أنا صحافية في الشرق الأوسط والهجمات عبر الإنترنت لن تخرسني

كان من المفترض أن تكون أمسية خاصة بزوجي. كنت أحتفل بعيد ميلاده أثناء عشاء هادىء في المنزل الشهر الماضي عندما تلقيتُ رسالة عاجلة من صديقة تنبهني إلى هجوم ضدي على تويتر. على الرغم من أنني عملتُ كصحافية في الشرق الأوسط لمدة 20 عامًا وتعلمتُ كيفية التعامل مع تحديات كوني امرأة في هذا المجال، لم أرَ شيئًا كهذا من قبل. ما قرأته جعلني غاضبة ومصدومة وخائفة.

سرقوا صوري الخاصة بملابس السباحة من هاتفي ونشروها على تويتر بادعاءات كاذبة وذكورية تدعي أنّ الصور التُقِطَت في مزرعة رئيس مجلس إدارة شبكة الجزيرة الإعلامية القطري الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني. شاهدتُ مذهولة عدد إعادة التغريدات هذه بالمئات كل دقيقة. في غضون ساعات قليلة، تم نشر صور لي في حوض السباحة وبعضها مشفّرة لجعل الناس يعتقدون بشكل غير صحيح أنني عارية، تم نشرها وتغريدها أكثر من 40 ألف مرة. لم تكن هذه المرة الأولى التي أتعرّض فيها للتنمر عبر الإنترنت أو لحملة منسقة ضدي عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ولكن هذه المرة، يبدو أنّ المهاجمين اخترقوا هاتفي. بعد أيام قليلة، ظهرت تقارير تفيد بأنّ المُعارض السعودي عمر عبد العزيز تلقى تحذيرات جديدة من الشرطة الكندية بأنه معرّض للاغتيال. لغة بذيئة ومليئة بالكراهية والذكورية كانت تسألني:

“أخبرينا عن ليلتكِ. كيف كانت الدعارة؟ هل كنتِ في حالة سكر بينما كنتِ عارية؟” كتب مستخدم حساب تويترباسم سعود بن عبد العزيز الغريبي الذي كان نشطًا في الموقع منذ عام 2013. أكمل قائلًا: “لا عجب أنها عارية. إنها مسيحية رخيصة. إنها عجوز وقبيحة.” مثل معظم الحسابات السعودية التي تهاجمني انها مليئة بالتغريداتالتي تمدح ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

كما استهدفت الهجمات زميلتي علا الفارس الاعلامية الاردنية الفلسطينية التي يتابعها ملايين المشاهدين عبر مواقع التواصل الاجتماعي. استخدموا هاشتاغ #علا_ساونا Ola_Sauna# للادعاء بأنّ نجاحها كان بسبب ما اعتبروه خدمات جنسية، وطلبوا منها التخلي عن التقديم التلفزيوني والتركيز على “تقديم خدمات أخرى”كما سموها.

عرضتْ تقريبًا كافة الحسابات التي أساءت إليّ العلم السعودي أو صورة محمد بن سلمان، أو صورة لولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد. شخصيات عامة سعودية وإماراتية، من بينها الرئيس السابق لشرطة دبي ضاحي خلفان، والمفتي في وزارة الشؤون الإسلامية السعودية المقرب من محمد بن سلمان ويُدعى نايف العساكر، وحمد المزروعي المقرب من ولي عهد ابو ظبي محمد بن زايد، انضمت للهجوم. في غضون ساعات، أصبحت علامتا التصنيف Ghada_Jacuzzi# وOla_Sauna# رائجتين في السعودية التي تقع في المرتبة الخامسة عالميًا على مستوى استخدام تويتر.

على الرغم من أنني كنتُ هدف هذا الاعتداء الأخير – لا شك لأنني أناقش سياستي السعودية والإمارات – فإنّ الرسالة إلى الصحفيين في الشرق الأوسط واضحة للغاية: لا تنتقد أولياء العهد.

في هذه الحالة، كان المتنمّرون يهاجمونني وعلا ليس فقط لاننا إعلاميتان، ولكن كنساء تجرأن على النقد. اخترعوا رسماً كاريكاتورياً يصورني على مكتب رئيس مجلس ادارة الجزيرة مع عبارة “أريد زيادة” تم إعادة نشر الكاريكاتور بالمئات بل بالآلاف. بالنسبة لهم، من غير المقبول أن تكون المرأة ناجحة على أساس جدارتها المهنية والعمل الشاق. في ما يتعلق بحكوماتهم، يجب أن نتفرّج على النساء لا أن نسمعهنّ، ما لم يشغلن مناصب رمزية بغرض الدعاية لصالح النظام وواجهة لحداثة مزعومة واستعراض أمام وسائل الإعلام في العالم.

كانت هناك زيادة مقلقة في التحرش اللفظي والتهديدات ذات الصلة بالجنس ضد الشخصيات العامة النسائية. لقد أرعبت حركة حقوق المرأة في السعودية الحكومة التي أصرت على تطبيق الإصلاحات بشروطها الخاصة أثناء اعتقال الناشطات وراء الحركة. لجين الهذلول، أبرز النساء الناشطات السعوديات، والعديد من النساء الأخريات ما زلن خلف القضبان.

شجاعتهن، وشجاعة العديد من الأبطال المجهولين وضحايا الحكومات الاستبدادية في الشرق الأوسط، هي التي ألهمتني لمواصلة عملي، بغضّ النظر عن مدى وحشية حملات التشويه وكراهيتها للنساء، وبغضّ النظر عن عدد التهديدات بالقتل التي أتلقّاها.

يوم الجمعة الماضي، بدأت محكمة تركية جلسات استماع حول مقتل الكاتب المساهم في صحيفة واشنطن بوست جمال خاشقجي – وهو تذكير صارخ بأن العدالة لم يتم تحقيقها بعد عامين. جمال نفسه حذرني ذات مرة مما يسمى بالذباب الالكتروني ونصحني بتجاهله، لا بل بحظره. على الرغم من أنه يُعتقد على نطاق واسع أن المسؤول عن مقتل جمال قد لا تتم محاسبته أبدًا، الا انه يجب ألا ندعه وأولئك الذين يعملون لصالحه يعرضون إحدى الركائز الأساسية للمجتمع الحر إلى الخطر، ألا وهي الصحافة الحرة.

في الوقت الذي اتخذ فيه تويتر خطوات استباقية لوقف خطاب الكراهية – على سبيل المثال، حظر أشخاص مثل كَيتي هوبكنز في بريطانيا أو من خلال الإبلاغ عن تغريدات الرئيس ترامب – فمن غير المقبول السماح بهجمات مثل هذه. يجب على تويتر ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى اتخاذ إجراءات لحماية الصحفيين مثلي، وضمان عدم إساءة استخدام منصته من قبل الأنظمة الاستبدادية.

 

نقلا عن الواشنطن بوست

أضف تعليقك