أبوحمّور: الآثار الاجتماعية للجوء بحاجة إلى دراسة متخصصة

أبوحمّور: الآثار الاجتماعية للجوء بحاجة إلى دراسة متخصصة
الرابط المختصر

دعا مدير عام دائرة الشؤون الفلسطينية ومستشار رئاسة الوزراء سابقاً الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد القطناني إلى وضع خطة اقتصادية اجتماعية شاملة، بالتعاون مع القطاع الخاص، ودعم الدول الصديقة والمتبرعة، وتشجيع الاستثمار، لتجاوز مشكلات اللجوء وتداعياته.

 

وقال خلال لقاء أقامه منتدى الفكر العربي أمس، ناقش خلاله الآثار الاقتصادية والاجتماعية للجوء والنزوح القسري على الدول المستقبِلة (الأردن حالة دراسية)، وأداره أمين عام المنتدى الدكتور محمد أبو حمّور.

 

واستعرض القطناني مشكلة اللاجئين والنازحين، مؤكدا أنها "مستمرة لعقود طويلة منذ بدأت الموجة الأولى العام 1948، بالهجرة القسرية للفلسطينيين ثم تلتها موجة ثانية بعد الحرب العربية الإسرائيلية العام 1967، وتفاقمت بعد احتلال العراق العام 2003، ثم بلغت ذروتها في الوقت الحاضر حين أُجبر ملايين السوريين على ترك وطنهم".

 

وأشار إلى أنه "خلال هذه الفترة حدثت هجرات متتالية من بلاد عربية أخرى مثل اليمن وليبيا والسودان والصومال بسبب الحروب الأهلية وغير الأهلية التي ما تزال ساخنة في معظمها، وأن الأردن كان منذ البداية مستقبلاً لموجات اللجوء".

 

وقال القطناني إن الأردن "استقبل من الفلسطينيين بعد العام 1948 لاجئين بلغ عددهم حسب إحصاءات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" أكثر من مليوني لاجئ مسجلين، وبعد العام 1967 استقبل ما يفوق 300 ألف نازح من الضفة الغربية وقطاع غزة".

 

 

ولفت إلى أن إمكانات الأردن المحدودة جعلته يعاني وما يزال من الضغوط لهذه الموجات من اللجوء على موارده المحدودة من المياه والخدمات الصحية والتعليمية؛ حيث بدأت نسب النمو في الانخفاض، وزاد الفقر المطلق بين المواطنين، واستمرت العجوزات في الموازنة وميزان التجارة، ونمت نسبة البطالة نتيجة التنافس بين المواطنين واللاجئين على الوظائف المحدودة المتاحة.

وأضاف أنه "بسبب التنافس على الأرض والمساكن، ارتفعت أسعار الأراضي والشقق، وتسببت زيادة الطلب الكلي (بما في ذلك الإنفاق الحكومي) في زيادة الأعباء الضريبية والأسعار، وازدادت التحديات للمحافظة على الأمن والمخاطر، جراء اختلال النسيج الاجتماعي وأثر ذلك على الاستقرار والأمن".

 

وأشار القطناني إلى دراسة لوزارة التخطيط والتعاون الدولي قدرت التكلفة الاقتصادية غير المباشرة للأزمة السورية بين 2013-2016 بما يقارب 12,37 مليار دولار أميركي، كما قدرت الحكومة أن التكلفة الحقيقية لاستضافة اللاجئين السوريين (بما في ذلك تكلفة المياة والكهرباء) تقارب 3 آلاف دولار لكل شخص في العام، وأن عدد المسجلين من اللاجئين السوريين يبلغ 630,776 شخصاً من أصل حوالي 1,4 مليون لاجئ.

 

 

كما لفت إلى تصريحات رسمية بأن الأردن يتلقى فقط 35% من التكلفة كمساعدات خارجية لاستضافة اللاجئين، وأن نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي ارتفعت لتقارب 95%، فضلاً عن ارتفاع نسبة البطالة، وتزايد الضغط على البنية التحتية والخدمات، ومنها زيادة الطلب على المياه بنسبة 40%، والرعاية الصحية، وارتفاع إيجارات المساكن بنسبة تقدر بـ300% في المدن والقرى، كما ارتفعت البطالة لدى الشباب بنسبة 30 %.

