أزمة على مستوى الخطاب تعيشها الجماعة
حالة من الجمود والترهل تسود جماعة الإخوان المسلمين في الأردن؛ هذا ما جاء على وصفه محللون سياسيون في ظل قرائتهم للواقع الذي تعيشه الجماعة خلال السنوات القليلة.
مروان شحادة والمختص في الشؤون الإسلامية يرى أن الإخوان يعيشون حالة من الترهل والجمود؛ مبيناً بأنهم يعانون من أزمة على مستوى الخطاب؛ بالإضافة إلى كونهم يفتقدون علاج للأزمات التي يعايشها المجتمع.
وهو ما رفضه المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين همام سعيد، مبيناً أن الجماعة ما زالت تمتلك ثقل سياسي على كافة الأصعدة.
وبالرغم من أن بعض المحللين أرجع تراجع نفوذ الإخوان لعدم مشاركتهم في الانتخابات النيابية؛ إلا أن الكاتب والمحلل السياسي ناهض حتر لا يرى أي رابط في عدم مشاركة الأخوان في المجلس وتقلص نفوذهم السياسي؛ حيث يرجع حتر حالة الضعف التي يعايشها الإخوان إلى الانشقاق الفكري الذي يعانيه بين تيارين؛ التيار المحلي والتيار الحمساوي.
غياب الإخوان المسلمين عن السلطة التشريعية من خلال عدم مشاركتهم في مجلس النواب؛ أمرٌ يفتح الأبواب على الآليات التي قد تتاح أمام الإخوان للتأثير في العملية السياسية خارج قبة المجلس؛ وهو ما يوضحه شحادة في أن الخيارات المتاحة أمام الجماعة للتأثير والمشاركة السياسية أصبحت محدودة؛ باقتصارها على الاعلان عن مواقف سياسية في إصدار البيانات وتنظيم لقاءات وورشات في النقابات.
بينما بين سعيد أن غياب الإخوان عن قبة المجلس لن يفقدها من حجم نفوذها؛ وذلك بالنظر لحضور الإخوان البارز في كافة مجالات المجتمع، وتواجدهم في النقابات المهنية، إضافة إلى ما يشكلونه من قوة مؤثرة في القرار السياسي.
إلا أن الكاتب والمحلل السياسي ناهض حتر يرى بأن النقابات لا تمثل قوة سياسية وذلك بالنظر لضعفها في التأثير السياسي.
حالة الضعف والترهل التي تعاني منها الجماعة بحسب محللين أمرٌ تكثر مسبباته وتتباين بحسب المحللين؛ فشحادة يفسر ضعف وترهل الجماعة بالنظر لمحدودية الثقل السياسي لها؛ وتغليب الجانب التسييسي على الجانب التأنيسي بها؛ أي أنها أصبحت تهتم بالجانب السياسي على حساب بناء الإنسان.
ويضيف شحادة بأن الجماعة لم تعد تقدم أية برامج عملية أو خطاب معاصر يتماهى مع طموح الشعوب العربية، وإنما اقتصرت الجماعة على تقديم إطروحات وشعارات غير قابلة للتنفيذ.
إلا أن سعيد يرى بأن الجماعة لا يقتصر تأثيرها في البيانات والبرامج والمواقف فقط؛ وإنما تشكل الجماعة قوة مؤثرة اجتماعية وشعبية لها نفوذها في كافة مجالات المجتمع، ويضيف سعيد بأن وجود الجماعة في المجتمع يشكل رافعة اجتماعية للمنطقة وحالة لا يمكن إغفال تأثيرها وإهماله.
بينما يرى حتر أن ضعف وترهل الجماعة يعود إلى غياب خطاب سياسي ورؤية سياسية موحدة؛ فما زالت الجماعة غير متفقة على خطاب سياسي موحد وبالتالي لا يمكن مخاطبة المجتمع في ظل غياب خطاب سياسي موحد لهم.
مازال انقسام الإخوان بين تيارين مطروح في الساحة السياسية مع ما يحمله التيارين من غياب لموقف موحد حول عدة قضايا خلافية بينهم؛ وبالرغم من أن قرار مقاطعتهم للانتخابات قد وحدتهم حول هذا الملف؛ إلا أنه مع عدم وصول الجماعة إلى إيجاد حلول لأهم القضايا الخلافية بينهم وإتباعهم سياسة الخطوة خطوة في حل القضايا الخلافية بينهم؛ قد نشهد في المرحلة المقبلة تداعيات أخرى على دور الجماعة في المرحلة المقبلة.
وكانت الجماعة قد عقدت مؤتمر داخلي ثالث في محاولة لإجراء مراجعة فكرية لموقف الإخوان من أهم القضايا المفصلية في المرحلة المقبلة؛ وجاء المؤتمر على مدار جلستين؛ ناقش فيها ملفات عديدة تتعلق بسحب الجنسية بين الأردنيين من أصل فلسطيني وقرار فك الارتباط بين الأردن والضفة الغربية إلى جانب أثر حل القضية الفلسطينية على الأردن والعلاقة مع حركة حماس. وكانت الجماعة قد عقدت مؤتمرين آخرين أحدهما في عام 1994 والذي انصب على تداعيات توقيع اتفاقية وادي عربة، والآخر في عام 1996 الذي عقد بمناسبة مرور (50) عاما على تأسيس الجماعة في الأردن.
هذا وتستعد الهيئات الادارية في الجماعة إلى إجراء انتخاباتها خلال الشهر الحالي؛ وهي انتخابات دورية لفروع الجماعة في مختلف المحافظات.