اجازة هادئة للحكومة بعد موافقة نيابية بالإغلبية على اتفاقية

الرابط المختصر

يستطيع الدكتور معروف البخيت قضاء إجازة عيد هادئة نسبياً بعد خروج حكومته من النفق الذي وضعه فيه مشروع قانون المصادقة على الاتفاقية بينها وبين الحكومة الأمريكية بموافقة مجلس النواب بالأغلبية عليه في جلسة اليوم صباح الأحد 8 كانون ثاني.الاتفاقية التي طالب عدد من النواب والمنظمات الإنسانية مجلس النواب بالإصرار على موقفه السابق بردها وعدم تمريرها قسمت المجلس إلى قسمين أحدهما رافض بشدة لها متمثلاً ب17 نائباً صوتوا بالنهاية لجهة ردها، وبين جهة أخرى وافقت عليها على مضض من مبدأ"أثنين أحلاهما مر" رغبة في الحصول على المساعدات الإقتصادية التي ربطها الكونجرس الأمريكي بالمصادقة عليهاحتى لو كانت من الحكومة الأمريكية الذي وصفها عدد كبير من النواب بالغطرسة والعنجهية .

حتى أن النائب عبدالكريم الدغمي طالب الحكومة الأردنية بمفاوضة الحكومة الأمريكية لزيادة حجم مساعداتها للاردن مقابل الموافقة على الاتفاقية إلى ما قيمته 3 مليار دولار، والانتظار إلى انتهاء الدورة لمناقشة الاتفاقية لرؤية مدى تحقق الوعود الأمريكية بالمساعدات والتي شكك في الأساس بتعرضها لفساد كبير في الأردن يصرف على أعطيات وهبات وعقود لشركات وخبراء امريكيين.

واختار فريق ثالث من النواب الاحتجاج على موقف المجلس من الاتفاقية باختيار الانسحاب من الجلسة و الجلوس في شرفات القبة بين المواطنين معلنين رفضهم لها وهم النواب عبدالرحيم ملحس وروحي شحالتوغ وانضم إليهم النائب رائد قاقيش بعد طلب ملحس من النواب لمن يرغب منهم بالإنضمام إليهم في بيان أعلن به موقفهم قبل الانسحاب، احتجاجا على مناقشة الاتفاقية باعتبار ان ذلك يشكل عودة عن قرار المجلس السابق برد الاتفاقية وان انسحابهم من النقاش ومن الجلسة هو احترام لكرامتهم وحفاظ على كرامة المجلس .



وجاء في مداخلات النواب الداعين الى الموافقة على هذه الاتفاقية ان اللجنة القانونية النيابية عندما وافقت على قبول الاتفاقية اخذت بالاعتبار المصلحة الاردنية العليا وان هناك دولا كبيرة وكثيرة وافقت على هذه الاتفاقية المماثلة مع اميركا وان العديد من الدول الاخرى باتجاه الموافقة عليها. واعتبر النواب الذين صوتوا بالموافقة على هذه الاتفاقية ان موافقتهم ليست نابعة بالاساس لحاجة الاردن الى المساعدات الاقتصادية بل ان المصلحة الاردنية العليا هي منطلق القناعة بالموافقة على هذه الاتفاقية وباعتبارها ايضا لا تتعارض مع السيادة الاردنية والدستور الاردني والنظام القانوني الاردني. واكد نواب ان مصلحة الاردن تقتضي الموافقة عليها وجاء هذا التأكيد ردا على بعض النواب الذين



من جهة ثانية أوصى عدد من النواب بعدم الموافقة واكدوا خلال مناقشتهم" ان هذا القانون والاتفاقية المرتبطة فيها تعمل على تميز المواطن الاميركي عن غيره من الناس في محاكمته ووجوب استئذان الحكومة الاميركية في محاكمة اي اميركي لدى المحكمة الجنائية الدولية رغم انه قد يكون قد ارتكب جرائم واعمال ارهابية. وطالب النواب بانه لا يجوز ربط المساعدات التي تقدمها اميركا للاردن سنويا بامر الموافقة على مشروع هذا القانون وان هذا يمس بكرامة المواطن وهو استعمار من نوع جيد لاذلال الشعوب وان هذا القانون يحمل في ثناياه اهدار للسيادة الاردنية ويمس استقلال القضاء الاردني والقوانين الاردنية اضافة الى ان هذه الاتفاقية المرتبطة بمشروع القانون تمس الاتفاقيات الدولية التي وقعتها الحكومة الاردنية مع الدول الاخرى طبقا لاتفاقيات تسليم المجرمين بين الدول فان نقض هذه الاتفاقيات التي وقعها الاردن تقلل من التزامات الاردن الدولية وهيبتها وان مواد هذه الاتفاقية تتناقض مع مواد المحكمة الجنائية الدولية التي ترفض اميركا التوقيع عليها ووقع عليها الاردن.

