احذروا الإعلانات المروجة لخدمات التدليك

الرابط المختصر

مجموعة من مراكز "التدليك والمساج" أُغلقت في مناطق عدة بعمان، وذلك لإثارة الشبهات حولها وبعد مداهمات أمنية لبعضها؛ تبين أنها مراكز للدعارة، تعتمد على مسمى "مركز صحي للتدليك" وتقوم بالخفاء الترويج للفتيات اللواتي يعملن لديها. جميل الظاهر موظف في أحد البنوك يخبرنا عن قصة حدثت معه حين كان يجد دائما دعايات ترويجية لأحد مراكز التدليك على زجاج سيارته، مقررا بعد كم هائل من الإعلانات ذات يوم بزيارتها، إلا أنه ُصدم عندما دخل إلى المركز، قائلا عن ذلك، "أنه أشبه بحانة وذلك من ضيافة إحدى الموظفات المرتدية الملابس القصيرة والأجواء العامة والأضواء الخافتة والهدوء النسبي، فخفت وقررت عدم البقاء".



مراكز التدليك..دعارة!

تلك الحادثة جعلت الظاهر يجزم أن أغلب مراكز التدليك "عبارة عن حانات مرخصة تعمل ليلا نهارا دون قيود تفرض عليها بالإضافة إلى السمعة السيئة المثارة حولها وهي دعارة".



واتفق معه مبرمج الكمبيوتر أنس سلامة معلقا " ذهبت في أحد الأيام إلى مركز تدليك معروف في منطقة الصويفية إلا أنني صُدمت عندما رأيت على مدخله مجموعة من النساء، أشكالهن ولهجاتهن واضحة أنهن روسيات وعراقيات"، مضيفا أنهن للتسلية وليس للعمل إضافة إلى ذلك فان تصميم المركز للوهلة الأولى يوحي على أنه بيتا للدعارة وليس مركزا صحيا".



على من تقع المسؤولية؟

تنظيم تلك المراكز ومتابعتها وفرض رقابة صارمة عليها جاء متأخرا من قبل الحكومة، حيث كانت المسؤولية تائهة بين وزارة الصحة ووزارة الداخلية وأمانة عمان الكبرى والأمن العام، إلا أن المسؤولية عادت بالنهاية إلى مديرية المهن والمؤسسات الطبية التابعة لوزارة الصحة.

الجهات الرسمية، سابقة الذكر اجتمعت في السابق لتضع "مسودة مشروع يحدد وينظم عمل تلك المراكز" الآخذة بالانتشار في الأردن. مشروع النظام يتطرق إلى فكرة تنظيم عمل وانتشار تلك المراكز إضافة إلى المهام الموكولة إلى مديرية المهن والمؤسسات الطبية.



وتشير بعض الدراسات إلى أن أعداد مراكز التدليك آخذة بالانتشار بشكل غير مسبوق لتدخل تلك المراكز بسباق محموم في تقديم هذه الخدمة الجديدة للمواطن الأردني، ويتكاثر أغلبها في الفنادق والنوادي الرياضية، وبحسب مصادر من داخل إحدى الوزارات فان أعداد تلك المراكز وصل إلى 235 مركزا موزعة في تصنيفاتها إلى: التدليك والمساج، كمال الأجسام، اللياقة البدنية، والعناية بالبشرة.



وتنص القوانين على منع إقامة المراكز في الأحياء الشعبية والمناطق السكنية وتحديدها في الأحياء التجارية, كذلك يمنع استقبالها للزبائن حتى ساعات متأخرة في الليل، لكن هل هناك التزام بهذه القيود!



مجتمعات عربية غير معتادة على التدليك

مجموعة من المواطنين عبروا لنا عن تخوفهم من مراكز التدليك على اعتبار أنها تشبه بيوت الدعارة ولكن بصفة "تقدم فيها الخدمات بطريقة مرخصة". ويشير أحمد بشير 24 عاما إلى أن "المجتمع العربي عموماً والأردني خصوصاً غير معتاد على مثل هذه المراكز فالعادات والتقاليد لا تسمح للزوجة أو البنت بالذهاب إليها وحتى الشباب".



