"أبناء الأردنيات"..مواطنون لا يملكون حق المواطنة الفعلية

 (أمي أردنية وجنسيتها حق لي، انا اردنية ولن أتوقف عن المطالبة بحقي في منح جنسيتي لابنائي، الأردنيون سواءً أمام القانون)، هكذا كانت الشعارات المطالبة بحقوق أبناء الأردنيات المتزوجات من غير أردنيين.

 

الدستور والجنسية

                                       

نص الدستور الأردني في المادة (6): "الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أوالدين".[1]

وقد جرت تعديلات دستورية دخلت حيز التنفيذ، بعد نشر مشروع تعديل الدستور الأردني لسنة 2022، بالجريدة الرسمية في عددها (5770). وشمل التعديل الرابع عشر للدستور الأردني منذ عام 1952 (25) مادة، إضافة إلى تضمين كلمة "الأردنيات" إلى عنوان الفصل الثاني من الدستور ليصبح: "حقوق الأردنيين والأردنيات وواجباتهم"، وفقا لما أقره مجلس الأمة بشقيه الأعيان والنواب مطلع 2022.[2]

وأكد على هذا الحق، الميثاق الوطني الأردني "الأردنيون رجالا ونساء أمام القانون سواء، لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين. [3]

أمل سيدة اردنية وهي ام لاربعة ابناء تزوجت من رجل لا يحمل الجنسية الأردنية وهو مقيم بالأردن منذ ولادته، تروي لنا صعوبات واجهت أسرتها ((انا اردنية والبي جميع حقوق الوطن على مثل الرجل الاردني، وأبنائي يشعرون بأنهم أردنيون، ولكن عندما يصطدم الأمر بالتعليم فعلينا أن ندفع الرسوم الجامعية مساواة ب غير الأردني، وحتى الصحة ابنائي لا يستطيعون العلاج بالمستشفيات الحكومية مثل الأردني)) [4]

قانون الجنسية 

تُشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني “تضامن” الى أن الجنسية الأردنية منظمة بالقانون وهو قانون الجنسية الاردنية وتعديلاته رقم 6 لسنة 1954[5] وحدد هذا القانون الحالات التي يعتبر بها الشخص أردني وخاصة في المواد 3 و8 و 11 منه، وهذا ما جاء في المادة رقم 9 من نفس القانون “اولاد الأردني اردنيون اينما ولدوا”، بينما لم يعتبر أبناء الأردنيات أردنيون أينما ولدوا وخاصة في حالات زواجها من غير أردني، الا ان القانون سمح لغير الأردنيين بالحصول على الجنسية الاردنية من خلال طلب التجنس الذي تحكمه شروط حددها القانون.[6]  

النص مخالف للدستور

 

كما أن هناك قوانين اعتبرتها المحامية والناشطة في حقوق المرأة إنعام العشا مخالفة للدستور حتى بعد إجراء التعديلات عليه "الدستور هو أعلى قمة الهرم القانوني، والأصل أن القوانين أقل منه درجة لا تخالفه، ولكن بعد التعديل الدستوري أصبح النص مخالفا للدستور (..) ومعنى ذلك أن أي نص فيه تمييز أو تحيز أو عدم مساواة بين الأردنيين والأردنيات لابد من إعادة النظر به". [7]

 

احصائية

ان عدد ابناء الاردنيات المتزوجات من غير أردني غير معروف بدقة، حيث لا يوجد أرقام حديثة عن أعدادهم في المملكة، كما ذُكر في تقرير صدر عام 2018 عن "هيومن رايتس ووتش"، وهي منظمة غير حكومية، غير ربحية لحقوق الإنسان " صرحت وزارة الداخلية في 2014 بوجود  أكثر من 355 ألف ابن وابنة غير أردنيين لأمهات أردنيات وآباء أجانب.[8]

 

تسهيلات وامتيازات 

 ليث اسم مستعار ل شاب يبلغ من العمر 19 عام وهو من ابناء الاردنيات من ابناء غزة يعبر عن قلقه: (انا امتلك جواز سفر مؤقت لأبناء غزة واستصدرت بطاقة أبناء أردنيات ولكن هذا لايعني ان جنسيتي اردنية ،بالرغم انني لا اعرف وطنا غير الاردن، فعندما سافرت الى الخارج كانوا يعتبرونني اردنيا وكل معاملاتي جميعها اني اردني حتى انني  تنافست على مقاعد الدراسة مع الطلبة الاردنيين، نحن نواجه صعوبات في كل نواحي الحياة ؛ لذا فإنني أفكر بالهجرة للحصول على جنسية؛ فاانا لا استطيع الحصول على الجنسية من والدتي ).[9]

