أين مصطفى؟

الرابط المختصر

هل تريد اللقاء به؟ فإذا أردت فما عليك إلا البحث عنه في الطرقات، وتحديدا بين الأسواق العتيقة والأزقة الضيقة الشعبية..وإذا أحببت، حاول السؤال عنه بين الأطفال والكبار..أين مصطفى؟

ومصطفى الخارج من مدينته القدس، يحاول ومنذ سنين أن يوثق الذاكرة الفلسطينية الشعبية بين محبيه وسامعيه، وأينما تجول.."هات السكة وهات المنجل"، لذلك ستسمعه يغني للحلم والأمل والحمص والفول والشوارع..وبالتأكيد يغني للقدس مدينته العتيقة المغتصبة.

يحاول الفنان الفلسطيني مصطفى الكرد النهوض بالأغنية الشعبية الفلسطينية، عبر توثيقها دوما بأغنيات تحاكي الحياة الشعبية والتراثية بأسلوب بسيط وبكلمات لا تعرف الأقنعة..لذلك لا تستغربه يتجول بين الطرقات جاراً عربة الأغنيات حاملاً عوده البسيط، مغنيا للناس والأماكن..

عُرف الكرد كواحد من أبرز الأصوات الفلسطينية قبل عشرات السنين، فهو يعتبر من رواد الأغنية الفلسطينية، "وفارس الشعب وأبسطه" كما يلقبونه..وكما يُعرّف على أنه صاحب الكلمة الأقوى والأبسط.

ورغم بساطة ألحانه، لكنه سيأسرك بأجوائه الشعبية، وبالكلمة الأقوى وبصوته الأقوى، وإن أنشدت أغنية "هات السكة وهات المنجل" فبالتأكيد سيتذكر الجميع أنها لمصطفى الكرد التي ولدت قبل 35 عاما، وما زالت تحمل عنوان تنقله أينما ذهب.

مصطفى الكرد يأتي دوما إلى الأردن، إما باحثا عن أصدقاءه المخلصين، أو عابرا إلى دول العالم، وإن مكث قليلا فستجده بين الأصدقاء مغنيا لهم حينا ومسجلا أغنية جديدة حينا آخر، ويقول أينما يذهب "نعم أنا ابن باب العمود". وهو مكان مولده، حيث تعود الذاكرة إلى عام 1945 في مدينة القدس حيث النشأة الأولى.

هو دائم التجوال..حيث يحمل بين أبطيه عوده الخشبي متجولا بين الناس، .."الذاكرة الخصبة للأغنيات" وتعود به دوما إلى زمن من الأحداث والذكريات..

وهجرته الأولى من مدينة أغنياته "القدس" إلى لبنان في العام 1976 ثم توالت الحروب في ذلك البلد، وما إن سقطت بيروت حتى وأن مصطفى يتجول بين البلدان باحثا عن أناس ينقذوا له قدسه وبيروته.."نعم غادرت بيروت إلى ألمانيا في العام 1979 برفقة زوجتي الألمانية هيلغا باونغارتن أستاذة العلوم السياسية حاليا في جامعة بيرزيت، حيث رزقنا بابننا الوحيد درويش 24 عاما"..

ومصطفى الآن مقيم في رام لله، تراه يغني لأهلها دوما، ويزور مدينته من حين لآخر، ستجده يغني في مسارح ودور ثقافية..ببساطة فنان اكتوى من شمس الطرقات.

يقول غير مرة.."أغني دوما لمدينتي وللفقراء والبسطاء من شعبي..واستمد ألحاني منهم".

غنى مصطفى لكبار الشعراء..أبرزهم محمود درويش وفدوى طوقان وعز الدين مناصرة وحنا أبو حنا، وعدد من الشعراء الفلسطينيين..لن تعرفه وإن مررت بقربه، لأنه ببساطة "مواطن فلسطيني" لم تنصفه الحياة ولم تعطه شيء منها سوى الترحال..

كان قبل فترة وجيزة في عمان، حيث غنى لمجموعة من المثقفين الأردنيين في مقر "حمودة للإنتاج الفني"، كان مطربا للحاضرين الذين لم يتجاوزا عشرة أشخاص.. كان ملكا في عوده ورئيسا لحفل جاء محض صدفة، كما كل الصدف التي مر بها.. كانت سويعات من استعادة زمن من الذكريات..ببساطة فنان يغني للحمص والزيت والزعتر والحجر والشعب والأرض..مصطفى الكرد الآن في رحلة بين البلدان..

أضف تعليقك