أيتام بلا.. حقائب

الرابط المختصر

"اربعمائة يتيم تقريبا ، لا نجد مالا لتأمينهم بالحقائب المدرسية ، والمدارس على الابواب ، وهو امر محير فنحن نريد اربعمائة حقيبة مع قرطاسية في كل حقيبة ، من اجل توزيعها على الايتام ، وحتى الان ، لا نجد مالا ولا حتى من يؤمننا بالحقائب والقرطاسية ، ولا ندري ماذا نفعل".هي حقيقة فردها بين يدي ، احدهم ، ممن يعملون في العمل الخيري المنظم والمحترم ، والضغط على الجمعيات الخيرية يزداد هذه الايام ، فقرب موعد المدارس ، يجعل الضغط مرتفعا ، وخلفه يأتي رمضان ، وحين تسمع عن طلبة لا يجدون ثمن حقيبة المدرسة ،

ولا ثمن القرطاسية ، فعليك ان تصدق ان هذا يحدث في مناطق عديدة ، في عمان وجبالها ومخيماتها ، وفي الاغوار وعجلون والبوادي ومدن الجنوب وقراه ، فمن لديه عائلة تتكون من خمسة او ستة افراد ، لا يستطيع اليوم ، ان يؤمنهم بحقيبة المدرسية وقرطاسيتها ، ولباس المدرسة وبقية الاحتياجات ، والبعض لا يصدق ان لدينا في الاردن ، هكذا حالات ، لكنه لا يعرف ان لدينا عشرات الاف العائلات التي توفي الاب فيها ، او تعاني من الفقر المدقع ، او من اختلالات معينة ، ولولا الجهد الذي تبذله بعض الجمعيات الخيرية النظيفة والمحترمة ، لتثبيت العائلات ومنع سقوطها الكامل لوجدنا ان النتيجة مأساوية.قيمة الحقيبة المدرسية وقرطاسيتها ، في الحالات العادية تبلغ قيمتها خمسة دنانير او سبعة دنانير ، ولو تذكر كل قادر وكل من دخله متوسط ، ان هناك جارا له بحاجة على مشارف المدارس ، وتذكر اخته او اخاه ، وتذكر ان بكل حقيبة مدرسية يؤمنها لطفل مقابل الحقيبة المدرسية التي يؤمنها لطفله ، لكسب كثيرون امام الله ، ولرد الله الشر عن اطفالهم وبيوتهم.في قصة شهيرة قديمة يروى ان صبية كانت تجلس في البادية ، قرب بيت الشعر ، وتضع امامها اناء فيه قطعة لحم ، وحين تناولت قطعة اللحم الصغيرة ، لتأكلها ووضعتها بين اسنانها ، مرت من قربها سيدة فقيرة ، ومعها طفلها اليتيم ، وحين رأى الطفل اللحم بين يدي الصبية تضعه في فمها قال للصبية.. اطعميني ، فسحبت الصبية القطعة من فمها واطعمتها لليتيم ، وهكذا كان ، وبعد سنوات تزوجت الصبية وانتقلت الى مكان اخر ، وانجبت طفلا صغيرا ، وضعته في مهده داخل بيت الشعر ، وبينما كانت جالسة هجم ذئب على بيت الشعر ، وامسك الطفل الرضيع من لباسه ، وهرب به بعيدا من اجل افتراسه ، وفجعت الام وخرجت لتصيح خلف طفلها ، قائلة.. يا رب ابني يا رب ابني ، ويقال ان الله امر الذئب باعادة الطفل الى بيت الشعر ، وقيل للصبية (لقمة بلقمة) اي ان لحم ابنها سلم من الذئب ، لانها اخرجت قطعة اللحم من فمها ذات يوم ، واطعمت الفقير اليتيم.. وعاد الذئب ذليلا ، تاركا الطفل ، فهو مأمور.. اليست حقا لقمة بلقمة؟على مشارف المدارس نريد حقيبة بحقيبة ، ومن يزد ، يزد الله له ، ومثل الجمعية السابقة التي لا تجد اربعمائة حقيبة مدرسية من اجل اربعمائة يتيم ، تثير الاسى في نفس المرء ، ومثلها ربما جمعيات اخرى ، ولدينا عشرات الاف الطلاب الذين لايجدون ثمن الحقيبة والقرطاسية ، ولدينا من هو قادر على منح كل طفل في المرحلة الابتدائية على الاقل عشرين دينارا او ثلاثين دينارا في اليوم الاول للمدرسة ، لتأمين احتياجات الطلاب ، ولدينا من هو قادر على تأمين الاربعمائة طالب يتيم ، ولدينا من هو قادر على تذكر من حوله على مشارف المدارس ، حقيبة بحقيبة.. او لقمة بلقمة ، لا فرق ، فالعبرة بمن يتذكر اهمية المعروف.لقمة بلقمة.. والبعض ما يزال يبخل؟ وهو امر مؤسف. * الدستور