وحشدت الحكومة قواها للدفاع عن مشروع الاتفاقية وإقناع النواب بالموافقة عليه ولم تكن مهمتهم صعبة بالتأكيد بدأها رئيس الوزراء الدكتور معروف البخيت الذي كان يبدو تململه الواضح من الإطالة في المداخلات النيابية المكررة حول الموضوع وقال" أنها لا تتعارض مع اتفاقية روما او النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية ولا تنتقص من السيادة الاردنية ومصالح الاردن العليا. وبين رئيس الوزراء ان هناك/101/دولة وقعت على مثل هذه الاتفاقية مع أمريكا التي ينظراليها الأردن انها دولة صديقة تربطها معه مصالح حيوية مشتركة واننا في الاردن ناخذ مصالحه العليا بالدرجة الاساس في هذه العلاقة وبالتالي فاننا لسنا في حالة حرب مع اميركا "

أما وزير الخارجية عبد الاله الخطيب فقد قال " ان الاتفاقية مع اميركا لا تتعارض مع اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية فنصوص نظام الجنائية الدولية اجاز للدول الموقعة عليه ان يعقد اتفاقيات مع دولة اخرى، مضيفاً ان الاردن عندما وقع على هذه الاتفاقية دخل في مفاوضات طويلة وشاقه استمرت اكثر من سنتين حتى تم التوصل بين الاردن واميركا على هذه الاتفاقية وبالتالي لم تاتي الموافقة عليها ارتجالية وفورية بل راعت هذه الاتفاقية مصالح الاردن وسيادته وانما استثنت من التسليم اي مواطن اميركي يحمل جنسية اي دولة اخرى.

وكان هناك في الجلسة قانون آخر شديد السخونة انتهى ايضاً كما هو متوقع بالموافقة علية وباغلبية نيابية أيضاً رغم النقاش الحاد الذي سبق التصويت عليه شهد احتكاك بين اكثر من نائب أثناء الحديث عن وهو القانون المؤقت رقم 83 لسنة 2003 قانون التصديق على الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الارهاب.

فقد طالب نواب " أغلبهم من الإسلاميين" رفض هذا القانون باعتباره من وجهة نظرهم يشكل خضوعا لرغبات دول خارجية وان الاردن ليس بحاجة لهذا القانون باعتبار ان جرائم الارهاب تعاقب عليها القوانين الاردنية ويعالج قانون العقوبات الاردني الارهاب العدواني وان هذا القانون يعمل على تجفيف منابع الجميعات الخيرية والانسانية وانه يتعارض مع الشريعة الاسلامية ويهدف الى حجم حركات المقاومة العربية والاسلامية ضد اسرائيل.

بالمقابل قالت الأغلبية النيابية أنه يشكل مصلحة اردنية ويعمل على تجفيف منابع الارهاب وان الاردن الذي طالته يد الارهاب لا يمكن ان يكافحه وحده مثله مثل اي دولة اخرى في العالم فالارهاب بات ظاهرة دولية وعالمية ولا يمكن مكافحته الا بتضافر الجهود الدوليه.

مؤكدين" على ان الاردن عند توقيعه على هذه الاتفاقية اكد على ضرورة التفريق بين الاعمال الارهابية وحق الشعوب في تقرير مصيرها وبين الارهاب وحركات المقاومة من اجل التحرر والاستقلال وانه لا يجوز ربط مصالح الاردن بدول اخرى لها سيادة وان الاردن كان على الدوام من اول المواقعين من مصالح الامة العربية وفلسطين لذلك يجب عند مناقشة اي قانون ان نتذكر اننا برلمان اردني يهمه المصلحة الاردنية بالدرجة الاولى.

وقد ورد في الاسباب الموجبة التي وردت في القانون المؤقت الخاص في هذه الاتفاقية انه بصدور قرار مجلس الامن الدولي رقم 2001/1373 استنادا لاحكام الفصل السابع لميثاق الامم المتحدة ترتب على جميع الدول الاعضاء في المنطقة الدولية الزامية العضوية الى جميع الاتفاقيات الدولية في مجال مكافحة الارهاب ومن ضمنها الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الارهاب. وجاء في الاسباب الموجبة كذلك ان القانون ياتي تعزيزا للجهد الوطني لمكافحة آفة الارهاب والتي طالما عانى منها الاردن منذ تاسيسه وحرصا على عدم الخلط بين تعريف الاعمال الارهابية الواردة في الاتفاقية وبين حق الشعوب في تقرير مصيرها وبخاصة الشعب الفلسطيني الشقيق فقد تضمن القانون الاعلان المرفق بوثائق التصديق بان التعريف الوارد في الاتفاقية لا يشمل باي حال مقاومة الاحتلال وحق تقرير المصير.

