أصوات عاملات الزراعة تفتح أفقًا للتغيير في فعالية "ليست وحدها"
نظّمت مؤسسة أهل للتنظيم المجتمعي فعالية بعنوان "ليست وحدها: تجارب التنظيم والتغيير لواقع عاملات الزراعة"، جمعت عاملات زراعيات من الأغوار الشمالية ومأدبا مع مؤسسات مجتمع مدني وأفراد من المجتمع الأردني المعنيين بقضايا العمل والمجتمع.
في هذا اللقاء، كانت العاملات في مقدمة المشهد عبر عرض تجربة حملة "جمعتنا قوتنا"، التي انطلقت في مطلع عام 2024 لمواجهة الظروف الصعبة التي تعاني منها آلاف العاملات الزراعيات في الأردن، مثل غياب أدوات الحماية والسلامة، وانخفاض الأجور، وغياب التغطية القانونية والاجتماعية. يشكّل القطاع الزراعي أحد أكبر القطاعات التي تعتمد على النساء، حيث تُشكّل العاملات ما يقارب 60% من اليد العاملة الزراعية، ومعظمهن عاملات يوميات بلا عقود أو ضمان اجتماعي.
الفعالية أظهرت إضاءات مسار الحملة، التي قادتها العاملات بأنفسهن على مدار عام كامل، من خلال عمل جماعي اعتمد على مواردهن ومعرفتهن وتجربتهن المباشرة. خلال هذا العام، تعرفت أكثر من 250 عاملة وعامل على حقوقهم في أدوات الصحة والسلامة، وساهم 114 منهم في حملة مطالبة جماعية، نتج عنها التزام 11 مزرعة بتوفير أدوات الصحة والسلامة المهنية في الأغوار الشمالية.
قالت نريمان خالد، إحدى العاملات القياديات: "اللحظة التي تحدثنا فيها بصوت واحد، شعرنا أننا قوّة حقيقية ولسنا مجرد عاملات متفرقات." وأضافت زميلتها في الحملة باسمة أبو رمح: "الطريق ليس سهلاً، لكنه ضروري لنا لأننا نعيش التحديات الأكبر كل يوم، وسنعمل على تحقيق التغيير، حتى لو في مراحل."
العاملات شاركن كيف اختَرن أهدافهن بالاستماع الحقيقي لزميلاتهن، وكيف استخدمن أدوات تواصل متاحة وفعّالة، مثل اللقاءات المباشرة والجلسات الاجتماعية، وبدأن بخطوات صغيرة من واقعهن وبما هو متاح لهن. كما عرضن التحديات التي ما زلن يواجهنها، وخطتهن لمواصلة العمل لتحسين بيئة العمل في المزارع وتحصيل حقوقهن.
هذا اللقاء أكّد أن العاملات قادرات على قيادة التغيير بأنفسهن، واحتفل بالعمل الجماعي كصورة عن تكاتف الناس، وهو الطريق لبناء عدالة مستمرة في بيئة العمل الزراعي، خاصة عندما يتكامل مع دور مؤسسات المجتمع المدني.
قالت فرح هلسا، مُمكِّنة الحملة في مؤسسة أهل: "الخدمة قد تكون ضرورية في أماكن لتسد حاجة مؤقتة، لكنها لا تغيّر في صميم قوة العاملات. الأثر الحقيقي يحدث عندما يبني أصحاب القضية قوتهم بأنفسهم، من مواردهم وتجاربهم، فيصبح الحق ثابتًا ودائمًا."
وعن دور "أهل"، أوضحت ريم منّاع، المديرة التنفيذية لمؤسسة أهل: "في أهل، لا نركّز فقط على خلق التغيير، بل أيضًا على الطريقة التي يتم بها. الطريقة التي تبني قدرة أصحاب الحق على التحرّك والضغط والتفاوض بالاستناد إلى مواردهم هم. نحن اليوم في أحوج وقت لهذا النهج الجماعي."
الجلسة الثانية خُصّصت لحوار مفتوح مع مؤسسات مجتمع مدني لها خبرة طويلة في الدفاع عن حقوق العاملات: مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، مركز تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، ومركز العدل للمساعدة القانونية.
قالت هديل عبد العزيز، المديرة التنفيذية لمركز العدل: "الجميل في حملة جمعتنا قوتنا أنها أظهرت كيف استطاعت العاملات أن ينطلقن من موارد بسيطة ليطالبن بحقوقهن، ابتداءً بالحد الأدنى. نحن كمؤسسات مجتمع مدني، من دورنا أن نقف إلى جانب هذه القوة الناشئة، ونستخدم خبرتنا وأدواتنا لدعم رحلتهن الطويلة وتغيير واقع عملهن في القطاع."
وقال مراد كتكت من مركز الفينيق: "أهنئ العاملات في حملة جمعتنا قوتنا على تناغمهن وطريقة تفاوضهن مع أصحاب المزارع. فالأساليب التي يتّبعنها أظهرت أنهن لا يعملن فقط بجد، بل بذكاء أيضًا، وهو ما يضمن أن صوتهن يُسمع وأن حقوقهن تُنتزع خطوة بخطوة."
وأضافت شيرين مازن من تمكين: "المجتمع المدني بذل جهودًا كبيرة لسنوات في الدفاع عن حقوق العاملات الزراعيات، لكن الطريق ما زال طويلًا. ما يبعث على الأمل هو أن العاملات أنفسهن اليوم يقدن مسيرتهن بالتغيير، وهذا ما يجعل المستقبل لصالحهن."
أكّدت فعالية "ليست وحدها" أن حملة "جمعتنا قوتنا" ليست مجرد مطالبة بحقوق، بل نموذج عملي لتجذير التغيير من داخل المجتمع، تقوده العاملات الزراعيات بأنفسهن.
منذ تأسيسها، رافقت مؤسسة أهل للتنظيم المجتمعي حملات التغيير الاجتماعي في المنطقة، عبر تمكينها أثناء قيادتها للتغيير، لا نيابة عنها. وهي تقوم على ثلاث ركائز: أن يكون مسار الحملة استراتيجيًا وتصاعديًا لا ردّ فعل لحظيًا، وأن تكون القيادة جماعية وتشاركية، وأن تتوسع القاعدة القيادية لتشمل أكبر عدد من أصحاب القضية.















































