استقلالية المجلس القضائي: حلم مستمر منذ أجيال
منذ العام 2000 ووزارة العدل تطبق إستراتيجية أطلق عليها "خارطة طريق" لاستقلال مالي وإداري وبناء قدرات للمجلس القضائي، ليكون قادرا على النهوض بالمهام التي يتطلبها هذا الاستقلال.
هذا التحرك كان بطلب من الملك عبد الله الثاني في ذات العام، حيث تم تشكيل لجنة لتطوير القضاء للأعوام 2007 تنتهي هذا العام 2009. وبعد مرور السنوات، يعتبر المحامي ورئيس مرصد الإنسان والبيئة، طالب السقاف، أنه "لا جديد" لطالما أنه لم يعدل قانون استقلال القضاء، معتبرا أنه مطلب أساس لم يتحقق.
ولم تؤت الإستراتجية أكلها بعد، وفق السقاف، الذي لا يبدي أي تفاؤل، لطالما أن هناك نصوص في القانون تتيح للسلطة التنفيذية التدخل في عمل المجلس القضائي، هي: تعيين القضاة في المجلس الذي يأتي بتنسيب من وزير العدل، والتفتيش القضائي مرتبط مباشرة بوزير العدل، والتعيين والنقل وارتباطهما أيضا بالوزير، وهذا ما يجعل المجلس القضائي غير مستقل، على حد قول السقاف.
غير أن المحامي والناشط الحقوقي عاكف المعايطة، يخالف السقاف في عدم تأثير الإستراتجية على آلية عمل المجلس القضائي، إذ يقول إن القضاة أصبحوا منفتحين أكثر ومشاركين في الورش الحقوقية والمشاركة في الحياة العامة ودورات متعددة ذات المضامين الحقوقية وهذا لم يكن في السابق.
إضافة إلى ذلك، يرى المعايطة أن "هناك قضاة أصبحوا ينشرون أبحاثهم القضائية على الموقع الإلكتروني للمجلس، وهذا انفتاح جديد لم نعتد عليه من قبل قضاة المجلس". لكنه، وفي نفس الوقت، يعتبر أن المجلس لو كان مستقلا ماليا لكانت فرصة القضاة أكبر في التدريب والتثقيف والتعرف على الاتفاقيات الدولية وإرسالهم خارج الأردن لدراسة مدى تطبيق الاتفاقيات الدولية وأهمها اتفاقيات العهد الدولي وسيداو لكونهما لم يدرجا بعد في التطبيق القضائي.
يعتبر المجلس القضائي صاحب الصلاحية القانونية في الإشراف الإداري على جميع القضاة النظاميين في المملكة، وما يتعلق بذلك من تعيين وانتداب وإعارة وترقية ونقل ومساءلة وتأديب، وإحالة إلى التقاعد.
المادة الثالثة من "قانون استقلال القضاء" لسنة 2001 "تكفل للقضاة استقلاليتهم، وتنص على أن "القضاة مستقلون، لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون". ويمثل المجلس القضائي الأردني قمة هرم السلطة القضائية في المملكة، وذلك بموجب القانون نفسه، ويجسد مع مجلسي الأمة والوزراء سلطات الدولة الثلاث.
يُعنى المجلس بتطوير الجهاز القضائي، وتقديم الاقتراحات التشريعية المتعلقة بالقضاء والنيابة العامة وإجراءات التقاضي لتسترشد بها الحكومة لدى إعدادها مشاريع القوانين والأنظمة المختلفة.
يتألف المجلس القضائي الأردني من أحد عشر عضوا جميعهم من القضاة النظاميين هم: 1- رئيس محكمة التمييز رئيسا. 2- رئيس محكمة العدل العليا نائبا للرئيس. 3- رئيس النيابة العامة لدى محكمة التمييز. 4- أقدم قاضيين في محكمة التمييز. 5- رؤساء محاكم الاستئناف الثلاثة (عمان، إربد، معان) 6- أقدم مفتشي المحاكم النظامية. 7- أمين عام وزارة العدل. 8- رئيس محكمة بداية عمان.
