قال نقيب المحامين مازن ارشيدات، إن الكثير من الأردنيين يفهمون دور النقابات المهنية "بشكل خاطئ”، مبينا أن النقابات "ليست كالأحزاب، لكنها تقوم بدور عام ومهني”.
وأشار ارشيدات إلى أن الدور العام الذي تقوم به النقابات، يتجلى في مراقبتها للأداء الحكومي وقراراته، ومتابعتها لحالة الحريات وحقوق الإنسان، وهذا ما تعمل عليه نقابة المحامين، فقد ورد في نص قانونها؛ المدافعة عن الحريات العامة وإحقاق الحق وإيصال العدالة، وإحقاق سيادة دولة القانون، كما ورد في الورقة النقاشية السادسة، والتي "لا تعمل عليها الحكومة لغاية الآن”.
وقال أن "إسقاط حكومة الدكتور هاني الملقي في شهر رمضان الماضي، جاء بدور كبير مارسته النقابات، ولعبت نقابة المحامين الدور الأكبر بين النقابات الشقيقة في ذلك، وإن كان في الظل”.
وأوضح ارشيدات؛ أن النقابة تصدت للحكومة حينها، بطريقة غير مباشرة، وأعلنت وقتها أنها ستدافع عن أي موظف عامل؛ يُتخذ بحقه إجراء نتيجة ممارسته للإضراب، وهو دور يحمي الموظف، ويشجع على المشاركة في الإضراب والتعبير عن آرائهم.
وأضاف أن دور النقابة في الحوار مع الحكومة "مهم، سواء في الجوانب السياسية أو الاقتصادية او الاجتماعية، كما أن لقاء النقابة جلالة الملك؛ كان إيجابيا أيضا”.
ولفت إلى أن لقاء النقباء، بجلالة الملك في أواخر كانون الأول (ديسمبر) الماضي، كان صريحا ومنفتحا، وعبر خلاله جلالته عن ارتياحه لما جرى في اللقاء من انفتاح في الحوارات وطرح الأفكار ومحاولة الوصول إلى حلول للقضايا المختلفة.
وشدد ارشيدات على أن النقباء؛ يرون أن الإصلاح السياسي يجب أن يكون سابقا للإصلاح الاقتصادي، وهو ما أيده جلالة الملك، بخاصة وأن النقابات تمثل بمنتسبيها وعائلاتهم نحو 2 مليون أردني؛ ولها نظرة واسعة فيما يجري في الوطن.
واعتبر أن هناك فئة تفسر مطالب النقابات بغير حقيقتها، وتوصلها لأصحاب القرار في الدولة، بأسلوب مغاير، بحيث تظهرها كجهة لا تعير الوطن ومشاكله أي اهتمام.
وشدد ارشيدات على أن النقباء، "لن يملوا من إيصال رسائلهم وآرائهم، لأنهم يرون مكامن الفساد والخلل”، مؤكدا أن التعديلات التي يراها الأردنيون في الحكومة "لا أحد يمكن أن يفهمها؛ أو لماذا جاءت في هذا التوقيت”.
وبعد ان لفت إلى أن ادخال وزير الداخلية الجديد، سلامة حماد، للحكومة بتعديلها الاخير، بعد ان كان خرج من الحكومة السابقة، طالب الحكومة بأن "تكون صريحة مع الشعب وتفهمهم أسباب خروج الوزراء وعودتهم في تعديلات غير مفهومة”.
وفيما يخص محكمة أمن الدولة ومطالبة النقابات باعتماد القضاء المدني فقط، قال إن النقابة "قد تصل إلى قرار يتعلق بمنع الترافع أمام محكمة أمن الدولة، بعد أن علقت القرار في السابق”.
وأوضح ان تعليق الترافع امام "امن الدولة” جاء "بعد سلسلة اعتقالات بحق نشطاء”، وأكد ان النقابة "ترفض المس بصلاحيات السلطة القضائية النظامية”.
واعتبر أن المسيء يجب معاقبته امام محكمة نظامية مختصة، "وليس للنقابة أي مشكلة في هذا الصدد، لأنها لا تقبل أن يسيء شخص لرأس الدولة، بل هي ضد إسناد تهم أخرى، لتحول المسيء لمحكمة أمن الدولة”.
