احتجاجات على قانون الضريبة الموحد
سجلت الأيام القليلة الماضية احتجاجات متصاعدة من القطاعات الاقتصادية المختلفة على مضمون مشروع قانون الضريبة الموحد الذي أعلنت عنه الحكومة مؤخرا خاصة ما يتعلق منه بالإعفاءات والأعباء الجديدة التي ستقع على كاهل التجار والصناعيين والمواطنين على حد سواء.
ورغم التأكيدات الحكومية بأن مشروع القانون سيحقق العدالة الضريبة من خلال ضمان إعفاء 80 من المواطنين الأقل دخلا من ضريبة الدخل وان كلفة الإعفاءات في مشروع قانون ضريبة الموحد ستصل إلى 300 مليون دينار حيث لن تزيد إيرادات الخزينة من التحصيل الضريبي عن معدلها في السنوات السابقة في الأعوام الأولى، أكد تجار أن التشريع المقترح سيحقق زيادة في الحصيلة بأضعاف الحصيلة الحالية
ويستند التجار في ذلك إلى أن الضريبة الجديدة تستهدف توسيع القاعدة الضريبية وفرض ضرائب جديدة منها إخضاع الأراضي التجارية الشاغرة للضريبة إعادة هيكلة الضريبة المفروضة على الأبنية والأراضي المخصصة وغير المخصصة للأغراض التجارية حيث سيرتفع العبء الضريبي على عكس ما تقوله وزارة المالية التي ستعتمد القيمة السوقية أساسا في تقييم جميع الممتلكات وليست القيمة الفعلية.
وكانت الحكومة قد تقدمت قبل أكثر من عام بمشروع قانون معدل لقانون ضريبة الدخل، ضمن عدد من الإصلاحات المهمة التي هدفت بشكل أساسي إلى توحيد نسب الضريبة على الشركات تدريجيا، ومراجعة شرائح ونسب الضرائب على الأفراد، الدخل وتشديد العقوبات على التهرب الضريبي.
وأقر مجلس النواب مشروع القانون بعد إجراء العديد من التعديلات بشكل لا ينسجم مع الأهداف والتوجهات التي من أجلها تم إعداد مشروع القانون، وقامت الحكومة بسحب هذا القانون خلال هذا العام للحيلولة دون إقراره بالتعديلات التي أجراها مجلس النواب وبهدف إجراء مراجعة شاملة على كافة القوانين والتشريعات الضريبية
ورغم الطرح الإيجابي الذي قدمه مسؤولون حكوميون الأسبوع الماضي حول مسودة مشروع القانون إلا أن الاحتجاجات التي قادها عدد من فعاليات القطاع الخاص أدت إلى تعديل العديد من بنود المشروع وإلغاء بعضها في خطوة تهدف إلى إرضاء جميع الأطراف المعنية بتطبيق القانون.
وتركزت المعارضة على عدة نصوص وردت بمشروع القانون أخطرها حسب وجهة نظر الرأي المعارض للمشروع فهو إلغاء شركات الأفراد ومعاملة الشركة كشخص اعتباري واحد مما يترتب عليه إلغاء الأعباء العائلية للشركاء والتي كانت تخصم من الضريبة.
تجار
وأكد التجار تأييدهم لمبدأ توحيد الضرائب في مشروع واحد لكنهم أشاروا في نفس الوقت إلى استحالة تطبيق هذا المشروع في الأردن نظرا لتفرد كل قطاع بخصائص ومزايا مختلفة عن القطاعات الأخرى.
