أمانة عمان تبني لغير سُكانها

أمانة عمان تبني لغير سُكانها
الرابط المختصر

إذا كانت مهام أمانة عمان إعطاء رخص المهن والإشراف على الأمور الرقابية وتشييد الحدائق وجمع النفايات وحرقها، فمن المؤكد أن عمان ليست العاصمة الأنسب لأمانتها.

عمان الباحثة نحو التطور والعمران، أصبحت في السنوات الأخيرة مزهوة بالأبنية المتقنة في تصاميمها، وبالجسور والأنفاق الكثيرة، لكن هل هذه أولويات أهالي عمان!

أمانة عمان أنشئت بموجب قانون معدل لقانون البلديات، حيث تم بموجب هذا القانون ضم البلديات والمجالس البلدية والقروية المحيطة بمدينة عمان إلى أمانة العاصمة التي أصبحت تسمى فيما بعد أمانة عمان الكبرى.

وتعمل الأمانة في مدينة تواصل انقسامها جغرافيا بين شرقية وغربية، وطبقيا بين فقيرة وغنية، "فرغم أن الأمانة لا تفرق بين مناطق عمان الشرقية والغربية من ناحية مشاريعها"، كما قال أحد أعضاء مجلس الأمانة. لكن هل هذا واقعي؟

المتابع لمشاريع الأمانة وحجم تمويلها سيلحظ أن القسم الأعظم منها يذهب إلى غرب العاصمة، شوارع كثيرة ودائمة الصيانة، جسور وأنفاق ضخمة تفوق الحاجة. في حين ما تزال الأحياء الفقيرة من القسم الشرقي تعاني من مشكلات الصرف الصحي وقلة الجسور والأنفاق وحدائق ونواد للأطفال وصيانة الشوارع.

أمين عمان الأسبق، ممدوح العبادي يرى أن عمان تعتبر جزء من إقليم الوسط. ويوضح: "هناك مؤسسة تعمل منذ عشر سنوات؛ وهذه المؤسسة سميت بإقليم الوسط والتي تربط كل مناطق المحافظات الأربعة مع أمانة عمان، بحيث يكون هناك ترتيب لعمان مع جوارها، من ناحية التنظيم والبيئة والمرور، ومن ناحية تطوير المدينة شرقها وغربها شمالها بجنوبها ولأنها جزء من عملية كبرى، لذلك لا يجوز تنظيم المدينة بشكل فردي بل بشكل شمولي مع جزء أن تكون فيه مع إقليم الوسط في الأردن".

ويضيف: "غرب عمان هي المنطقة الأحسن طقساً، وبالتالي الأكثر جذبا للسكن، لكن أمانة عمان لم تألوا جهداً لرفد هذه المناطق المختلفة ببعضها البعض، ومن المشاريع التي كانت لها السبق في هذا الموضوع وربط عمان الشرقية بمنطقة مبنى أمانة عمان والهدف ربط شرق المدينة بغربها، حيث يستطيع ابن عمان الشرقية أو الغربية أن ينزل إلى هذا الموقع الذي يربط هذه المناطق وكل الفعاليات الفنية والثقافية تربط هذين المنطقين".

وبرأي العبادي فإن أكبر حدث بيئي في تاريخ أمانة عمان هو منطقة وادي القطار شرق عمان التي زرعت فيها مئات الآلاف من الأشجار على عشرات الآلاف من الدونمات، حتى تستطيع أن تكون الصد الواقي لمدينة عمان من شرقيها وصحراءها.

ويقول النائب: "إذا أردنا أن ننظر إلى أي عاصمة أو غير عاصمة فيجب أن تكون لهذه المدينة مواصفات، فهي ليست الطريق أو نظافة الشارع، فالمهم البيئة والثقافة والفن وأيضا المرور، والمواطن الذاهب إلى عمله يجب أن يكون مرتاح الأعصاب".

ويدعو العبادي الأمانة إلى نظرة شمولية لبناء عمان. ويعتقد أن المشكلة بالمرور، "فهي من أهم القضايا النفسية التي تضر بالمواطن"، وبالتالي النظرة الموضوعية لأي مدينة تتعدى البنية والنظافة فهي لها علاقة بأمور أوسع وأكبر تتعدى مستوى معيشة المواطن، "ولذلك النظرة الشمولية الإستراتجية كما قال جلالة الملك عبد الله الثاني في رسالته الأخيرة لأمين عمان الجديد هي تعني كبد الحقيقة بماذا نريد من أمانة عمان المستقبل".

تخطيط العاصمة عمان يجب أن يستند إلى البيئة الاجتماعية لعمان، كما يقول الكاتب إبراهيم غرايبة، "بحيث يتيح لأهل كل منطقة القدرة على العمل المشترك، والقدرة على التجمع على أساس مصالحهم واحتياجاتهم، فالحي قطعة من المدينة المركزية المترامية. أهل كل حي يجب أن يكون لهم مدرستهم وسوقهم الخاصة ولهم علاقتهم الخاصة مع بعضهم البعض وهنا الواقع المراد".

"إذا لم يستطع سكان المدينة التجمهر والتعرف على بعضهم وتنظيم أنفسهم ومراقبة خدماتهم ومرافقهم، تصبح المدينة غير مصممة لسكانها". ويتابع الغرايبة: "تصبح وكأنها مصممة للسيارات والشاحنات والأسواق التجارية الكبرى والمولات والحفلات الاستهلاكية وليست مكانا يقيم فيه الناس وينتمون إليه، ويشعرون بمشاكله واحتياجاته، ولا يشعر أنها مدينته عندما تسأله من أين أنت يقول لك أنا من عمان، وليس من المكان البعيد الذي جاء منه أبوه".

ويضيف أنه من المفترض أن تكون الأمانة مقسمة بين أهلها، ومن المفترض أن تقسم المدينة إلى أحياء ويقسم الحي جغرافيا وتخطيطيا، ويكون له مجلس وحديقة يديره أهل الحي، فالأمانة يجب أن تقسم المدينة إلى وحدات صغيرة كل وحدة لها خدماتها الخاصة بها، يجتمع أهلها دائما ويتشاركون مع ممثليهم في المجلس، وهذا مثل ما يحدث في المدن الأخرى".

الأمانة تبحث عن التطور والبنيان الأسمنتي والحدائق والجسور، هل استطاعت أن تخلق من عمان مدينة لها طابعها الخاص عبر سنوات عملها، فإذا كانت في إدارتها فهل تستطيع أن تقوم بما طلبه الملك عبد الله في رسالته التي وجهها لأمينها الجديد عمر المعاني والذي اعتل كرسي الأمانة لسنوات جديدة بعدما ترأسها قبله نضال الحديد والذي جلس على كرسيها لثمانية سنوات متتالية.

وفي محاولة لاستقراء رأي جمهور موقع راديو عمان نت على الانترنت، بعد تقاعد أمين عمان نضال الحديد الذي شغل المنصب لثماني سنوات، أعدت الإذاعة استفتاء حول سؤال "أداء أمانة عمان في عهد أمينها السابق. وأجاب 42% بـ"جيد"، و37% بـ"سيئ، في حين رأى 21% من المستفتين أن " أدائها لا يختلف عنه في عهود أمناء سابقين".

أضف تعليقك