مارست مذيعة أحد البرامج على إحدى الإذاعات المجتمعيّة المحليّة ممارسة فُضلى تجاه "انفعال مسؤول" إحدى المستشفيات، تمثّلت بالحفاظ على مستوى الحوار، والمطالبة بالإجابة على الشَّكوى، مُتجنَّبة الدخول في جدال لا يفيد جمهور المستمعين بشيء.
ويأتي "انفعال" المسؤول نتيجة شكوى تلقّاها البرنامج من موظّفي المستشفى، تقول، وفقاً لبيان نشرته الإذاعة، إنه "لن يتم دفع راتبيْ شهر ٣ و٤ للموظفين الذين لم يستطيعوا الدوام والالتزام بتعليمات إدارة المستشفى بالدوام".
وتابع "أكيد" الاتصال الذي أجرته مذيعة البرنامج مع مدير المستشفى لنقل وجهة نظره، إلا أنّ ردّه جاء "صادماً"، وقال إنَّ ما عرضته الإذاعة "تشهير وإساءة لمؤسّسة وطنيّة"، وأنَّ من واجب المذيعة الاتصال به مُسبقاً للتأكُّد من الموضوع.
وتابع المسؤول كلامه وصفاً الموظّفة التي نقلت الشكوى بألفاظ نابية، يعتذر "أكيد" عن ذكرها ضمن التقرير، وصرخ في وجه المذيعة قائلاً: "انتي ما دخلك، انتي ما الك علاقة"، و "إنتي بدّك تتفلسفي على الراديو، سكري التلفون وعيب"، وأكمل واصفاً الـ"راديو" بأنه "راديو دمار وتحطيم".
تقول الأستاذة بيان التل، مستشارة ومديرة برنامج التربية الإعلاميّة في معهد الإعلام الأردني، إنّ طريقة ردّ مدير المستشفى في البرنامج، و"نبرة الصوت العالية" في كلامه، تمثّل إساءة متعدّدة الجهات، تنافي أخلاقيّات المهنة التي يمارسها ودورها الإنساني في التعامل مع الناس، وعدم احترام المستمعين بتوجيه ألفاظ غير مجبورين على سماعها، بالإضافة إلى الإساءة لصحفيّة تقوم بما هو مطلوب منها بمهنيّة "وباعتبارها إنسانة أوّلاً".
وأوضحت مذيعة البرنامج أنَّ الإذاعة والبرنامج يقومان بدورهما الإعلاميّ المتمثّل بنقل شكوى، ولا تقصد الإساءة، وتقول: "إحنا وصلتنا ملاحظة وإلك حق الرد"، وهي ممارسة فضلى تمثّلت بضمان حق الرد للطرف الآخر انطلاقاً من التزام المذيعة والوسيلة الإعلاميّة بالمادة 9/ب من ميثاق الشرف الصحفي التي تُلزم الصحفيّين بمراعاة "إعطاء الحق في الردّ على أيّ معلومة غير صحيحة للأفراد ومؤسّسات المجتمع الرسميّة والمدنيّة ذات الصّلة بموضوع النَّشر وحيثما يتطلب الأمر ذلك".
وتقول التل إنّ من حق الصحفيّ أن يطرح السؤال على الطرف الآخر في أيّ وقت، ومن حق الضيف الإجابة أو الامتناع عنها، من دون توجيه أيّة إساءة لنفسه أوّلاً وللوسيلة الإعلاميّة ثانياً.
وطالبت مذيعة البرنامج المسؤول بالهدوء، مُكرّرة السؤال ما يزيد عن ثلاث مرّات، لتقديم إجابته حول الشَّكوى، إلا أنَّه استمرّ بتوجيه الإساءة للوسيلة الإعلاميّة وللموظفة التي نقلت الشكوى، مقابل طلب المذيعة التزام المسؤول بمستوى الحوار المقبول وعدم التلفُّظ بالإساءات على الهواء مباشرة.
وأنهت مذيعة البرنامج الاتّصال بعبارة "يعطيك العافية أستاذ.. نحن نحاول إيصال المشكلة بكل هدوء"، مشيرةً إلى أنَّها أجرت اتصالها مع المسؤول لإعطائه حق الرد والإيضاح حول الشكوى المطروحة، واعتذرت بدورها للمستمعين عن أيّة إساءة تضمَّنها الاتصال.
وتشير التل إلى أنَّ ما قامت به مذيعة البرنامج يُعدّ ممارسة مهنيّة في محاورة ضيف البرنامج، تمثَّلت بالحفاظ على هدوئها وضبط الانفعال، وعدم إظهار التحيُّز لطرفٍ على حساب الآخر، والاعتذار عن أيّة إساءة صدرت عن الضيف على مسامع الجمهور.
ويُنوّه مرصد "أكيد" إلى أنه في حال التزام الإعلاميّين الممارسات الفُضلى في إدارة الحوار الصحفيّ، فإنّ من حق المذيع مقاطعة النقاش مع الضيف في حالات محدّدة، نذكر منها؛ خروج الضيف من القضيّة محور النقاش، وشَخْصَنَة الحوار، وتوجيه اتهامات لجهات معيّنة أو للمذيع أو القناة، وتلفُّظه بمصطلحات غير لائقة، أو لجوء الضيف لتوجيه نوع من "البروباجندا" الإعلاميّة لصالح جهة ما، أو توضيح فكرة مهمّة أثارها الضيف ولم يُقدّم تفاصيل بشأنها