يلاحظ على "النقاشات والحوارات" في الشؤون العامة في الأردن ، سواء في مجلس النواب أو في وسائل الإعلام أو في المحاضرات التي بات يلقيها رؤساء وزارات ووزراء سابقون أنها تنزع إلى التشخيص والنقد أكثر من تقديم الحلول.

يوميا نقرأ عشرات المقالات والتي تلاحظ وذكاء وجود خلل في سياسات وقرارات استراتيجية على المستوى الوطني ، ولكن قلما نجد مقالات وآراء تدعو إلى البدائل والخيارات الإبداعية التي تخرج من حالة التشخيص السلبي إلى الأفكار الجديدة والاقتراحات البناءة.

بالطبع ما سبق يقال عن النقاشات الجادة والتي تتضمن حرصا على المصلحة العامة اما الاستعراضات الذاتية والنقد من أجل الإحباط والتشكيك والمبالغة في تشخيص السلبيات فهي لا تستحق حتى التعليق عليها لأنها لا تقدم فائدة معرفية لأحد ولا تؤدي إلا إلى التوتر والريبة والاستنفار المستمر.

نحن بحاجة إلى الأفكار الإبداعية التي تقدم حلولا للخروج من قائمة طويلة من المشاكل الداخلية والخارجية التي تثير القلق ، وهذا ما يتطلب التحول من حالة النقد إلى تقديم الحلول وهذا ما يتطلب نمطا إيجابيا من التفكير وخاصة من قبل السياسيين والاقتصاديين من أصحاب الخبرات التراكمية السابقة.

يمكن أن يؤدي المجلس الاقتصادي الاجتماعي دورا هاما في هذا الصدد في حال ساهم في رفع نوعية التخطيط وتقديم البدائل للحكومة وركز على دوره وهو "خزان أفكار Think Tank على مستوى الدولة وليس مجرد هيئة استشارية للحكومة. الإعلام ايضا يمكن أن يقوم بدور مهم من خلال نشر تحقيقات استقصائية تقدم حلولا أو تسليط الضوء على تجارب ناجحة تدفع نحو العمل الإيجابي أو أن يركز كتاب المقالات ليس على النقد التشخيصي فحسب بل أيضا الحلول.

على المستوى العام والشعبي هناك محاولات للتفكير خارج النمط التقليدي وأحد أهم هذه المبادرات الموقع الإلكتروني "أردن مبدع" والذي قام بإنشائه المحلل الاقتصادي د. يوسف منصور ويضم حاليا مئات الأردنيين من أصحاب الخبرة العلمية والعملية وخاصة من الشباب ويحتوي على نقاشات وأفكار في غاية الأهمية نحو التحول إلى اقتصاد معرفة منتج ومبدع وسيكون من المفيد جدا لصناع القرار في المؤسسات العامة والخاصة الإطلاع على بعض هذه الأفكار الجديدة.

مراكز الأبحاث والدراسات تحتوي على كم هائل من الأفكار والمقترحات التي تتراوح ما بين صياغة قانون جديد للإنتخابات إلى إدارة القروض الدوارة في الجمعيات المحلية ، وهي ناتجة عن تجارب واقعية في الأردن وخارجه تعتمد على نتائج ودراسات مقارنة ومن الضروري أيضا أن لا تضيع سدى وألا نعيد اختراع العجلة في كل مرة.

اي اقتصاد مبدع يعتمد على الابتكارات لتجاوز الأزمات والتحديات ، والمقالات والمحاضرات والدراسات التشخيصية على اهميتها لا تقدم الحلول ويجب أن تكون دائما مرفقة بخيارات مدروسة وإلا بقيت مجرد صدى لنقد قد يجلب الإعجاب والتصفيق والتحية من القراء والمتابعين ولكنه لا يقدم شيئا جديدا على طاولة صناعة القرار.