أظهرت دراسة أجريت من خبراء أن الخسائر من التدخين 1.6 مليار دينار، وتشمل  التكاليف الصحية مما يعني أننا نخسر 700 مليون دينار سنويا.

 

تصريحات الأميرة جاءت في حديث لقناة المملكة الرسمية " تجارة التدخين ضخمة عالميا، ومرتبطة بـ 6 شركات عالمية، ولها ميزانيات تفوق دول للتسويق والاعلانات لإصطياد الشباب لدينا مشكلة في آلية تطبيق التشريعات المتعلقة بحظر التدخين مثل قانون الصحة العامة".

 



 

 

أضف تعليقك