أكاديميون يحذرون من فوضى في حال إقرار قانون الجامعات

أكاديميون يحذرون من فوضى في حال إقرار قانون الجامعات
الرابط المختصر

يتخوف أكاديميون من أن يصبحوا في مهب الريح في حال إقرار قانون الجامعات الأردنية لعام 2009 الذي تنص فيه الفقرة (ب) من المادة 34 على استقالة جميع رؤساء الجامعات الرسمية و نوابهم وجميع مجالس العمداء في حال صدور القانون في مدة لا تتجاوز الشهرين.

ويقول دكتور العلوم السياسية في جامعة اليرموك محمد بني سلامة ان المادة 34 نصت على استقالة كافة رؤساء الجامعات ونوابهم والعمداء خلال مدة لا تتجاوز شهرين من تاريخ تشكيل مجلس الأمناء لجديد لكل جامعة، وهذا يعني استقالة عدد ضخم من كبار مسؤولي الجامعات يزيد عن 500 شخص ما بين رئيس جامعة ونوابه والعمداء ليصار إلى تعيين بدلاء لهم بواسطة مجالس الأمناء، إن تفعيل أو نفاذ أحكام هذه المادة في حال عدم تعديلها أو إلغائها سوف يترتب عليها حالة من الفراغ الوظيفي الذي ستشهده الجامعات حتى يتم إشغال الوظائف الشاغرة، وقد تجعل الجامعات تشهد حالة من الإرباك والفوضى وغياب البوصلة وما يترتب على ذلك من عرقلة لمسيرة الجامعات".

 


إلا أن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي طمأنت الاكاديمين، ويؤكد امين عام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي د.تركي عبيدات أن " المادة 34 مادة تنفيذية ولن تتم خلال يومين إنما بشكل تدريجي منضبط و حسب أسس وتشريعات ناظمة في هذا المجال وسيبقى رؤساء الجامعات ونوابهم والعمداء على رأس عملهم حتى يتم تعيين شخصيات جديدة، وفي بعض الأحيان سيبقى رئيس الجامعة في منصبه دون تغيير، ولن يكون هنالك فراغ ولا استغناء عن أي أكاديمي كون الأكاديمي خدماته  لا تنتهي".


 
و وجهه أكاديميون وخبراء في التعليم العالي انتقادات لاذعة لمشروع قانون الجامعات الأردنية 2009 الذي يناقش من قبل لجنة الثقافة والشباب في مجلس النواب.


 ويرى عدد من الأكاديميين ورؤساء جامعات أن مشروع القانون "يتعامل مع رؤساء الجامعات كأحجار على رقعة شطرنج دون أدنى احترام للمواقع التي يشغلونها".

بينما يذهب آخرون لأبعد من ذلك، إذ يحذر د. محمد بني سلامة من " سيطرت مجلس التعليم العالي على رؤساء الجامعات".


ويقول بني سلامة لعمان نت " القانون الجديد للجامعات يهدف في مظهره الخارجي إلى تحقيق استقلالية الجامعات، لكن في جوهره تنعدم الاستقلالية، وتعود الأمور إلى المربع الأول حيث هيمنة مجلس التعليم العالي على رؤساء الجامعات، ومن هنا فإنه تثور الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام على الدوافع الحقيقية لطرح مشروع القانون بصيغته الحالية؟ إذ أنه من الصعب فهم إصرار الوزارة على طرح مشروع قانون يهدف إلى تحقيق الاستقلالية للجامعات وبنفس الوقت وبموجب مشروع القانون ذاته ثم التعامل مع رؤساء الجامعات كأحجار على رقعة شطرنج دون أدنى احترام للمواقع التي يشغلونها كرؤساء للجامعات".


ويستهجن د.بني سلامة تجاهل عدم الالتفات إلى رأي وموقف الأكاديميين المعنيين بهذا القانون أولاً وأخيراً وعلى رأسهم رؤساء الجامعات، وهم أصحاب خبرة وقادة فكر ويتحملون مسؤولية كبيرة في هذا المجال".