جنسيات عربية وأجنبية تعمل فيها وشابة جزائرية تروي حادثة حصلت معها

للوقوف أكثر على ماهية هذه المراكز، قمنا بجولة لعدد منها، فالسمة البارزة هي أن العاملات فيها من جنسيات عربية وأجنبية، ويتم استقدامهن بسبب تعلمهن أصول المهنة، كما يشير أحد الزبائن، حيث تبدو الأجنبيات وخصوصا الروسيات والفليبينيات والمغربيات والعراقيات هن الأكثر انتشارا في تلك المراكز. ورفضن أغلب الفتيات الحديث، باستثناء فتاة جزائرية تمنت عدم ذكر اسمها أو اسم المركز العاملة فيه، وقالت إن "المركز يعمل ضمن شروط وأسس محددة ولا يتجاوز ما يصرح به الكثيرون"، وتلفت إلى أن "سمعة هذه المراكز سيئة في بلادنا العربية، رغم أهمية ما تقدمه".



وتروي الفتاة الجزائرية عن حادثة حصلت معها،... "جاءنا شابين ذات يوم، وكان أحدهما غير مريح التصرف، وكان عملي يتركز على إعطاءه الخيارات التي يريدها، واختار وعند بداية العلاج تفاجأ برجل يقوم بإعطاء المساج، فصرخ به، وأصر على أن أقوم أنا بالعمل ولم أرض وذهب دون أن يدفع". متسائلة "ماذا يريد، وعلى من تقع مسؤولية هذه الصورة السيئة للمراكز!".



ويلفت أحد المواطنين إلى أن الدعايات التي تروج للمراكز في الجرائد الإعلانية لا تضع أرقام المراكز إنما أرقام موبايلات العاملات وكأنها ترويج للنساء على "مرآة ومسمع" الشعب. غير أن أحد العاملين في الصحف الإعلانية رفض هذا الأمر وقال "لا نعلن لطالما غير متأكدين من ماهية الأرقام المنشورة". رافضاً الحديث معنا.



أحد العاملين في هذه مراكز في شارع وصفي التل، يقول أنهم يعانون من السمعة السيئة التي أصُبغت على جميع المراكز إذ أن بعضها كما يقول يعمل بشكل ملتزم وبعيد عن الشبهات الأخلاقية.



ويضيف أنهم في المركز يقومون بجلسات مساج وتدليك تراعي الأصول المهنية وتنسجم مع القوانين الطبية وتراعي "العمل الشريف".



مساعد محافظ العاصمة عمر الحياري، لفت إلى أن محافظة العاصمة تنتدب لجان أمنية لمتابعة أوضاع هذه المراكز، مضيفا "محافظة العاصمة ليست معنية لوحدها بالمتابعة وإنما أمانة عمان الكبرى أيضا، وجهات أخرى".



التبليغ عن المخالفات..واجب وطني

حكومياً قال الناطق باسم الحكومة السابق أسمى خضر أن " إذ وردتنا أي معلومة عن مخالفة قانونية سواء كانت أداءً لعمل أو جهة، فيجب أن تخضع للترخيص، وتقوم بمتابعتها واتخاذ الإجراءات المناسبة"، مشددة على أن "هذه مسؤولية الجميع"، وأن المواطنين مدعوين إلى القيام بواجبهم الوطني، "الواجب الوطني يقتضي علينا العمل سوية نحو التبليغ عن هذه المخالفات فيما لو وجدت".



لجنة تجمع..لأصحاب المراكز

"لجنة تنسيقية تطوعية" شكلها أصحاب 50 مركزا، يترأس اللجنة الدكتور محمد خير ربابعة. وتهدف إلى إيجاد حلقة وصل بين مراكز التدليك والجهات المعنية بأعمالها كوزارتي العمل والصحة، وأمانة عمان الكبرى. وبحسب الدكتور ربابعة فإن هذه المراكز كانت حتى وقت قريب تحت رقابة وزارة العمل؛ والمتمثلة بالتفتيش والتحقق من صلاحية التصاريح المعطاة إلى العاملين والعاملات، ووزارة الصحة المسؤولة عن الرقابة المشددة بالنواحي الصحية، وأمانة عمان الكبرى المختصة بمنح التراخيص لأماكن المراكز، وكذلك ببعض الجوانب الصحية عبر دائرة تابعة لها تعنى بالصحة.



