احتواء انفلونزا الخنازير في الأردن

الرابط المختصر

من المهم الاشادة بقدرة وزارة الصحة والحكومة بشكل عام على التعامل الايجابي والسريع مع دخول فيروس "أنفلونزا الخنازير" الى الأردن والقدرة على احتواء هذا المرض وعلاج أكثر من نصف المصابين به حتى الآن. هذه التجربة والتي لا زال التحدي فيها مستمرا تشكل نموذجا على ادارة متوازنة للأزمة تضمنت الكثير من العناصر الضرورية في كل مواجهة مع طارئ صحي أو بيئي مثل الذي تتعرض له الأردن عدة مرات في السنة.

الخطوة الأولى المهمة كانت تشكيل لجنة للتنسيق بين كافة المؤسسات المعنية بهذا المرض منذ بداية ظهوره في أميركا الشمالية وأوروبا ، وهذا ما ساعد على جمع وتحليل المعلومات الدقيقة والحديثة حول المرض ومأسسة جهود المتابعة بشكل متوازن. الخطوة الثانية كانت في تركيب الماسحات الحرارية في المطار ومع أن هذه الخطوة تأخرت وكانت موضع تناقض في التصريحات فان تركيبها جاء في الوقت المناسب لحسن الحظ وقبل أن يدخل الفيروس الأردن. الخطوة الثالثة كانت في تهيئة مركز مستقل للمعالجة والحجر الصحي في مستشفى الأمير حمزة لاستقبال الحالات ووجود كادر طبي قادر ومثقف في التعامل مع حالات المرض.

الماسحات الحرارية في المطار تمكنت من كشف حوالي نصف الحالات التي ظهرت في الأردن وهذه نسبة ممتازة وتتفوق على الكثير من النسب العالمية ، علما أنه في الكثير من المطارات الأوروبية لم يتم تركيب هذه الماسحات ومنها مطار شارل ديغول الذي يعتبر مركزا عالميا للترانزيت من والى كافة أنحاء العالم. بعض الحالات الأخرى تم الكشف عنها طوعا من قبل المصابين أنفسهم في خطوة ممتازة من المسؤولية والوعي أما الحالات المتبقية فكانت نتيجة تحليلات استقصائية للمصادر الممكنة والعلاقات بين المصابين وهذا ما أدى الى متابعة الكثير من المصابين الذين شاركوا في معسكر التبادل التعليمي الذي يقام سنويا في الولايات المتحدة ويشارك فيه طلاب أردنيون وعرب وهو المعسكر الذي أصيب فيه عشرات الطلاب العرب أيضا وظهرت الأعراض عليهم في دولهم.

شفاء المصابين من المرض كان سببه الرئيسي الكشف المبكر وعدم وجود اصابات بين الأطفال وكبار السن والمصابين بالأمراض التنفسية الذين يكونون الأكثر هشاشة أمام الفيروس وهذا عنصر آخر كان الأردن محظوظا به ولكن من المهم الرقابة التامة على الأطفال المخالطين للمصابين من قبل الأهالي أولا والكوادر الصحية ثانيا.

التعامل مع هذا المرض على الصعيد الوطني اثبت بأن مزيجا من توفر المعلومات الدقيقة والبحث الاستقصائي المحترف والتنسيق المؤسسي والوعي الشعبي قادر على تجاوز طوارئ صحية وبيئية واحتوائها وأن الأخطاء التي تمت في السابق في التعامل مع قضايا مثل تلوث المياه كانت نتيجة غياب أحد أو كل هذه العناصر عن معادلة ادارة الأزمات والطوارئ.