يتساءل "لا ندري من هو أجدر أو أعرف منهم برسم صورة واقع ومستقبل التعليم العالي وآفاقه في بلادنا ولا سيما أن الأردن حقق مكانة متميزة على مستوى الشرق الأوسط في مجال التعليم العالي وأصبح الحفاظ عليها أمراً بالغ الصعوبة في ظل التحديات التي تواجهها الجامعات المنتشرة في أرجاء الوطن، والقرارات الارتجالية التي تتخذ في مجال التعليم العالي في بلادنا والتي أوصلت التعليم العالي إلى غرفة الإنعاش أحياناً".


وزارة التعليم العالي والبحث العلمي قامت بحملة إعلامية مكثفة استمرت أكثر من ستة أشهر للترويج لمسودة القانون من خلال تصريحات الوزير وليد المعاني الذي قال عن القانون انه " يضع التعليم العالي في الأردن في مصافي الدول المتقدمة". 

 

ويرى منسق حملة ذبحتونا د.فاخر دعاس أن "حملة الوزارة بدأت قبل إقرار هذه القوانين في مجلس الوزراء  لتخلق رأياً عاماً لدى قادة الرأي والإعلاميين والنواب يجعل من تمرير هذه القوانين في مجلس النواب تحصيل حاصل ومسألة وقت لا أكثـر ، ويصبح أي اعتراض هذه القوانين سباحة عكس التيار وعرقلة لتطوير التعليم العالـي".


إلا أن أمين عام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي د.تركي عبيدات يؤكد لعمان نت أن مسودة القانون تمت بناء على دراسات و ما تمخضت عنه الأجندة الوطنية ومنتديات عقدت قبل أكثر من سنتين، وبناء على ما جاء في الإستراتيجية الوطنية للتعليم العالي التي وافق عليها رؤساء الجامعات، اذ تحمل مسودة القانون عدة محاور من أهمها الحوكمة الرشيدة وإدارة الجامعات والتي من أهم أهدافها ضمان استقلالية الجامعات أكاديميا وماليا وتعزيز دور مجالس الأمناء،  وعلى هذا الأساس بدأت عملية الإصلاح التي شارك فيها  مختصون من داخل وخارج الأردن بدعم من البنك الدولي".

هذه الاستقلالية التي تحدث عنها عبيدات في مشروع القانون الجديد أثارت علامات استفهام لدى الكثير من الأطراف في الأوساط الأكاديمية وخارجها، تقول حملة ذبحتونا الطلابية " استطاعت الوزارة بمشروع هذا القانون تفريغ مجلس التعليم العالي من صلاحياته ليصبح جهازاً فوقياً لا حول له ولا قوة ، وبالتالي رفع يد الدولة عن مؤسسات التعليم العالي الرسمية الأمر الذي يخالف العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والذي  وقعت الحكومة الأردنية عليه والذي ينص صراحةً على " إتاحة التعليم العالي على قدم المساواة تبعاً للكفاءة ، والأخذ تدريجياً بمجانية التعليم العالي".


كما يرى الدكتور بني سلامة ان مشروع القانون يتعارض مع استقلال الجامعات اذ تنص  في المادة 5/أ حول تشكيلة مجلس التعليم العالي، على "استبعاد رؤساء الجامعات تماما من التشكيلة".

ويرد أمين عام وزارة التعليم العالي على هذه الآراء ويقول ان سقف رؤساء الجامعات في العالم هو مجلس الأمناء، وهذا المجلس بموجب القانون المقترح اخذ كثير من صلاحيات مجلس التعليم العالي ومن أهم هذه الصلاحيات تعزيز الدور الرقابي على رئيس الجامعة، كون وحدة الرقابة الداخلية مربوطة بمجلس الأمناء الذي يعين نواب الرئيس ومجلس العمداء وهو الذي يصادق على الموازنة ويدقق الحسابات، و بالنسبة لتعيين رئيس الجامعة وخصوصا الرسمية هناك تطورا كبيرا في الية التعيين سابقا، اذ كان مجلس التعليم العالي هو الذي يعين الرئيس وكانت هنالك شكوى كبيرة جدا في كل الجامعات الأردنية".

