أحدث أسلحة إسرائيل ضد الفلسطينيين – الإذلال – سيأتي بنتائج عكسية
انتشر مقطع فيديو على نطاق واسع يظهر جنديًا إسرائيليًا يرتدي ملابس عسكرية يقف في مكتبة صغيرة ومحل لبيع الهدايا في مكان ما في غزة. وبالنظر إلى الكاميرا، التي يحملها على الأرجح أحد رفاقه في السلاح، يتصرف الجندي مثل مندوب مبيعات، ويعرض سعر لعبة وكتاب وغيرها من الحلي قبل رمي الأشياء بعنف على الأرض للتأكد من أنها مكسور. الرسالة وراء الفيديو الإسرائيلي واضحة: نحن السادة، ويمكننا أن نفعل لكم ما يحلو لنا أيها الفلسطينيون.
وظهر الفيديو بعد 24 ساعة من ظهور صور ومقاطع فيديو أخرى أكثر إثارة للقلق لعدد كبير من الرجال الفلسطينيين من بيت لاهيا يتم نقلهم في شاحنات إسرائيلية ويجلسون القرفصاء وأيديهم خلف ظهورهم. والرجال عراة باستثناء ملابسهم الداخلية. ويظهر الجنود الإسرائيليون وهم يقفون دون أن يفعلوا شيئا. ويظهر مقطع فيديو يبدوا أنه مصور من إحدى المركبات سترة جندي إسرائيلي باللون الكاكي. وتم توزيع الصور ومقاطع الفيديو في إسرائيل وعلى وسائل التواصل الاجتماعي.
مقاطع الفيديو هذه ومحتواها ليس لها أي قيمة عسكرية بالنسبة للإسرائيليين. ولا يبدو أن محل بيع الهدايا/القرطاسية الصغير ولا الرجال المدنيين كان لهم أي دور في الحرب بين حماس وإسرائيل. ففي غضون فترة قصيرة من انتشار مقطع الفيديو الذي يظهر الرجال الذين يرتدون ملابس جزئية، تمكن سكان غزة من التعرف على العديد من هؤلاء الذين ظهروا. وهم محترفون، مهندسون، وأطباء، وصحفيون، ومعلمون، وفقًا للأشخاص الذين تمكنوا من التعرف عليهم. وتبين أن الجيش الإسرائيلي أخذ الرجال من منازلهم ومن مدرسة تابعة للأمم المتحدة تؤوي المشردين، وأجبرها على خلع ملابسهم، و أجبرهم على الجلوس أو النقل.
وعندما تم استجواب المتحدثين الرسميين الإسرائيليين، زعموا أن المعتقلين كانوا أعضاء مشتبه بهم في حماس و تجاهلوا أوامر إسرائيل بالانتقال إلى جنوب غزة. وادعى الجيش الإسرائيلي، الذي كان من الواضح أنه يسيطر على المنطقة، أنه لا علاقة له بتوزيع صور مذهلة تظهر فلسطينيين يرتدون ملابس بالكاد يجبرون على الجلوس في التراب وسط برد ديسمبر بسبب الادعاء في حيازتهم أحزمة ناسفة. ذكرت وسائل إعلام عربية أنه بعد فترة سُمح للرجال بالعودة إلى عائلاتهم والمواقع التي أُخذوا منها.
ومن الواضح أنهم لم يكونوا من مقاتلي حماس. وكانت وسائل التواصل الاجتماعي مليئة بالتعليقات التي تقول إنه لم يستسلم أو يتم أسر أي مقاتل من حماس. علاوة على ذلك، علق الكثيرون بأن إسرائيل، التي لم تميز كثيرًا بين المدنيين والمقاتلين، من غير المرجح أن تتحفظ على قتل مقاتلين حماس التابعين لكتائب عز الدين القسام.
إذن، ما هو الغرض من هذه التمثيلية العسكرية الإسرائيلية؟
لغاية الآن من الواضح أن الجيش الإسرائيلي لم يحقق أيًا من أهدافه المعلنة. فلم يتم تدمر حماس ولم تنجح في تأمين إطلاق سراح أي رهينة ضد إرادة حماس، التي رحبت بعملية التبادل مع السجناء الفلسطينيين. فهل كانت هذه محاولة لتحقيق نصر رخيص؟ وهل كان الهدف هو إيصال رسالة للجمهور الإسرائيلي الغاضب مفادها أن الجيش هو الذي يتولى القيادة ويسيطر على المناطق الفلسطينية ويعتقل الفلسطينيين؟
تجريد الرجال الفلسطينيين وإذلالهم ليس بالأمر الجديد.
خلال الانتفاضة، تكرر هذا المشهد، حيث دخل الجنود الإسرائيليون إلى المنازل الفلسطينية وأمروا الرجال بالخروج، واجبروهم على تنظيف الشوارع من الركام، ومحي الشعارات المكتوبة على الجدران، وتم معاقبتهم بالجلوس لساعات بنفس الطريقة التي تعرض بها رجال بيت لاهيا للإذلال. وفي السنوات التي تلت اتفاقات أوسلو، ظل الجنود الإسرائيليون عمومًا بعيدون عن المدن الكبيرة المأهولة بالسكان، وخاصة في غزة، ولم تتمكن القوات من فعل مثل هذه الأمور المذله للفلسطينيين. والآن أتيحت لهم الفرصة، وأرادوا أن ينفذوا ويلتقطون صورًا وفيديو مثل هذه المشاهد المهينة.
عندما قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن السابع من تشرين الأول/أكتوبر لم يحدث من فراغ، كان يشير إلى سنوات الاحتلال الإسرائيلي والقهر والجهود المبذولة لإذلال الفلسطينيين عند نقاط التفتيش، وأثناء الاقتحامات، والاستيلاء على أراضيهم وممتلكاتهم.
قد يكون هذا ابراز للشعب الاسرائيلي السيطرة على الفلسطينيين أحد أهداف الاحتلال، لكن الدافع الآخر الأكثر شراً وراء تصرفات الجيش الإسرائيلي هو محاولة إذلال الفلسطينيين.
تعتبر إسرائيل أن حماس أذلت جيشها وأجهزتها الاستخباراتية، فضلاً عن المدنيين، في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وتريد الانتقام. يبدوا أن اسرائيل وجيشها غير راضٍ عن مقتل نحو 20 ألف فلسطيني في غزة، أكثر من نصفهم من الأطفال. ويبدو أن إسرائيل لم تكتف بتدمير المدارس والمخابز والمساجد والمستشفيات والعيادات والكنائس والجامعات والمنازل العادية. إنها تريد شيئاً يرضي الرغبة الإسرائيلية في الانتقام بقوة على الفلسطينيين لأنهم تجرأوا على تحديهم وتحدي جيشهم/استخباراتها الجبارة.
لكن الإذلال كسلاح له حدوده، ومن المؤكد أنه يؤدي إلى نتائج عكسية. وفي حين أن الجمهور الإسرائيلي قد يشعر بالنشوة عندما يرى رجالاً فلسطينيين يتعرضون للإهانة أو جندياً يدمر متجراً فلسطينياً للألعاب، فإن الناس في مختلف أنحاء العالم لديهم رد فعل معاكس. وبالنسبة للعائلات الفلسطينية لهؤلاء الرجال، وأصحاب ذلك المتجر الصغير، فإن مثل هذه التصرفات الإسرائيلية المهينة لا تثير سوى الغضب والكراهية، وفي نهاية المطاف، الرغبة في الانتقام.
اقرأ الأصل بالإنجليزية على موقع عرب نيوز هنا