أبناء الأردنيات.. حقوق أقل بثمن أعلى!

 

تساؤلات كثيرة دارت في رأس أيهم* (19 عاما)، حينما طلب منه المحاسب على شباك دائرة السير في عمان مبلغ 154 دينارا رسوم استصدار رخصة قيادة. أحضر معه 38 دينارا فقط، لأن صديقه كان قد دفع هذا المبلغ حينما أجرى نفس المعاملة قبله بوقت قصير. بماذا يختلف صديقي عني؟ فأنا وهو ولدنا في ذات السنة في عمان، ونتكلم نفس اللهجة، وكم أنشدنا السلام الملكي وأدينا تحية العلم في طابور المدرسة سويا. يتحسر أيهم، ويسأل المحاسب ثانية عن المبلغ المطلوب. كان رده "أعتذر منك أنت لست أردنيا" فقال له: أنا من أبناء الأردنيات. رد عليه: ليسوا مواطنين أردنيين. 

 

يدفع أبناء الأردنيات المقيمون في المملكة رسوما أعلى من المواطن العادي عند استخراج الاوراق الرسمية وتصديقها، وعند تجديد الرخصة كما حصل مع أيهم في دائرة السير. 

الحال لا يختلف لدى محمد* (21 عاما). حينما أنهى الثانوية العامة قرر السفر لإكمال تعليمه في الخارج. ذهب إلى وزارة الخارجية لتصديق أوراقه، وكانت الرسوم  خمسة دنانير، بينما يدفع الأردني "المواطن" دينارين فقط. "هم يعتبروننا أجانب"، قال محمد وهو محبط. 

لا توجد أرقام حديثة عن أعداد أبناء الأردنيات في المملكة، لكن وزارة الداخلية الأردنية كانت قد صرحت في 2014 بوجود  أكثر من 355 ألف ابن وابنة غير أردنيين لأمهات أردنيات.

يعانون من قصور شديد في تحصيل الحقوق والخدمات الأساسية، وتقيد السلطات حقهم في العمل والتملك والسفر من الأردن والعودة إليه، وفي الحصول على التعليم والرعاية الصحية الحكوميَّين، بحسب تقرير صدر عن "هيومن رايتس ووتش"، وهي منظمة غير حكومية، غير ربحية لحقوق الإنسان. 

واقع دفع العديد من الأردنيات المتزوجات من غير أردنيين، للمطالبة بحقوق أبنائهن من خلال حملات واعتصامات، مثل حملة "أمي أردنية"  وائتلاف "حقي عائلتي". 

ونتيجة لذلك، صدر قرار مجلس الوزراء عام 2014، بتخفيف القيود على أبناء الأردنيات ومنحهم بعض التسهيلات والامتيازات.

لكن تلك التسهيلات كانت محدودة ولم تلبِ طموح أبناء الأردنيات، كما يرى منسق حملة "أمي أردنية" رامي الوكيل: "المزايا والتسهيلات في جوانب معينة وليست شاملة. مثلا التعليم الأساسي والثانوي يعاملوا معاملة الأردني، ولكن في التعليم الجامعي، يتم حجز 150 مقعدا فقط في الجامعات الحكومية لأبناء الأردنيات على نظام التنافس، والباقي يتم تسجيلهم في الجامعات كأجانب على نظام الموازي".

واضاف "في ملف الصحة يعامل أبناء الأردنيات حتى عمر 18 عاما مثل الأردنيين، لكن بعد ذلك يعاملون معاملة الأجانب"

 

"تم إعطاء أبناء الأردنيات حزمة حقوق المواطنة، مثل حق الإقامة، والعمل، والتعليم، والعلاج، ولكن ليس المشاركة السياسية"، هذا ما أشارت له الناشطة الحقوقية إنعام العشا. الحزمة بنظرها "ليست سيئة"، لكنها خطوة أولى في طريق الحد من المتاعب والصعوبات التي يواجهها أبناء الأردنيات المتزوجات من غير أردنيين.