وفي هذا الاطار اوضح رئيس الوزراء معروف البخيت ان الاردن هو جزء من امته العربية والاسلامية وهي جزء من المنظومة الدولية وبالتالي فان الجميع معني بالموافقة على هذه الاتفاقية كونها صادرة عن مجلس الامن الدولي بناء على الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة. وقال ان موقف الاردن في مكافحة الارهاب ليس موقفا تبريريا بل هو موقف ثابت وواضح وحازم لا رجعة عنه وهو موقف غير قابل للمساومة السياسية باي حال من الاحوال.

وقال وزير الخارجية عبد الاله الخطيب" ان القانون الدولي حفظ حق الدول في التحفظات التي تقدمها حول اي اتفاقية او التي تدخلها على الاتفاقيات وبالتالي فان التحفظ الذي ادخله الاردن على نصوص هذه الاتفاقية بالتفريق بين الاعمال الارهابية ومقاومة الاحتلال يعتبر صحيحا ومنتجا لكل اثاره القانونية اضافة الى ان هذه الاتفاقية ليست محل خلاف بين الدول العربية"

وقال وزير العدل عبد الشخانبة" ان هذه الاتفاقية وقانونها لا يتعارض مع الدستور الاردني وتتماشى مع الاطار القانوني الاردني الذي يتصدى للارهاب وانه وبالرجوع الى الاعلان الذي رافق هذه الاتفاقية نجد انه يفرق بين الارهاب واعمال المقاومة"



ويبدو أن الانتقادات التي تعرض لها المجلس بعد ما تردد من التقصير النيابي في عدم حضور الجلسات وتعطيل العمل البرلماني والتي نوه لها نواب في بداية الجلسة سببت كثافة تشريعية عالية فيها، فقد تمت الموافقة على عدد كبير من القوانين في زمن قصير نسبياً ، وهي مشروع قانون معدل لقانون التصديق على اتفاقية الرياض العربية للتعاون القضائي لسنة 2005 وعلى مشروع قانون التصديق على اتفاقية تتعلق بالتعاون القانوني القضائي بين حكومة المملكة الاردنية الهاشمية وحكومة الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية لسنة 2005 . كما وافق المجلس على مشروع قانون تصديق اتفاقية التعاون القانوني والقضائي في المواد المدنية والتجارية والاحوال الشخصية والجزائية بين حكومة المملكة الاردنية الهاشمية وحكومة دولة الكويت لسنة 2005 وعلى مشروع قانون تصديق اتفاقية ترسيم الحدود بين المملكة الاردنية الهاشمية والجمهورية العربية السوريه لسنة 2005 .

ووافق على مشروع قانون معدل لقانون التقاعد العسكري لسنة 2005 واحال الى اللجنة الماليه والاقتصادية تقرير ديوان المحاسبة السنوي الثاني والخمسين لعام 2003 لدراسته.

واقر المجلس مشروع قانون معدل لقانون اصول المحاكمات المدنية كما ورد من مجلس الاعيان وعلى القانون المؤقت رقم 37 لسنة 2003 قانون الوساطه لتسوية النزاعات المدنية المعاد الى المجلس من مجلس الاعيان.

ووافق المجلس ايضا عل القانون المؤقت رقم 12 لسنة 2002 قانون التصديق على النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية بالاغلبية حيث جاء في الاسباب الموجبة لهذا القانون ان الاردن وقع عليها تمشيا مع سياسته الراسخة بضرورة ارساء قواعد القانون الدولي وتحقيق العدالة فيما بين الشعوب وايجاد الية قانونية لمعاقبة مجرمي الحرب. واشارت الاسباب الموجبة لهذا القانون انه اخذ بالاعتبار عند التوقيع على هذه الاتفاقية ان اختصاص المحكمة الدولية مكمل لاختصاص المحاكم الاردنية حيث لا تمارس المحكمة اختصاصها الا في الحالات التي تعجز فيها المحاكم الوطنية للدول الاعضاء عن ممارسة ولايتها القضائية"

هذا وقدم النائبان محمد أبو فارس وزهير ابو الراغب عضوا اللجنة القانونية في الجلسة مخالفتهما لقرار اللجنة القانونية بالموافقة على قانون تسليم الشخاص وقمع تمويل الإرهاب.

أضف تعليقك