وأوضحوا أن مسودة القانون الجديد لم تحمل في طياتها إلا زيادة الأعباء الضريبية المفروضة على كاهل التجار والمواطنين على حد سواء وقالوا: لم نرى في حقيقة الإعفاءات التي تضمنها مشروع القانون سوى فرض ضرائب جديدة على المواطنين وإثقال كاهله بأعباء ضريبية جديدة
وانتقدوا خطوة الحكومة بإعادة هيكلة الضريبة المفروضة على الأبنية والأراضي المخصصة وغير المخصصة للأغراض التجارية ،مشيرين الى أن الحكومة وبناء على هذا التوجه ستكون شريكا مضاربا للقطاع التجاري
وكانت الحكومة قد أكدت وفي أكثر من لقاء أن الأهداف الرئيسية لبرنامج الإصلاح الشامل للنظام الضريبي في المملكة قانون الضريبة الموحد تشمل تبسيط النظام الضريبي من خلال تحسين الإطار القانوني وتوسيع القاعدة الضريبية من خلال تقييد الإعفاءات والاقتطاعات
نقيب تجار المواد الغذائية
خليل الحاج توفيق نقيب تجار المواد الغذائية قال أن مسودة القانون ما زالت غير واضحة بالنسبة للتجار وتحتاج لمزيد من القراءة المتأنية للرد على بعض بنوده.
وأشار إلى أهمية تخفيض الضريبة المفروضة على الشركات التي زاد دخلها عن 50 ألف دينار والبالغة نسبتها 20% إلى أقل من ذلك.
وشدد على ضرورة عدم تخفيض حد التسجيل عن 100 ألف دينار وذلك في ظل ما تعاني منه المحلات التجارية الصغيرة البقالات من سوء الأوضاع المادية نتيجة المنافسة غير العادلة من قبل المؤسسات الاستهلاكية والمولات التجارية، مشيرا إلى وجود ما يزيد عن 12 ألف بقالة تجارية تعاني بسبب ظروفها المادية السيئة.
وانتقد الحاج توفيق التوجهات الضريبية الجديدة بإلزام التجار بتقديم إقرارات ضريبة المبيعات كل شهرين، مشيرا إلى صعوبة هذا التوجه في ضوء ما يتطلبه مسك الدفاتر المحاسبية وتعيين محاسبين من اعباء اضافية خا صة على صغار التجار موضحا أن رفع غرامة تأخير على إقرارات ضريبة المبيعات من 100 دينار إلى 500 دينار قرار فيه عبء كبير على التجار ويحتاج إلى إعادة نظر.
نقيب تجار المواد الكهربائية
من جانبه وصف نقيب تجار المواد الكهربائية رياض القيسي فرض ضريبة على الأراضي الشاغرة بأنه تأميم للأراضي لصالح الحكومة ،معربا عن استغرابه من الجدوى الاقتصادية من فرض ضريبة على أراض غير مستغلة أو حتى تقييمها استنادا إلى قيمتها السوقية وليست الحقيقة.
وأكد أن مسودة القانون الذي عرضته الحكومة مؤخرا على القطاع الخاص يعد مجحفا بحق من له علاقة بتطبيقه من تجار وصناعيين ومستثمرين، داعيا الفعاليات الاقتصادية الى التحرك سريعا لرفع مذكرات احتجاجية ضد مشروع القانون بهدف تعديله.
وأضاف قائلا : أن الحكومة تسعى على مدى الخمسين عاما القادمة إلى تأميم الأراضي التجارية غير المستغلة لصالحها فكيف يمكن فرض ضريبة على ارض خالية بناء على قيمتها السوقية ، داعيا إلى إعادة النظر في بعض بنود القانون. وبين القيسي عدم جدوى توحيد حد التسجيل على كافة القطاعات فكيف يعقل على حد تعبيره فرض ذات حد تسجيل للتجار في العاصمة عمان والمناطق الأقل حظا.
وانتقد فرض غرامات تأخير على تقديم الإقرارات ضريبة المبيعات وقال : أن أؤيد حق الحكومة في فرض الضرائب على المواطنين لكنني ضد مبدأ الجباية والترهيب في فرض المخالفات
وأيد القيسي فكرة إلغاء جميع الحوافز الممنوحة للمشاريع الاستثمارية وخاصة الخدمية منها وتلك التي لا تمثل قيمة إضافية عالية للاقتصاد الوطني، داعيا إلى استثناء المشاريع الصناعية من هذا التوجه لما لها من دور كبير في رفد خزينة الدولة بالعملات الأجنبية وتقليص مشكلتي الفقر والبطالة.