 

المعاملة

أبناء الأردنيات

أبناء غزة

المواطنون

رخصة قيادة 

15 سنويا

15 سنويا

3 سنويا 

جواز سفر (صلاحية 5 سنوات)

كل فرد حسب جنسيته من سفارة بلده التجديد

200 

50 

تنازل العقارات 

لا يوجد إعفاء  

لا يوجد إعفاء 

إعفاء لمرة واحدة وحسب مساحة الشقة 

رسوم إقامة

30 دينار عن الفرد 

إعفاء كامل

إعفاء كامل

تصديق الأوراق من وزارة الخارجية

5 دنانير/ورقة 

5 دنانير/ورقة 

2 دينار/ورقة

فحص طبي من اجل الاقامة

85 

اعفاء كامل

اعفاء كامل

جدول يوضح فرق الرسوم المفروضة (بالدينار الأردني).

 

مخالفة للدستور

يحدث التمييز بحق أبناء الأردنيات، رغم أن الدستور كفل لأمهاتهم حق المساواة حينما نص في المادة (6): "الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أوالدين". 

وأكد على هذا الحق، الميثاق الوطني الأردني "الأردنيون رجالا ونساء أمام القانون سواء، لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين". 

كما أن هناك تعديلات دستورية دخلت حيز التنفيذ، بعد نشر مشروع تعديل الدستور الأردني لسنة 2022، بالجريدة الرسمية في عددها (5770). وشمل التعديل الرابع عشر للدستور الأردني منذ عام 1952 (25) مادة، إضافة إلى تضمين كلمة "الأردنيات" إلى عنوان الفصل الثاني من الدستور ليصبح: "حقوق الأردنيين والأردنيات وواجباتهم"، وفقا لما أقره مجلس الأمة بشقيه الأعيان والنواب مطلع 2022. 

 

مع ذلك، ما زال أبناء الأردنيات يعانون من تمييز القوانين ضد أمهاتهم، وما يترتب على ذلك من حرمانهم من الوصول إلى الخدمات الأساسية والفرص، مثل الأردنيين الذين يعيشون معهم. 

قوانين اعتبرت المحامية والناشطة في حقوق المرأة إنعام العشا أنها مخالفة للدستور حتى بعد إجراء التعديلات عليه "الدستور هو أعلى قمة الهرم القانوني، والأصل أن القوانين أقل منه درجة لا تخالفه، ولكن بعد التعديل الدستوري أصبح النص مخالفا للدستور (..) ومعنى ذلك أن أي نص فيه تمييز أو تحيز أو عدم مساواة بين الأردنيين والأردنيات لابد من إعادة النظر به". 

 

الجنسية.. لوقف التمييز

الحل يكمن بإعطاء حق الجنسية لأبناء الأردنيات للتمتع بالحقوق المدنية والسياسية كافة، كما يرى رياض الصبح، مستشار في مجال حقوق الإنسان. ويضيف: "قضية أبناء الأردنيات تطرح كقضية من منظور سياسي اجتماعي وليس من منظور حقوقي".

لكن العشا عبرت عن أملها  بإعادة النظر في قانون الجنسية الأردني لأنه "لا يوجد بديل للجنسية يضمن الحقوق ويحدد الواجبات، قانون الجنسية هو رابطة وعلاقة مواطنة بين الشخص والبلد الذي عاش وتربى فيه".

وإلى حين ولادة حل ينصف هذه الفئة، سيبقى أيهم وغيره من أبناء الأردنيات، يعيشون في بلد يعتبرونه وطنا، لكنهم سرعان ما يشعرون بالحزن حينما يواجهون مواقف تكشف التمييز بحقهم. يختم أيهم: "إحنا سكان هالبلد، إحنا مواطنين بالانتماء مش على الورق".

 

أضف تعليقك