ودار جدل في الآونة الأخيرة بين اللجنة المشار إليها، والجهات الحكومية، بسبب قرار محكمة العدل العليا المتمثل في رد الدعوى التي رفعتها تلك اللجنة للطعن بنظام تصويب أوضاع مراكز المساج والتدليك الصادر عن وزارة الصحة قبل حوالي شهور.



شروط لتطبيق التدليك والمساج

هذا النظام، يتيح للجهات الحكومية بفرض رقابة مشددة على جميع مراكز التدليك، وتتمثل باشتراط أن يكون رجلا مسؤولا عن مساج الرجال وامرأة للنساء، وتقسيم أوقات الدوام في المركز إلى قسمين الأول للنساء والثاني للرجال، ويقول الدكتور محمد ربابعة، بهذا الخصوص، "نحن لا نرفض قرار تصويب أوضاع المراكز، لكننا رفضنا المدة المعطاة لنا وهي ثلاثة أشهر، فمن الصعب أن تأتي بطواقم متخصصة بالتدليك والمساج الطبيعي والأكاديمي من الأردن، فهم قلة، ونحن نعتمد على مختصين ومختصات من خارج البلد وهم عرب".



ويشير الدكتور ربابعة إلى أن المراكز الخمسين والتابعة للجنة، قد تأثرت من السمعة السيئة التي أثارتها المراكز غير المرخصة، "مراكزنا تعمل ضمن مظلة القانون، وغير المرخصة أساءت لجميع مراكز التدليك والمساج في الأردن، حيث الدعارة والشبهات جعل الناس تعتقد أن جميع المراكز أوكار، لكن هذا مفهوم خاطئ".



العاملون في المراكز من شتى الجنسيات، ويؤكد رئيس اللجنة، "أغلب العاملين هم من الجنسيات العربية، وفي مركزي هناك عاملات من المغرب، وذلك لاستيفائهم الشروط المطلوبة، وقدرتهن على العمل".



وحول القوانين المشددة التي فرضتها الجهات الحكومية على المراكز، يلفت الدكتور ربابعة إلى أنهم "على أبواب الصيف"، وأن شمولهم بالقوانين المشددة يمثل لهم "العقاب" وأن تطبيق الشروط على جميع المراكز "مخل للقانون" موجهاً "مطالبة إلى وزارة الصحة"، بأن "يمنحونا ستة أشهر جديدة، كي نستطيع أن نصوب أوضاعنا".



وفيما يخص نشر بعض المراكز إعلانات لأرقام من يعمل لديها لأجل التدليك والمساج، يعلق الدكتور ربابعة، "نحن لسنا مسؤولون عنها، وهي أصلا أساس المشكلة".



المجتمع الأردني كغيره من المجتمعات العربية، غير معتاد على مثل هذه المراكز، يقول الدكتور ربابعة بصفته رئيسا للجنة التنسيق الموحد لمراكز المساج والتدليك، "حريصون كل الحرص على هذه المهنة لأنها طبية، علاجية وسياحية، ومؤسساتنا قائمة منذ سنتين وثلاث سنوات، واستثمارها شيء مهم، لذلك على الجميع أن يهتم بها وأن لا ينشر الشائعات حولها، فإذا كانت بعض المراكز غير المرخصة تشوبها الظنون والأخطاء، فنحن بالتأكيد لا".



وبحسب عدة مقابلات قمنا بها في الشارع الأردني أفاد أكثرهم أنهم لا يقتنعون بالمراكز التدليك والمساج كونها لا تنسجم مع العادات والتقاليد لتشير تعليقاتهم إلا أن هذه المراكز تعتمد على الجاليات الأجنبية المقيمة في الأردن أو أصحاب الطبقة الغنية. فالطالب الجامعي محمد العوضي يقول أن هذه المراكز بعيدة عن عاداتنا "ليس من السهل أن تذهب إليها، فهي مكلفة، ومقتصرة على المرتاحين ماديا، ونحن أسوة بغيرنا من عامة الشعب نلهث وراء لقمة العيش".

أضف تعليقك