عن تشكيلة المجالس القضائية، ينتقد السقاف غياب الديمقراطية، لكون قضاة المجلس معينون من قبل وزارة العدل وليسوا منتخبين بالتالي لا يمثلون كافة الفئات المهنية في القضاء.
في الأردن هناك ما يقارب 800 قاضي يشكلون الهيئة العامة للمجلس، ويتساءل السقاف: لماذا لا ينتخبون قضاة المجلس القضائي وفق فئات، مثلا قضاة المحاكم العليا أربعة أشخاص، قضاة محاكم الاستئناف خمسة أعضاء، قضاة محاكم البداية عشرة أعضاء بحيث يجتمعون بشكل دوري أسوة بمجلس الوزراء أو مجلس النواب، غير أنهم حاليا يجتمعون شهريا. لكن السقاف يرى أن اجتماعهم تتم من أجل الموافقة على تنسيبات وزير العدل فقط.
ويدعو السقاف إلى ضرورة أن يكون المجلس القضائي منتخبا أو شبه منتخب، وتجري الانتخابات مرة واحدة كل سنة أو سنتين.
وكانت نقابة المحامين طالبت في العام 1999 بضرورة تمثيل النقابة في عضوية المجلس، منتقدة وجود رئيس محكمة بداية عمان في المجلس وعدم وجود رؤساء محاكم البداية في المحافظات.
يجتمع المجلس القضائي، بدعوة من رئيسه، في مقر محكمة التمييز بقصر العدل الجديد في عمان، أو في أي مكان آخر يحدده الرئيس، ويكون الاجتماع قانونيا إذا حضره سبعة من أعضاء المجلس على الأقل، وتصدر قراراته بالإجماع أو بالأكثرية المطلقة لمجموع الأعضاء، وعند تساوي الأصوات ينضم إلى المجلس أقدم القضاة في محكمة التمييز.
النائب محمد أبو الهية من جانبه، لم ير أي تطور في إستراتجية القضاء، ودعا إلى ضرورة أن يكون هناك تطوير يبدأ من القضاة أنفسهم لا من خارج المجلس. ويوضح أن "القضاة عليهم أن يبادروا بالمشاركة في الدورات التأهيلية والتثقيفية والحقوقية لأجل الارتقاء في عمل المجلس".
"نريد استقلالية مطلقة للمجلس القضائي الأردني من أي تبعية، حتى لو كانت مالية، تؤثر على أداء المجلس القضائي. حتى الأوراق والقرطاسية، توفرها وزارة العدل للمجلس"، يقول المحامي والناشط الحقوقي فتحي أبو نصار، مشيرا إلى أن ضرورة الاستقلالية المالية والإدارية للمجلس.
ويجدد أبو نصار المطالبة بتشكيل لجنة تنسيقية مشتركة من نقابة المحامين والمجلس القضائي، لوضع النقابة في صورة الحراك القضائي، ويقترح أن تذهب إيرادات رسوم المحاكم إلى "صندوق خاص يمكن أن ينفق منه على تطوير القضاء".
وكانت مطالبات القضاة تقضي بضرورة تشكيل لجنة تعنى بمتابعة الأمور المالية بما يضمن الفصل بين السلطات والحيلولة دون تداخلها فيما يتعلق بالأمور المالية والإدارية بشكل يساعد على استقلالية وتطوير القضاء، وذلك من خلال تشكيل مديريات خاصة يرأسها أمين عام الوزارة. لكن تلك الإجراءات تحتاج تعديلات تشريعية للحيلولة دون أية تدخلات بالأحكام الصادرة عن القضاء.
موضوعات ذات صلة:
من يُساءل المجلس القضائي الأردني؟
الإدعاء العام في الأردن "غير مستقل" والمطلوب "حكم ذاتي"
إستمع الآن











