ويتابع " بالنسبة تفريغ لمجلس التعليم العالي مازال يملك صلاحيات سيادية في موضوع التعليم العالي كرسم سياسة التعليم في المملكة ورفعها لمجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب، ومن مهامه وإقرار حقول التخصص والبرامج في مختلف التخصصات و الإشراف على الجامعات الخاصة والمهمة الأخيرة توزيع الدعم الحكومي والرسوم الإضافية على الجامعات الرسمية وفق اسس يعتمدها المجلس لهذه الغاية هناك صلاحيات سيادية للمجلس".


ويتخوف د.فاخر دعاس منسق حملة ذبحتونا من " خصخصة الجامعات" ويرى ان مجلس التعليم العالي سحبت منه عديد من الصلاحيات "تم تفريغ مجلس التعليم العالي من صلاحياته ليصبح جهازاً فوقياً لا حول له ولا قوة ، وبالتالي رفع يد الدولة عن مؤسسات التعليم العالي الرسمية الأمر الذي يخالف العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والذي  وقعت الحكومة الأردنية عليه والذي ينص صراحةً على " إتاحة التعليم العالي على قدم المساواة تبعاً للكفاءة ، والأخذ تدريجياً بمجانية التعليم العالي " .

 

يزيد "بل إن الأخطر هو في النقطتين ( 4 ، 5 ) اللتان تنصان صراحة على تخلي الحكومة بشل رسمي عن دورها في تدبير الموارد المالية لدعم الجامعات الرسمية ، كما أن إعفاء مجلس التعليم العالي من " المصادقة على موازنات الجامعات الرسمية ومناقشة تقاريرها السنوية وإصدار القرارات اللازمة بشأنها " يعني بشكل لا يدع مجالاً للشك بأن الحكومة لم يعد لها شأن في الجامعات الرسمية وأن هذه الجامعات أصبحت مستقلة مالياً بشكل كامل ما يفرض عليها أن تبحث عن موارد ذاتية لتغطية موازناتها ، أي أننا مقبلون على رفع للرسوم الجامعية في معظم الجامعات الرسمية لسد العجز في موازناتها إضافةً إلى زيادة نسبة طلبة الموازي في جامعات رسمية أخرى ( الأردنية والتكنولوجيا ) .

الا ن د.عبيدات يؤكد على أن الدعم الحكومي للجامعات سيستمر وباشكال مختلفة، وهنالك ضمان للاستمرارية تحقيق وأهداف الجامعات الرسمية فمن مهام مجلس الأمناء تدبير المصادر المالية من مصادر مختلفة قد يكون منها جمع التبرعات".

نيابيا قال رئيس لجنة الثقافة والشباب في مجلس النواب د.محمد الشرعة ان  مشروع القانون ملك مجلس النواب، حيث تقوم اللجنة بإجراء التعديلات اللازمة مع أصحاب الخبرة  للخروج بقانون إصلاحي،  حيث تشدد اللجنة ان يخرج قانون  إصلاحي من خلال مجالس أمناء تكون مسؤولة  وتقوم بتطوير  تطوير الخطط   الداخلية اللازمة للجامعة، كما تقوم اللجنة بتعديل التداخل تداخل بين مجلس التعليم العالي ومجلس الأمناء".


وقال الشرعة إن اللجنة ستواصل الاستماع لآراء ومقترحات العديد من ذوي الاختصاص والعلاقة ممن لهم خبرة في مجال التعليم العالي وصولا معهم إلى تصور واضح حول كيفية البدء بمناقشة وإقرار مواد مشروع القانون.