أردنيات سائقات تكسي وسرفيس وشاحنات

الرابط المختصر

رغم تحديات مهنة القيادة وأعبائها، إلا أنهن مصرات على العمل فيها، لا للقمة العيش فحسب، إنما لإثبات جدارتهن في هذه المهنة "الرجالية".لا يأتي المال من الرجل فقط لأجل إعالة أسرته، فباستطاعة المرأة العمل بكافة المجالات، وعدم النظر إليها على أنها جزء ضعيف بحاجة إلى العمل، فهن أي السيدات سائقات العمومي قادرات ولسن قاصرات، وجهدهن مخبأ والعمل في مهنة القيادة فرصة للجميع كي يراهن على هذا الرهان.

حالتهن الاجتماعية كما يعبرن عنها لبرنامج سيارةfm ليست بحاجة إلى دراسة وتمعن "فنحن لسنا ظاهرة"، "نحن جزء من المجتمع فيه العاملة، الممرضة والسكرتيرة والميكانيكية والسائقة سواء على سيارة عمومي أو شاحنة".

سيدات أردنيات، يخضن غمار عمل قيادة التكسي والباص وشاحنة وضاغطة النفايات، "للقمة للعيش"، وليس ذلك أيضا إنما لإثبات مقدرتهن على العمل وكسر النظرة القائلة "القيادة للرجال. نقطة وسطر جديد". فالمسألة ليست بهذا الشكل، كما تقول حنان الكردي سائقة ضاغطة نفايات.

ولأن السيارة العمومي تعتمد على الناس، فإن آمال عبدو سائقة تكسي لا تتوانى عن الاستمرار بثقة في عملها
أن يقال لها لأن "الكثير من الركاب عندما يرووني ست يرفضوا إن يصعدوا معي".

والأسباب لدى آمال تعددها: "بعضهم يخاف من قيادتي، بعضهم لا يبحث إلا عن سائقين رجال، بعضهم يتخذ خطوة عدم الصعود معي كنوع من تأديبي على اعتبار أن عملي عيب وحرام على سّت أن تقود السيارة".

ومع ذلك، فهي تعمل على سيارة تكسي منذ خمس سنوات، وضمان سيارتها اليومي لصاحب المكتب العاملة فيه، "20 دينارا" وهو ضمان يومي مرتفع إذا ما قرون مع زملائها السائقين، تعزو ذلك إلى أن صاحب المكتب "يرفع الضمان علّي كي يطفشني من العمل".

التقاليد الاجتماعية لا مكان لها في قاموس كل من حنان وآمال، فإذا أرادتا أن تماشيا العادات، "فسنجلس في الدار، لا عمل ولا مكانة في المجتمع" كما تقول حنان والتي عملت مدربة قيادة منذ 10 سنوات وسائقة ضاغطة نفايات منذ 3 سنوات في أمانة عمان الكبرى.

وأمام إقبال سيدات على مهنة السواقة العامة، فقد عملت النقابة العامة للعاملين في النقل البري والميكانيك بتأسيس لجنة تعنى بالمرأة، وتقول رئيستها هيفاء البلشي: "هذه المهنة أولا غير مقتصرة على الرجال، ولأن العديد من السيدات يحملهن رخص قيادة من فئة الرابعة الخامسة والسادسة وناجحات في مجال القيادة، فلا بد من وجود دور لهن، ونحن نعمل على تعزيز دور المرأة في هذه المهنة، وتسهيل انخراطها في مجال السواقة العامة".

سائقة التكسي آمال، تقول: "قبل خمس سنوات كنت جالسة مع صديقاتي وصار بيننا تحدي في أن أعمل سائقة على تكسي، وكانت أموري سالكة عدا بعض الصعوبات من قبل مديرية الترخيص، وقالوا لي :كوني مدربة لا سائقة لكني صممت على موقفي وكسبتها بالنهاية لكن رسبت12 مرة كي أحصل على رخصة قيادة عمومي".

عمل آمال يبدأ من الساعة السادسة صباحا وحتى الرابعة عصرا، تتحدث عن صعوبات العمل مع الناس، "الكثير كان يفاجأ ولا يعجبه أن تكون سيدة عاملة على تكسي، ويرفض الركوب معي، مقابل ذلك الكثير من السيدات ركبن معي وشجعني على الاستمرار في هذه المهنة". وعائلتها رفضت الفكرة إلا أنهم لم يعارضوها لأنها تعتمد في تنقلاتها على تحميل طلاب المدارس ومعلمات كاشتراك معهم.

وحال حنان لا يختلف كثيرا عن آمال، فهي كانت مدربة قيادة منذ عشر سنوات، وهنا كان لها المؤهل كي تكون سائقة على ضاغطة نفايات، "ولا اخفي عليك أن حلمي منذ صغر أن أقود سيارة نمرتها حمراء ومكتوب عليها أمانة عمان الكبرى".

وترى حنان أنها تقوم بعملها على أكمل وجه، ولا تختلف عن الرجال وهم زملائها في عملها بالأمانة، حيث أن يلقبونها "بأخت الرجال".

عائشة سائقة باص، وتحمل رخصة فئة خامسة على محورين، تقول: "لم أجد صعوبات في عملي، وبرأيي أن كل ست عليها أن تأخذ رخصة عمومي، لأن الكثير من المؤسسات أو الكليات بحاجة إلى سيدة تعمل على نقل فتيات أو هناك عائلات تريد سيدة تنقل بناتها إلى مكان ما فعندما تكون سيدة فالأمر يكون جيد".

