اخبار البريد الالكتروني تبعد الصحفيين عن حقيقة الميدان

 اخبار البريد الالكتروني تبعد الصحفيين عن حقيقة الميدان
الرابط المختصر

كتب  بشار الحنيطي واخلاص القاضي من وكالة الانباء الاردنية "بترا" – يتكىء صحفيون على ما تنقله اليهم فضاءات الشبكة العنكبوتية من اخبار جاهزة تصطف عبر البريد الالكتروني لتحولهم الى ناقلي اخبار يستسهلون مهنتهم مبتعدين عن الميدان الذي يوفر لهم رصد الانطباعات ومعرفة الحقائق على ارض الواقع .

صحفيون يؤكدون لوكالة الانباء الاردنية ( بترا ) ان الاستستهال والتقاعس لجهة الحصول على المعلومة من خلال استثمار التكنولوجيا سلبيا اظهر تراجعا في الجهد المهني والميداني للصحفي ما انعكس سلبا على الابداع والابتكار والمبادرة واثّر بالمجمل على مستوى الاداء الاعلامي ككل خاصة ما يتعلق بموضوعات السبق الصحفي .

ولا يمكن للصحفي تجاهل الشبكة العنكبوتية كاداة سهلت من تواصله مع محيطه وقطاعه وفقا لمدير تحرير دائرة المندوبين في صحيفة الرأي الزميل خليل الشوبكي مستدركا "على ان لا يكون اسيرا لتلك الشبكة غير منفك عنها في كل ما يتعلق بعمله الصحفي في الوقت الذي يعد فيه الميدان روحا للمهنة واساسها " .

ويقول ان اعتماد الصحفي على التكنولوجيا بشكل عام سواء من خلال البريد الالكتروني او الهواتف النقالة او كل ما يصل اليه دون ان يبذل أي جهد, يقتل الابتكار والابداع ويكون على حساب تطوير الادوات الذاتية المحفزة للتفكير والبحث عن كل ما هو جديد .

ويرفض الزميل الشوبكي ان يروق للصحفي الاستسهال والتقاعس والاعتماد على المواد الصحفية المعلبة والتسليم بما جاء بمضامينها, ويستغرب قيامه بوضع اسمه على تلك المواد التي تخلو من أي جهد واصفا هذا السلوك بالامر الذي يجافي الحقيقة ويكون على حساب الرقي بالمهنة .

ويكشف عن ما اسماه ( ازمة حقيقية ) في مهنة الصحافة سببها الاتكال على ما يرشح من اخبار جاهزة عبر البريد الالكتروني - على اهمية تلك الاخبار التي يصوغها ويحررها صحفيون - ولكنها تبقى في سياق ما يريده المصدر وليس ما يريد الصحفي ان يكشفه .

ويرى مدير التحرير التنفيذي في صحيفة الغد الزميل نور الدين الخمايسة انه من الخطأ تسمية من يتكىء في عمله الصحفي على ما يأتيه من مواد اخبارية جاهزة عبر بريده الالكتروني بالصحفي مؤكدا ان الصحفي من يصنع الخبر ويكشف عنه .

وباستطاعة أي شخص وفقا للزميل الخمايسة ايصال الاخبار للمؤسسات او الجمعيات بأي طريقة سواء اكانت بريدا الكترونيا او عاديا او (فاكس) , وهذا ليس دور الصحفي بل قد يكون جزءا من عمله المتعلق بالتشبيك مع المصادر بمعنى الحرص على استدامة التواصل معها .

والاصل بالصحفي كما يوضح العمل بالميدان لتلمس احتياجات وهموم ومطالب الناس وليكون بالنتيجة صوتهم المسموع ويمارس دوره الرقابي لكشف الخلل وتسليط الضوء عليه واداء رسالته الاعلامية القائمة في جزء كبير منها على كشف السلبيات .

ويقول ان جوهر الصحفي يكمن بكيفية نظرته لذاته ومدى جديته بتطويرها , وخياره بان يكون صحفيا لامعا او موظفا لا يتعدى كونه ناقلا للخبر .

