أبو خالد وجمال..رحلة بين الحاويات بحثا عن الحياة

الرابط المختصر

علب المشروبات الغازية، معدات معدنية أو أي قطعة يتوفر
فيها عنصر المعدن، يجمعها السبعيني أبو خالد من القمامة يومياً، وتحصيله المادي
منها يصل في أكثر أحواله إلى خمسة دنانير.

يبدأ أبو خالد رحلته يوميا من منطقة سكنه في الهاشمي
الشمالي حتى الشميساني وجبل الحسين، مشيا على الأقدام متكئا على عصاته، باحثا عن
قطع ومعدات يجمعها في كيس قماش مهترء، يرفعه على ظهره الهرم.

رحلة التعب والشقاء، لأجل "لقمة العيش"،
وتنتهي الرحلة بعودته إلى بيته، واليوم الثاني يذهب إلى بائع ليبيعه ما توفر من
رحلته الشاقة، بأسعار يجدها "مشجعة" للبحث يوما آخر عن الجديد في
الحاويات.وحال أبو خالد في حديثه مع التاجر أشبه بمفاوضات، تستمر حتى يصلا إلى سعر
يقنع الطرفين، ومن ثم يعود إلى بيته لشراء ما تحتاجه أسرته المكونة من أربعة
أفراد.

البسمة لم تفارقه اثناء حديثه رغم الحسرة التي بدت واضحة
في كلامه عن أسرته، ويقول أبو خالد " لدي أربعة أولاد واثنين منهما في
حالة صحية سيئة، واثنين سيئين يسكرون دائما، وأنا الوحيد الذي اصرف عليهم من خلال بحثي
اليومي بين الزبالة، لعلي أجد شيء أبيعه وأوفر قوت عائلتي، وعند عودتي إلى منزلي يبدأون
بمطالبتي بالمال (هاد سيدي مصاري) ولولا أولادي فأنا لست بحاجة إلى البحث بين
الحاويات".

يومياً، يبدأ أبو خالد رحلته مع حاوية الزبالة، سائرا مع
أشعة الشمس التي تقسو شيئا فشيئا عليه، وهي التي تركت آثارها على جبينه الأسمر.

يبحث أبو خالد عن صيد ثمين كما يتوقع دائما، "اجمع
علب البيبسي والمعادن، وكل ذلك العناء من اجل 3 دنانير يوميا، وفي بعض الاحيان اجد
بعض المعادن يصل سعرها إلى ما يقارب الخمس دنانير، ولكن كل ذلك لا يكفي مصاريف أسرتي".

لا يخفي أبو خالد ملله من العمل، وتعبه المستمر من المشي
لساعات، يقول: "مللت عملي، ولا استطيع ان اجلس في البيت، بدون عمل"،
واجداً أبو خالد مسيرة البحث عن القمامة فرصة له ليثبت أنه لا يزال يقوى على العمل
وأنه يسعي نحو لقمة العيش.

ويقول أبو خالد أنه دخل عالم البحث بين القمامة من قبل
أشخاص نصحوه بدخول هذا المجال، ومع هذا لا يستمتع بعمله، "غصبن عني". ما
الذي يغصبه على العمل، يجيب "حتى لا أمد يدي للناس".

فئة كبيرة في عمان باتت تعتاش على حاويات الزبالة، هي
عند البعض "كنز ثمين"، وآخرون كحال أبو خالد مجبر عليها لأن لا أحد
يساعده، ويرفض التصدق من أحد.

حال الشاب جمال يشابه حال أبو خالد فهو باحث أيضا عن قوت
عائلته، من خلال البحث المستمر بين أكياس القمامة، يقول: "أبحث يوميا عن رزقي
داخل حاويات الزبالة، وفي مناطق مختلفة".

"علب البيبسي وكافة أنواع العلب والقطع المعدنية،
أحذية قماش، لا يهم فالمهم هو ما يكون قابل للبيع".

ويتابع جمال "لقلة العمل هذه الأيام، ابحث بين
محتويات الزبالة".

وماذا عن تحصيله اليومي من الأموال؟ يجيب "اجني
يومياً من 5 إلى 6 دنانير، حتى أتمكن من الصرف على عائلتي". وفي بعض الأحيان يأخذ
ما يراه مناسبا إلى بيته "وهي غالبا ملابس وأحذية".

ويقسم جمال الحاجيات التي يجدها إلى أنواع، وعلى ثلاثة "شوالات"
يشرح "شوال أضع فيه علب البيبسي وشوال
للمعادن، وشوال للملابس والأحذية".

حكاية أبو خالد وجمال ليست غريبة أو مختلفة، فحالهما
يشابه حال المئات من المهمشين الباحثين عن لقمة العيش في الحاويات، تجدهم يسيرون
بين الأحياء والشوارع العامة، وكأنهم رّحل لا يوقفهم سوى التعب والإرهاق الذي
يعيشونه من حملهم للأكياس الممتلئة بأي قطعة يجدونها في الحاويات، وتستدعيهم
الحاجة إلى القفز داخل الحاوية لأجل التقاط ما وقعت عيونهم عليها.

أضف تعليقك