مها حاصلة على رخصة فئة رابعة، وتنتظر العمل على باص، تقول: "أريد العمل على باص سياحي، لأن الكثير من العائلات تبحث عن سيدات ينقلن بناتهن لمكان ما أو رحلة للعقبة أو البحر الميت، فهنا العمل يكون مهم وضروري للمرأة".

وتضيف مها "أتوجه لكل المؤسسات بدعم السيدات عبر تحديد سيدات يعملن لديهن، أنهم بحاجة لسيدات للعمل كسائقات في المؤسسة".

ولأن السيدات مقبلات على هذه المهنة فالنقابة قامت وبالتعاون مع مؤسسة التدريب المهني على تدريب سيدات على القيادة كي يكن مؤهلات ومستعدات للعمل في مهنة القيادة العامة، وكانت أول دورة اشترك فيها ما يقارب الـ100 سيدة والعدد في تزايد بحسب النقابة.

الصعوبات في انجذاب السيدات لهذه المهنة يعرقله نظرة المجتمع، وتضيف رئيسة لجنة المرأة في النقابة هيفاء البلشي: "العديد من السيدات أتينا للنقابة مع أزواجهن والرغبة كانت مضاعفة عند الأزواج أكثر، لكن نظرة المجتمع هي العائق الكبير، وهنا يبرز تحدي السيدة إذا أرادت العمل في هذا المجال".

ماذا يقول الشباب
العديد من الشباب أبدى تحمسه لسيدات يعملن سائقات عمومي، ويقول الشاب محمد أن أي عمل لا يعرف رجل من سيدة، فالحاجة هي الأهم، "عمل المرأة طبيعي ولا وجو للعادات الاجتماعية، والمحتاج للعمل لا ينظر إلى عمل سيدة".

أما علي فلا يحبذ عمل المرأة أبدا في السواقة، "لأنهن سيتعرضن إلى الكثير من المضايقات، وهي بغنى عن المضايقات، فأنا لا أؤيد عملها في السواقة العامة".

وراضي لم يتوانى عن النظر إلى أن مهنة السواقة للرجال فقط، "وأي سيدة تعمل فيها فهي مسترجلة، والمجتمع نفسه لا يسمح للمرأة"، وصديقه منير يختصر تعليقه بـ"هذه خطأ كبير، ولا نسمح لها في العمل بهذه المهنة".

ماذا تقول السيدات عن عمل بعضهن في القيادة العامة؟
السيدة عفاف تقول: "لا يمكنني تقبل سيدة تعمل على سيارة عمومي، فهي للرجال والانتقادات والمعاكسات ستكون مضاعفة عليها، فلماذا تسمح لأحد أن يعاكسها، فلتعمل بشيء آخر وتدع الرجال يعملون فيها".

أم الشابة فدوى فهي لا تتقبل عمل المرأة بالقيادة، "خاصة في مجال العمومي، فالمجتمع فيه لا يزال منغلق وبالتالي النظرة للسيدة تكون دونية". وتوافقها الرأي صديقتها رنا وتضيف أن مهنة القيادة تحديدا تحتاج إلى أجساد قوية وصابرة والمرأة لا تستطيع ذلك.

أما الشابة علا فهي لا ترى أي مشكلة أو عيب في عمل المرأة "وأشجع جميع السيدات بالعمل في هذه المهنة".

ماذا يقول السائقون؟
السائق علي يقول: "لا يجوز عمل المرأة في العمومي"، لأسباب عديدة لا يريد الخوض فيها، لكنه قال: "أقل شيء يمكن الحديث حوله أن صعد معها واحد أزعر".

أما السائق فريز فالمسألة لديه مختلفة "أن تقود سيارة خصوصي فهي ضرورة لكل امرأة لأنها بذلك تساعد زوجها على أخذ الأطفال وقضاء الحاجيات، إما إذا كانت سائقة بالعمومي، فهي تعرقل عمل الرجل وبالتالي تضيع فرصة زوجها مثلا في العمل وأنا ضد ذلك عندها".

والسائق أبو محمد يعارض عمل المرأة في مهنة القيادة العمومي، وغيرها من المهن.

وأمام هذا الحال، تقترح السائقة حنان: "إذا لا يريدوننا أن لا نعمل فليصرفوا علينا ونجلس معززات مكرمات في الدار". أما آمال فتقول: "بمقابل هذه الفئة هناك الكثير من الرجال يحبون أن تكون هناك سيدة على التكسي، لأنها لا تضع عشر مرايا كي تنظر من يجلس خلفها، فهناك الكثير من السائقين لا يعملون، إنما يعاكسون ويبحثون عن أشياء غير العمل".

الحلول
تساؤلات عن ما مدى تطبيق فكرة قامت بها بريطانيا وتعمل بها الآن الإمارات العربية المتحدة والمتمثلة بوجود تكاسي خاصة للنساء، ولا يقفن إلا للسيدات. فبالنسبة لهيفاء مسؤولة المرأة في النقابة فإنها قابلة للتطبيق.

لأنهن جزء من المجتمع، وطالما كن دائما نصفه، فهل يباح لهن العمل بمهن ويحرم عليهن مهن أخرى، كقيادة العمومي! سيدات باحثات عن لقمة العيش وأيضا باحثات عن فرصة لإثبات جدارتهن في عمل كان وما يزال ليس حكرا على الرجال فحسب، إنما أن تعمل سيدة وتزاحمهم في ذلك العمل فهو "محرم وغير مقبول"، وهنا تبقى السيدات يكافحن لأجل العمل ومجابهة النظرة الاجتماعية التي إذا رضخت لها فسوف تجلس في المطبخ فقط لا كامل البيت.

أضف تعليقك