ويشير الى ان الصحفي الذي يبتعد عن الميدان يعجز عن اداء رسالته الاعلامية الرقابية متحولا ربما دون ان يعلم الى بوق لخدمة الجهة التي يغطي اخبارها دون الغوص في تفاصيل تجعل من مهنته ذراعا حقيقيا لقضايا المواطن .

ويذهب الى انه لا يقبل كمدير تحرير تنفيذي ان يضع الصحفي اسمه على مادة صحفية استقبلها عبر بريده الالكتروني الا اذا كان مستجدا ليعطيه فرصة معرفة القراء له لفترة وجيزة , على ان يمنعه لاحقا من ذلك حفاظا على اسمه .

والصحافة وفقا للزميل الخمايسة ليست مهنة من لا مهنة له , بل مهنة قادرة على افراز العاملين بها بين اللامع وبين من يعتقد انه بمجرد وضع اسمه على مادة صحفية فانه اصبح صحفيا , بيد انه في الحقيقة يكون مكشوفا لان المنتج الصحفي متابع وملحوظ ومقروء ومن السهل لدى العارفين باصول المهنة تمييز الغث من السمين .

ويقول : " على الصحفي الذي يريد الارتقاء بمهنته والحفاظ على اسمه الالتزام بمعايير لا حياد عنها كالمصداقية والدقة والموضوعية والتحري والتوثق من المعلومات " .

مدير التحرير في صحيفة العرب اليوم الزميل فهد الخيطان يرى ان التكنولوجيا سلاح ذو حدين وتشكل مصدرا هاما من مصادر المعلومة , لكنها ليست الخيار الامثل والبديل عن ادوات الصحفي الهامة المتمثلة بالميدان والتقصي عن كل ما هو جديد ومخفي .

ويرى ان الاتصال المباشر مع الناس والحوار البناء مع المصادر والتفحص والتحليل من اهم الوسائل التي تقرب الصحفي من مهنته فيما يصبح الصحفي اسيرا للتكنولوجيا اذا جعلها اداته الوحيدة الامر الذي يؤثر على مستوى قدراته المهنية .

ويؤكد الزميل الخيطان ان الميدان هو ساحة الصحفي الرئيسية التي تجعله يرى المشهد المطلبي بوضوح دون أي حواجز وهو الذي يصقل الموهبة الصحفية ويطورها .

ويرى انه ليس كل ما يرد عبر البريد الالكتروني غير مفيد لغايات العمل الصحفي بل من الممكن ان تستثمر المعلومات الواردة خلاله لصياغة قصة اخبارية تستنبط مضامينها من تلك المعلومات .

ويعتقد مدير دائرة المندوبين في صحيفة الدستور الزميل مصطفى ريالات ان الصحافة ليست خبرا معدا من قبل دوائر الاعلام والعلاقات العامة في المؤسسات الا ان الوقت الحالي يشهد صحفيين مقتنعين بان الصحافة عبارة عن ما يصلهم من اخبار من وزارات ومؤسسات عبر البريد الالكتروني .

كما ان ما يهدد العمل الميداني وفقا له الاكتفاء بالحصول على المعلومة من المسؤول الاول في المنطقة الاخبارية المستهدفة بواسطة الهاتف مؤكدا ان ذلك يفقد المهنة الصحفية مكنوناتها الحقيقية القائمة على البحث والتدقيق والموضوعية والاتصال المباشر .

ويعرب الزميل ريالات عن اسفه بان هناك استثمارا خاطئا من صحفيين لوسائل التكنولوجيا ما يبعد الصحافة عن رسالتها المتضمنة ايصال المعلومة بمصداقية .

ويشير الى انه وعلى الرغم من ان مؤسسات صحفية تحرص على عقد دورات تدريبية لتأهيل وتدريب صحفييها باهمية التعامل المباشر ميدانيا مع الاحداث الا ان الواقع ما زال دون مستوى الطموح في تطبيق اليات العمل الصحفي على الوجه الاكمل .

أضف تعليقك