نقيب تجار الذهب والمجوهرات
من جانبه حث نقيب تجار الذهب والمجوهرات أسامة أمسيح على استكمال تعليمات الضريبة المقطوعة على تجار الذهب وتطبيقها على كافة شرائح القطاع، موضحا أنه ومن خلال المتابعة المستمرة للتجار تبين مدى التزامهم بدفع المستحقات المترتبة عليهم.
وأكد أمسيح على ضرورة المساواة في تطبيق الضريبة على شركات الأموال والأفراد تعزيزا لمبدأ الشفافية والوضوح في تطبيق القرارات الضريبية .
نقيب تجار وكلاء السيارات
وبين نقيب تجار وكلاء السيارات سلامة الجندي أن مسودة القانون الجديد لم تحمل في طياتها إلا زيادة الأعباء الضريبية المفروضة على كاهل التجار والمواطنين على حد سواء وقال: لم نرى في حقيقة الإعفاءات التي تضمنها مشروع القانون سوى فرض ضرائب جديدة على المواطنين وإثقال كاهله بأعباء ضريبية جديدة
وأشار الجندي إلى ترصد مخصصات في الموازنة لصالح الوزارات و المؤسسات الحكومية التي ستحرم من إيراداتها جراء إلغاء القوانين الخاصة ليس إلا تبريرا لزيادة الضرائب المفروضة،مؤكدا أن الحكومة بإعدادها لمشروع قانون الضريبة الموحد ستعيق من عملية التنمية الاقتصادية وتكون قد وضعت العربة أمام الحصان
واستغرب نقيب وكلاء السيارات زيادة الضريبة المفروضة على الشريحة الثانية من الشركات والتي يزيد دخلها عن 50 ألف دينار بنسبة 20% ، موضحا أن هذه الزيادة ستحد من ظهور شركات تجارية عملاقة تتمكن من المنافسة في الأسواق المحلية والخارجية.
نقيب أصحاب شركات ومكاتب تخليص
بدوره قال نقيب أصحاب شركات ومكاتب تخليص ونقل البضائع سليم جدعون أن الهدف من إعداد مشروع قانون الضريبة الموحد هو زيادة الحصيلة الضريبة الجباية لصالح الحكومة من خلال توسيع قاعدة المشمولين بالضريبة.
وأشار جدعون إلى وجود خلاف بين ضريبة المبيعات والدخل ونقابة شركات التخليص على شمول هذه الأخيرة باعتبارها من القطاع الخدمي بحد التسجيل البالغ 30 ألف دينار، عكس القطاعات الأخرى التي بلغ حد التسجيل 50 ألف دينار، وقال أن تطبيق حد التسجيل على شركات التخليص أمر مخالف لجميع القوانين والأنظمة العالمية الأخرى التي تؤكد أن شركات التخليص هي جزء من عملية النقل
وأكد أن الأهداف الحقيقية من وراء إعداد هذا القانون ليست اقتصادية بحتة ، موضحا أن تراجع الحكومة عن فرض ضريبة دخل على الأسهم إنما جاء لحماية كبار المستثمرين، معربا عن تأييده لمبدأ توحيد الضرائب في قانون واحد مشيرا إلى استحالة جمع كافة القطاعات تحت مظلة واحدة نظرا لوجود مزايا مختلفة لكل قطاع.
وأوضح أحد التجار الذي فضل عدم نشر أسمه أن معاملة شركات التضامن ضريبيا بنفس معاملة شركات الأموال ذات تأثير سلبي كبير، مشيرا الى أن هناك شركات توصية تضم عشرين شريكا بمعني أن مجموعة من الأخوة أقاموا شركة ثم توفي أحدهم فدخل أبناؤه كشركاء هل معنى ذلك أنه سيتم حرمان الجميع من الإعفاءات العائلية، منتقدا إلغاء الإعفاءات الضريبية والحوافز للاستثمارات وخاصة الصناعية منها.