 

وأضاف تقرير "هيومن رايتس ووتش" ( عام 2014 نتيجة المطالبات العديدة من الأردنيات المتزوجات من غير أردنيين بحقوق أبنائهم من خلال حملات واعتصامات، مثل حملة "أمي أردنية" وائتلاف "حقي عائلتي[10] أدخلت الحكومة تسهيلات وامتيازات والتي جاءت بناءا على قرار مجلس الوزراء ، ومن ضمن التسهيلات التي منحتها الحكومة. الايعاز بتفعيل بطاقة تعريفية لأبناء الأردنيات المتزوجات من غير الأردنيين حيث أصدرت الجهات المعنية ما يزيد عن 72 ألف بطاقة تعريفية في عام 2018 لأبناء الأردنيات ، لكن حوالى80 في المئة من المعنيين لم يحصلوا عليها، وهنالك عقبة الحصول على المستندات الخاصة بهم\نّ للتقديم من أجل الحصول على البطاقة التعريفية.. [11

أضافت امل والضيق يملأ كلماتها ((هوية أبناء الأردنيات لم نستفيد منها، اذكر في احدى المرات دخلت المستشفى ولم يستطع أبنائي التبرع بالدم لي13  بالرغم من انهم يمتلكون هوية أبناء الأردنيات؛ بسبب أنهم ليسوا أردنيين))  

محمد شاب عمره 22 عام وهو من ابناء الاردنيات يصف الامتيازات التي منحت لهم ((نحن أبناء الأردنيات نشعر بالظلم الواقع علينا بحرماننا من حقوقنا والتي تحولت من حقوق أساسية ومشروعة نص عليها الدستور الأردني إلى قطعة بلاستيكية صفراء لا تسمن ولا تغني من جوع أو ما اسموها مزايا تُرك تنفيذها لمزاجية الموظفين في مختلف الدوائر))

 

الاتفاقيات الدولية والحقوق العالمية

 الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ((لكلِّ إنسان حقُّ التمتُّع بجميع الحقوق والحرِّيات المذكورة في هذا الإعلان، دونما تمييز من أيِّ نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدِّين، أو الرأي سياسيًّا وغير سياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أيِّ وضع آخر، وفي المادة 15 من الإعلان يحق لكل فرد أن تكون له جنسية. [14]

الحل يكمن بإعطاء حق الجنسية لأبناء الأردنيات للتمتع بالحقوق المدنية والسياسية كافة، كما يرى رياض الصبح، مستشار في مجال حقوق الإنسان. [15]

الأردن ملزم بعدم التمييز ضد النساء وفق الاتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة في مادتها الـ9، البند الثاني، والتي تقول: "تمنح الدول الأطراف المرأة حقًا مساويًا لحق الرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالهما".[16]





 

الجنسية.. لوقف التمييز

بناءا على دراسة نُشرت لمركز المعلومات والبحوث- مؤسسة الملك الحسين في عام 2019"يعتبر التمييز بالمواطنة أحد أبرز قضايا التمييز المبني على النوع الاجتماعي في الأردن [17] “.

 تعريف التمييز المبني على النوع الاجتماعي بحسب الامم المتحدة " أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد على أساس النوع الإجتماعي ويكون من آثاره أو أغراضه، توهين أو إحباط الاعتراف للمرأة بحقوق الإنسان ..يحدث التمييز المباشر عندما تتعرّض المرأة إلى التمييز على أساس الجنس والنوع الإجتماعي وعلى أساس العرق أو المركز في المجتمع أو عوامل محدِدة أخرى، يقع التمييز بحكم القانون عندما يتضمّن نص قانون ما أو سياسيات ما أحكامًا تمييزيةً، و   يحدث التمييز بحكم الواقع عندما لا يتّصف القانون بعينه أو السياسات بعينها بالتمييز، إنما يؤثر تنفيذهما وأعمالهما سلباً على المرأة. ويمكن أيضاً أن ينجم التمييز بحكم الواقع عن ممارسات ذات نطاق أوسع كالثقافة والتقاليد والقوالب النمطية التي تحرم المرأة من حقها في المساواة وفي التمتع بحقوقها. [18] "

