"الأردنيون متشائمون"، لكن لماذا؟!

"الأردنيون متشائمون"، لكن لماذا؟!
الرابط المختصر

يظهر استطلاع الرأي الأخير، الذي أُجري لصالح المعهد الجمهوري الدولي في عمان، أنّ المواطنين يبدون على درجة عالية من التشاؤم وعدم الرضا عن الواقع العام، تحديداً على الصعيد الاقتصادي.




فقد أفاد قرابة نصف العينة أنّ "الأمور تسير بالاتجاه الخاطئ"، وهي نسبة
مرتفعة جداً مقارنة بالسنوات السابقة، إذ كانت نسبة 67% ترى في العام
الماضي أنّ "الأمور تسير بالاتجاه الصحيح".



قرابة 64% وصفوا الأوضاع الاقتصادية بأنّها "تسير من سيئ إلى أسوأ"، فيما
احتلت قضية ارتفاع تكاليف المعيشة الهاجس الأول لدى المواطنين، وهي نسبة
مرتفعة ومقلقة، كما يرى الخبير في شؤون الاستطلاعات طوني صبّاغ.



وتتعزز المؤشرات السلبية عند المواطنين من خلال النسبة المتدنية لمن يرضون
عن "نوعية الحياة" إذ تبلغ 21%، ولمن يرضون عن مستوى المعيشة إذ تصل إلى
16%، فيما 10% فقط يشعرون بالرضا حول مستقبل أطفالهم، و11% يرضون عن الوضع
العام الحالي.



معدّو الاستطلاع أشاروا إلى أنّه أجري في شهر آب الماضي، حيث كانت "ذروة" ارتفاع الأسعار، ما انعكس على الانطباع الشعبي العام.



والحال أنّ موجة الارتفاع في الأسعار، تراجعت مؤخراً إلى حدٍّ ما، نتيجة
انهيار أسعار النفط عالمياً، ما قد ينعكس على استطلاع الرأي العام لمرور
عام على حكومة الذهبي، والذي يعدّه مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة
الأردنية، وستُصدّر نتائجه قريباً، ويتوقع تحسّن الرأي العام نحو الأوضاع
الاقتصادية.



ربما الملاحظة السابقة مهمة، ودقيقة، إنّما على مستوى محدود! فبالضرورة
لقي "التراجع" الأخير في الأسعار ارتياحاً لدى المواطنين، لكن ذلك يؤخذ في
السياق الأوسع وهو سوء الظروف الاقتصادية لشريحة واسعة وعريضة من
المواطنين، تحديداً في القطاع العام وفي الحِرَف الصغيرة، ممن فقدوا
القدرة على التكيف مع الضغوط الاقتصادية، ولا تزال معاناتهم مستمرة
وكبيرة، وتتطلب تغييرات بنيوية وهيكلية في المسار الاقتصادي العام.



على الطرف المقابل؛ فإنّ الاستطلاع أبرز بصورة قاطعة وقاسية ما آلت إليه
"صورة مجلس النواب" في "منظور الرأي العام"، إذ وصلت نسبة من هم راضون
تماماً عن مجلس النواب 4% فقط، وهي نسبة مرعبة بكافة المقاييس، بخاصة أننا
نتحدث عن المجلس الذي يمثل الشعب. ويُفترض أن يحظى، مبدئياً، بثقة
المواطنين الذين اختاروه.



للأمانة، فإنّ معدي الاستطلاع أشاروا إلى أنّ نسبة الثقة بمجلس النواب
منخفضة منذ المجلس السابق، وليس فقط الحالي. وهو ما تؤكده استطلاعات أخرى،
لكن يتطلب في الوقت نفسه الالتفات إلى ضرورة إصلاح الصورة قبل أن يفقد
مجلس النواب مضمونه وأهمية في الرأي العام المحلي.



على الرغم من كل التسريبات والمعلومات التي تؤكد عدم النية في إجراء
انتخابات نيابية مبكرة، إلاّ أنّها باتت ضرورة اليوم، بخاصة أنّ الظروف
الداخلية والإقليمية التي جرت وفقها الانتخابات السابقة قد انتهت، ونحن في
سياق مرحلة جديدة مع إدارة أميركية تختلف في أولوياتها عن الإدارة
السابقة، فتبتعد عن "المنظور الأمني"، وأمام متطلب مهم وحيوي في وجود مجلس
نواب قوي يكون فاعلاً تجاه سيناريوهات القضية الفلسطينية القادمة، لبناء
سد صلب ضد أية حلول غير مقبولة أردنياً.



فضلاً عن أنّ وجود مجلس نواب فاعل وحكومة قوية بمثابة عوامل رئيسة لتدعيم
الحياة السياسية وجسر الفجوة المتنامية في المرحلة الأخيرة بين الشارع
وبين السياسات الرسمية.



الأردنيون متشائمون؟ نعم، لكن ليس لأنّهم هواة للتشاؤم ولحالة عدم الرضا،
كما "تفكّه" بعض الزملاء بالأمس، بل لقسوة الشروط الاقتصادية بصورة عامة،
ولضعف قنوات المشاركة السياسية الفاعلة التي تُشعرهم بالمشاركة في
المسؤولية عن الحالة العامة، حتى لو لم تكن جيدة!