وأشار ارشيدات، إلى أن هناك قضية سابقة للدخان، منظورة حالية أمام القضاء النظامي، إضافة إلى قضايا أخرى، مبينا أن هذا القضاء هو المختص بموجب أحكام الدستور.
وشدد على أن محكمة أمن الدولة، موجودة في معظم دول العالم، ولها اختصاصات محددة، منها قضايا التجسس والتآمر على الدولة وغيرها.
وبين أن هناك حجة لدى السلطة التنفيذية، بأن إجراءات محكمة أمن الدولة "سريعة، لأنها تملك القوة والسلطة، عبر استدعائها لأي متهم أو شاهد بأسرع وقت، وفي أي مكان يوجد فيه، وهذا الأمر الذي لا يملكه القضاء النظامي”.
لكنه رأى ان "لا داعي لوجود محكمة أمن الدولة، وأنه إذا كان من الضروري وجودها، فليكن اختصاصها محصورا كما هو مقرر بقانونها؛ وبموجب احكام الدستور دون أي تجاوز على أي سلطة أخرى”.
وبخصوص اتفاقية الغاز مع إسرائيل أكد ارشيدات، أن النقابة "جهزت إنذارا عدليا، سيرسل الى رئيس الحكومة قريبا، وسيمتد على امتداد مساحة الوطن، وذلك بالتنسيق مع مجلس النقباء والاحزاب والمحامين في مختلف مواقعهم من العقبة إلى عقربا، ومن الكرامة إلى الكرامة”.
وأشار إلى أن الإنذار القضائي للطعن قضائيا باتفاقية الغاز يستند الى "أن الحكومة أجبرت على اتفاقية الغاز، وكانت الحجة وقتها أن الحكومة ليست هي من وقعتها وإنما شركة الكهرباء الوطنية، وهي شركة خاصة؛ بالرغم من أن الحكومة تمتلكها”.
وبين أنه لو كان حديث الحكومة صحيحا فيما يخص الاتفاقية، لما كان هناك استملاكات وزارة الطاقة لأراضي المواطنين بشأن خط الغاز، وهذا كله أجبر النقابة لوضع نقاط استفهام حول أن الاتفاقية ليست محصورة بين شركتين، بل وتتسع إلى أكبر بكثير.
وأوضح ارشيدات، أن الشعب تفاجأ بعد ذلك، بشرط جزائي، يتلخص بأنه لو الغيت الاتفاقية من طرف واحد، فإن الحكومة مجبرة على دفع مليار ونصف المليار دولار، وهو ما أكد على ان هذه الاتفاقية فيها بنود سرية خطرة.
ودعا الحكومة للاستجابة للشعب والأحزاب والنقابات والنواب، وأن تلغي الاتفاقية، بخاصة بعد عودة الغاز المصري، وصدور تقارير تؤكد وجود الغاز في حقل الريشة، وبعد مشروع أنبوب النفط العراقي.
وشدد ارشيدات، على أن النقابات؛ "معنية بمواجهة صفقة الغاز مع الكيان الصهيوني، التي هي جزء من مخطط صفقة القرن، التي لن تمر، لأنه لا يوجد أي فلسطيني يملك القدرة على التوقيع عليها، والأردن من مصلحته ألا تمر، حفاظا على فلسطين وقضيتها”، وقال "ان الشجر لا يُهاجر، والفلسطينيون في فلسطين لا يرحلون ولا يخرجون من أرضهم”.
وفيما يخص قوانين أحدثت جدلا في الآونة الأخيرة، أشار ارشيدات إلى أن قانون الأسلحة والذخائر، يحدد لمن تمنح رخصة حمل السلاح او اقتناؤه، موضحا أنه من "الضروري وجود ضوابط لاقتناء السلاح، لكن المزعج في الأمر، أن السلاح أصبح يستخدم في الأعراس والأفراح، دون ضابط، وهي تصرفات مؤذية للمجتمع.”