عند الاطلاع على التقرير السنوي الخاص 2021 لدائرة الاحوال والجوازات المدنية نرى في خانة معاملات الجنسية تجنس زوجات ولم يتم ذكر ل تجنس ازواج الاردنيات او ابنائهم.[19]

 

واقعات الطلاق حسب جنسية المطلق 20  / 21 

إن زواج النساء الأردنيات من غير الاردنيين، دون وجود قوانين تحمي أبنائهن وتمنحهم جنسية أمهاتهم، تزيد من المعاناة لهن ول أسرهن وتشكل أعباء اقتصادية واجتماعية وأحيانا الى مشاكل اسرية ربما تؤدي إلى الطلاق والتفكك الأسري

 

الجنسية

2020

2021

فلسطيني

183

241

مصري

46 

77 

سوري

53

64  

سعودي 

22 

49   

عراقي

17

26    

امريكي

4   

19    

جنسيات اخرى

51 

78    

المجموع

376

554



 

الميزات لا تُعد قانون

المرأة الأردنية لم تحصل على حقوق كاملة مثل الرجل الاردني، وإنما حصلت على بعض الميزات التي لا تعد قانون، مما يجعلها ممكنة الإلغاء في أي وقت.

بطبيعة الحال، يؤدي المنع والتقييد الشديد على هذا الحق إلى انعكاسات سلبية على الحياة الاجتماعية والعملية للأسر والأبناء، فمعظمهم ما زال يعاني لتجديد إقاماتهم والحصول على رخصة عمل، الرعاية الصحية الحكومية، والتعليم الحكومي، والتملك والاستثمار وحتى الحصول على رخصة قيادة. فإلى حد بعيد، ولأن قرار مجلس الوزراء لا يمكنه أن يحل محل القوانين والأنظمة القائمة، تستمر الهيئات الحكومية الأردنية في إخضاعهم لنفس القوانين والأنظمة الحاكمة لتقديم الخدمات لغير المواطنين بحسب التقرير الصدر عن "هيومن رايتس ووتش"، [22]"

 

الجنسية الأردنية لا تتناقض مع حق العودة

في تقرير هيومن رايتس ذكر "أن غالبية الأردنيات المتزوجات من مواطنين أجانب متزوجات من فلسطينيين غير حاصلين على الجنسية الأردنية ولهم أوضاع قانونية مختلفة في الأردن. لذا، فإن حجة الساسة والمسؤولين المحليين الأساسية ضد إلغاء هذه السياسة التمييزية هي الزعم أن إلغاء هذه القواعد يقوض جهود المبذولة لقيام الدول الفلسطينية ويغيّر التوازن الديمغرافي في الأردن.23"

وفقًا لأحكام اتفاقية وضع اللاجئين لسنة 1951، فإن التوطين يفقد اللاجئ مركزه القانوني كلاجئ، إلا أن هذا لا ينسحب على اللاجئ الفلسطيني، فتجنسه بأية جنسية أخرى لا تزيل عنه صفة اللجوء؛ إذ أن للاجئ الفلسطيني مركز قانوني مختلف وفقًا للقانون الدولي، بل أنه مستثنى من ولاية اتفاقية سنة 1951 التي نصت على أنه: «لا تنطبق هذه الاتفاقية على الأشخاص الذين يتمتعون حاليًا بحماية أو مساعدة من هيئات أو وكالات تابعة للأمم المتحدة غير مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين»24، ومن المعروف أن هذا لا ينطبق واقعيا إلا على اللاجئ الفلسطيني المسجل في وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى الأونروا. 

"فحق العودة حق أصيل وثابت لا يتقادم ولا يمكن التنازل عنه، وهو ما يضمنه القرار الصادر عن الأمم المتحدة سنة 1948 رقم 194، وتعترف به اتفاقيات حقوق الإنسان، وحق تقرير المصير.25"

أن المخاوف التي تبرر بها الحكومة موقفها تقف سدا منيعا أمام حصول النساء على الحق في المعاملة أسوة بالرجال فيما يخص حصول ابنائهن على الجنسية.

وتختم امل ((لا نزال ننتظر تطبيق قرارات تمنحنا حقا انسانيا، وتحقق أمل ابنائنا في العيش بكرامة)).

 

*"هذا التقرير أنجز بدعم وإشراف مركز حماية وحرية الصحفيين".

 

أضف تعليقك