أجواء الحزن تخيم على ضحايا البورصة

الرابط المختصر

اعتاد (ابو صهيب) ان يرافق ابناءه الخمسة قبل كل عيد الى الأسواق لشراء الملابس وحاجيات العيد ، ومن ثم الذهاب الى مزرعة احد الأصدقاء لشراء الأضاحي له ولأهله .
وها هو العيد واطفاله يسألونه كل يوم وساعة عن موعد الذهاب للسوق لشراء الملابس والألعاب الجديدة ولا يعلم بماذا سيجيبهم ، يسكت لبرهة وتكاد الدمعة تقفز من عينيه قبل ان يتمالك نفسه امام اطفاله ويجيبهم : فيما بعد ..فيما بعد .
هذا حال ابي صهيب وكثير من ضحايا البورصة الذين خسروا كل مدخراتهم واملاكهم ، وامسوا يجهلون مستقبلهم ومستقبل عائلاتهم، وجاء العيد ليثير الجرح ويعاود نزفه كما يصف ابو صهيب وضعه ويضيف :  لقد كنت دائما ميسور الحال بفضل الله ولم اشعر يوما بالحاجة بل على العكس كنت اساعد الكثير من اهلي واقاربي وبالطبع كان ابنائي يعيشون حياة مترفة وهانئة ولكن الخطأ الكبير او الكارثي الذي ارتكبته بحق نفسي واولادي بأن وضعت كل ما املك من مدخرات اضافة الى بيعي للعقارات التي املكها طمعا في مربح سريع وخيالي كما كانوا يقولون لنا فدمرت حياتي ومستقبلي ويبدو ان ما يتحدثون عنه بامكانية عودة اموالنا لنا ما هو الا كلام بهدف تخديرنا ولكنني في ذات الوقت الوم نفسي بالدرجة الأولى بأن وقعت في هذه المصيدة   .
ويكمل :   ولكن آكثر ما آلمني في حياتي انعكاسات هذا الخطأ الفادح على اطفالي لدرجة اعجز فيها الآن عن شراء ملابس العيد لهم بعد ان كنت اشتري ملابس العيد لكل الأقارب المحتاجين فهذا هو اول عيد حزين يمر علي وعائلتي   .
اما علياء    ام طارق   ألأم لثلاثة اطفال وهي مدرسة في احدى المدارس الثانوية باحدى محافظات الشمال فاعتبرت ان هذا اول عيد حزين وكئيب يمر عليها بسبب تداعيات البورصة التي ادت الى خسارتها لزوجها وبعدها عن اطفالها .
وقالت :  لقد كنت اعيش مع زوجي وابنائي حياة بسيطة جميلة بالرغم من ان وضعنا الا قتصادي لم يكن جيدا ولكننا كنا ندبر امورنا الحياتية اليومية بصعوبة ولكننا سعداء كعائلة بالرغم من الظروف المالية الصعبة الى ان زارني شقيقي الأكبر ذات يوم قبل عدة اشهر واقترح علي بيع مصوغاتي الذهبية التي كنت ادخرها لتعليم اطفالي لتشغيلها في   البورصة    واكد لي بأنني سأجني ارباحا طائلة خلال فترة بسيطة وستعود لي مصوغاتي الذهبية كما هي وقد وافقت على اقتراحه طمعا في جني مبلغ كبير اضعه في حساب اطفالي لتأمين مستقبلهم وما شجعني ايضا الحديث في كل مكان عن ارباح البورصة السريعة وما قامت به غالبية زميلاتي في المدرسة من وضع مدخراتهن في البورصة اضافة الى الحديث عن فتاوى تبيح هذا النوع من التجارة   .
وتضيف علياء   اضطررت الى اخفاء الأمر عن زوجي لأنني كنت متيقنة من رفضه بأن اتاجر بما املكه من الذهب واغامر به ، واقنعني اخي بأن احفظ الأمر سرا عن زوجي ولكن بعد ان خسر اخي كل امواله ومن ضمنها المبلغ الذي اعطيته له علم زوجي بالأمر وتفاقم الخلاف بيننا الى ان وصل الى الطلاق وها انا خسرت اموالي وزوجي واقضي العيد الآن في منزل اهلي بعيدا عن اطفالي وبيتي الذي خسرته واحاول بكل طريقة ان اعود الى زوجي   .
اما التاجر سائد ابو علي فاكد ان الأسواق تشهد حالة ركود غريبة هذه الأيام فالبرغم من موسم العيد الذي تمتلىء فيه شوارع عمان بالمتسوقيين عادة الا ان حالة من الهدوء والكساد تغلف السوق لدرجة انه كتاجر يقبع في محله الذي بييع ملابس الأطفال والملابس النسائية طوال النهار الى منتصف الليل الا انه لا يحظى بمشتر واحد في بعض الأحيان وهذا الكساد كما يصفه يحدث لأول مرة خلال الخمس سنوات الأخيرة منذ عمله بالتجارة .
ويقول :   ربما الأوضاع الأقتصادية الصعبة التي يعيشها المواطن هذه الأيام والمرتبطة بالوضع العالمي لها دور كبير في ركود السوق    لكنه يعتقد جازما بأن فئة متوسطي الدخل والذين يشكلون 99% من زبائن محله اغلبهم وضعوا كل اموالهم رغم محدوديتها في البورصة املا في تحسين دخولهم ولكن ما حدث اطاح بكل ما يملكون فأضحوا غير قادرين الآن على اطعام اطفالهم بالتالي نسوا او تناسوا مجبرين متطلبات العيد .
وتحدث التاجر ابو علي عن حال العديد من زملائه في التجارة الذين اقفلوا محلاتهم نتيجة الكساد والباقين منهم يناضلون كي لايخسروا اعمالهم فيقومون بعروض كبيع الملابس لبعض زبائنهم بالتقسيط الممل .