وحول قانون الجرائم الإلكترونية، شدد ارشيدات على أنه ليس مع تشريع قانون منفصل للجرائم الالكترونية بشكل منفصل، لأن هناك قانون العقوبات الذي يحتاج لبعض التعديلات، ليؤدي الغرض كله ومن ضمنه ما جاء بصدده قانون الجرائم الإلكترونية.
واعتبر أن "الجرائم الإلكترونية”، وبسبب جدليته، سحب مرة من مجلس النواب، وفي المرة الثانية رده المجلس وهو الآن بين يدي مجلس الأعيان، متوقعا سحبه أيضا للمرة الثانية، بسبب ضغوطات على الحكومة.
وقال ارشيدات، إن مشروع قانون الجرائم الإلكترونية، الأخير، سحبت منه العديد من التعريفات الخطرة كانت موجودة في مشروع القانون الأول، مبينا أن قانون العقوبات يمكن أن يحتوي نصوص قانون الجرائم الإلكترونية؛ بإدخال تعديلات عليه بحيث يصبح قانونا شاملا.
واعتبر نقيب المحامين، أن هناك قانونا خطرا جدا، وهو قانون منع الجرائم، بحيث يعطي الحكام الإداريين سلطات عليا، معتبرا أنه يشكل اعتداء على السلطة القضائية، ويتغول على صلاحياتها ويلغي فصل السلطات.
وفيما يخص وضع الحريات في الأردن، اعتبر ارشيدات، أن الأردن "في تراجع مستمر بهذا السياق، وهناك تكميم للأفواه وكبت للحريات واعتقالات”، مشددا على أن حكومة الرزاز "لا تختلف كثيرا عن سابقاتها من الحكومات، لكنها تمتلك ميزة واحدة لنا كنقابات مهنية، وهي أنها تمتلك حس التواصل فقط”، معتبرا أن الحكومة الحالية "لا تملك أي إنجاز فريد على أرض الواقع يذكر”.
وقال نقيب المحامين إن مجلس النقابة بعد مرور عامين على انتخابه، أظهرت دراساته وأرقام النقابة، أن هناك ازديادا مطردا في قضايا يوكل بها المحامون، بعد زيادة رسوم إبراز الوكالة من 32 دينارا لغاية 52 دينارا.
وأشار إلى أن من يتحدث بأن عدد القضايا قد انخفض بعد زيادة قيمة الرسوم، غير دقيق، وإنما الحالة الاقتصادية في الوطن أثرت على الناس، بعد أن أصبح المواطنون يتأخرون في دفع أتعاب المحامين.
وأكد أن رسم إبراز الوكالة، حق للنقابة على المحامي، بحيث أن صندوق التقاعد والتأمين الصحي وصندوق التعاون، غذاؤهم الرئيس من هذا الرسم، والرسم الذي يدفعه المحامي سنويا من اشتراكات وغيرها، لا تغطي سوى 10% من كلفة ما تنفقه النقابة على التقاعد والتأمين والتعاون.
وأضاف ارشيدات، أنه أصبح للنقابة القدرة على أداء خدمة متطورة للمحامي، عبر تأمين صحي قوي، وإمكانية إشراك كل محام مع مركز الحسين للسرطان في الفترة المقبلة، دعما للمركز وحماية للمحامي بموجب اتفاق محدد، بحيث يدفع المحامي أقل من 10% من كلفة العلاج.
وشدد على أن نقابة المحامين، تعد من أكثر النقابات توازنا من حيث الاستثمارات، بحيث تملك أراضي في أنحاء المملكة، وسيولة عالية، إذ تعد ميزانيتها للعام الحالي؛ الأفضل والأقوى في آخر 20 عاما.
وبين أن النقابة تملك قطعة أرض في منطقة ناعور بمساحة إجمالية تبلغ 120 دونما، حيث يبلغ سعر الدونم الواحد نحو 150 ألف دينار، إضافة إلى قطع أراض في المحافظات.
وأوضح ارشيدات، أن النقابة تملك سيولة نقدية لغاية الآن، تقدر بـ40 مليون دينار، وهي غير الاراضي والعقارات الأخرى، ما يدل على قوة النقابة في الاستثمار الآمن.