 

بدوره اكد أمين عام المنتدى الدكتور محمد أبو حمّور ان الانكماش الاقتصادي يتطلب رفع معدل النمو بالاستثمارات، وأن الإصلاح الضريبي، وتحسين البيئة الاستثمارية والتشريعية المتعلقة بالاستثمار وجعلها بيئة جاذبة وغير طاردة، وتشجيع الاستثمار في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، والشراكة الكفؤة بين القطاعين العام والخاص، هي منافذ ضرورية للحلول بشأن الأزمة الاقتصادية بما فيها أزمة اللجوء التي زادت الأعباء على الاقتصاد الأردني. وقال: إن تراجع معدلات النمو الاقتصادي مقابل تزايد معدلات النمو السكاني بسبب اللجوء أدى إلى تراجع مستوى معيشة المواطنين.

 

 

 

وأضاف د. أبوحمّور أن قضية اللجوء تكتسب أهمية خاصة على المستوى الإقليمي والدولي بسبب وجود حوالي 14 مليون لاجىء في الوطن العربي، كما أنها قضية تشغل دولاً أوروبية استقبلت أعداداً متفاوتة من اللاجئين نتيجة تداعيات الربيع العربي، ويعد الأردن صاحب ثاني أكبر نسبة في العالم من نِسب استضافة اللاجئين مقارنةً مع عدد مواطنيه.

 

 

وأشار د. أبوحمّور إلى أن التعداد العام للسكان في المملكة لعام 2015 أظهر أن عدد اللاجئين السوريين يبلغ ما يقارب 1,4 مليون لاجىء أو ما نسبته 20% من عدد السكان الإجمالي في الأردن، وأن ذلك ترك آثاراً اقتصادية واجتماعية وبيئية في الأردن شملت تراجع النمو الاقتصادي، ومجال التعليم، والضغط على البنية التحتية، وهذه الآثار أوجدت تحديات تُضاف إلى ظروف اقتصادية عانى منها الأردن قبل تدفق اللجوء وتحتاج إلى معالجات حثيثة لأنها ترتبط بالاستقرار في المنطقة ككل. ودعا إلى دراسة علمية متخصصة لكل هذه المعطيات ، بما في ذلك الآثار الاجتماعية والكُلف غير المباشرة للجوء، مع عدم إغفال الجوانب الإيجابية وتقييم الآثار السلبية بشكل واقعي يستشرف المستقبل، ويأخذ بالاعتبار أن منظمات الأمم المتحدة تقدر معدل استمرار اللاجىء في وضعه الحالي فترة جيل كامل قبل أن يعود إلى الاستقرار.

 

 

وقال د. أبوحمّور: إن النمو الاقتصادي في الأردن كان خلال النصف الأول من عام 2015 يبلغ 2,2%، أي ما يعادل تقريباً النمو السكاني الطبيعي في الأردن. فإذا أخذنا بالحسبان النمو السكاني غير الطبيعيالمتمثل باللجوء السوري، والذي يعادل 5%؛ فمعنى ذلك أن النمو الاقتصادي في الأردن ينبغي أن يكون 7% تقريباً وهو ما لم يتحقق حتى الآن، وهذا في الوقت الذي ارتفعت فيه نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 95%، ونسبة البطالة تصل إلى حوالي 15,8%. لكن في المقابل هناك بيانات وطنية – حسب دراسة لمركز كارنيغي للشرق الأوسط عن اللجوء السوري في الأردن – تشير إلى أن الانخفاض في العمالة الأردنية خلال الأعوام 2010-2013 حدث في أسواق العمل التي لم توظف أعداداً كبيرة من اللاجئين السوريين، كما شهد الأردن خسارة للوظائف في القطاع الرسمي نتيجة الاندماج المالي. وأن القطاعات غير الرسمية التي يعمل فيها أغلب السوريين (مثل البناء؛ تجارة الجملة والتجزئة؛ الصناعة؛ السكن والخدمات الغذائية)، شهدت نمواً في العمالة الأردنية خلال 2010-2013.

 

 

وأوضح د. أبوحمّور أنه قبل اللجوء السوري كان الاقتصاد الأردني متأثراً بتداعيات الأزمة المالية العالمية 2008، وتراجع الاستثمار الأجنبي المباشر والتدفق الرأسمالي الخاص، عدا تداعيات الانكماش الاقتصادي في الإقليم عموماً، والأزمات التي أصابت شركاء الأردن التجاريين، ونتج عنها اضطرابات تدفق الغاز الطبيعي، والإمدادات النفطية وتذبذب أسعارها، وانخفاض تحويلات المغتربين، وتقييد الصادرات.

 

أضف تعليقك