وأشار إلى أن النقابة تدفع سنويا، رواتب تقاعدية، بقيمة 7 ملايين دينار، وبالقيمة نفسها للتأمين الصحي، على الرغم من ان هناك عجزا في الصندوق بقيمة 714 ألف دينار، لكنه يعد مبلغا أقل من العام الماضي، ويتوقع بأن يختفي هذا العجز الاعوام القليلة المقبلة، بسبب تغطية المحامي بنسبة 80 % حاليا من كلفة علاجه.
وأوضح أن صندوق التعاون، ساهم بدفع 300 دينار من قيمة الرسوم السنوية التي يدفعها المحامي، بالإضافة لدوره في المعونة العاجلة، بحيث رفعت النقابة سقفها عند الوفاة إلى 30 ألف دينار؛ وإذا كان المحامي له أكثر من 30 عاما في الصندوق، فيحق لذويه عند الوفاة أن يأخذوا ألف دينار على كل عام على ألا يتجاوز مبلغ 40 ألف دينار.
وبين ارشيدات، أن النقابة دفعت كمعونة عاجلة، أكثر من 2.5 مليون دينار العام الماضي، وهذه أرقام كبيرة تدل على نجاح النقابة بتوفير السيولة، ما ينعكس على المحامين بطريقة أخرى.
ولتسهيل عمل المحامين، أطلقت النقابة موقع "قرارك” (www.qarark.com)؛ وهو برنامج تشريعي متكامل لتغطية التشريعات والأنظمة والقوانين والتعليمات وقرارات المحاكم، والموقع الرسمي والمعتمد من النقابة.
وأوضح أن الموقع، يوفر كل قرارات المحاكم، وأن النقابة مهتمة بالوصول إلى جعل المحامي يأخذ القرار من أصغر محكمة حتى ولو لو يكن قطعيا، وذلك على هاتفه الخلوي وعبر رقمه النقابي.
وما يميز الموقع؛ سهولة الاستخدام والتصفح وسرعة التحديثات، بالإضافة لاستخدام آخر تقنيات البحث والارتباطات القانونية التي تسهل عمل الباحث وطالب المعلومة القانونية.
وحول الجدل الذي دار في الأشهر الأخيرة، حول قرار مجلس النقابة بتعديل قانون النقابة وتمديد مدة عمل المجلس إلى 3 سنوات؛ قال ارشيدات إن "الذين تزعموا الحرب على هذا القرار، هم بدورهم من طالبوا به عندما كانوا على رأس النقابة، وبتعديل المادة التي تمدد عمل المجلس، لكنهم لم يستطيعوا ذلك حينها”.
وأوضح أن تعديل القانون "لا يحتاج إلى هيئة عامة، وذلك بعد تعديلات العام 2014، والتي عدلت فيها 54 مادة في قانون النقابة، نصفها لم تعرض على الهيئة العامة”.
وبين أن التعديل الذي رفع إلى مجلس الوزراء، نص على أن تصبح مدة عمل المجلس اعتبارا من الدورة الانتخابية المقبلة (44)، 3 سنوات، لكن الحكومة ومجلس الأمة، سبق وان مرا بمشكلة في نقابتي المعلمين وأطباء الأسنان في السياق ذاته، اذ عدلوا تعديل النقابة ليصبح عمر مجلس النقابة 3 اعوام اعتبارا من الدورة الحالية الـ43.
وشدد ارشيدات على أن مجلس النقابة منتخب من الهيئة العامة، متسائلا: "كيف لا يمكن لمجلس النقابة التصرف بتعديل على القانون؟”.
وفيما يخص ردة فعل المحامين حول تمديد عمر المجلس لـ3 اعوام، أكد أن القراءات الأولية وردود الفعل التي وصلت النقابة؛ أفادت بوجود حالة ارتياح بين صفوف الهيئة العامة لهذا القرار، لافتا إلى أن نقابة المحامين، الوحيدة التي كان عمر مجلسها عامين فقط من بين جميع النقابات الأخرى.